بقلم- هشام رمرام
ابتداء من اليوم، لن يكون في إمكان أقاربه ولا أصدقائه ولا زملائه الاستمتاع بالحديث معه أو الإنصات إليه.
الموت غيبه عنا إلى الأبد، كما سيغيبنا جميعا، كل حسب أجله، إلى متوانا الأخير.
مديح، المدرب والمربي والإنسان، يفارق الحياة صباح الأحد بمنزله بشارع غاندي بالدارالبيضاء، بعد صراع مع المرض، وهو يترك في نفس كل من يعرفه، أثرا سيطيل بقاءه في أذهاننا.
عاش متواضعا، يكره التصنع والتباهي. لحظة ضعفه الإنساني، التي فرضها عليه المرض، فضل أن يعيش معاناتها في صمت رفقة دائرة ضيقة من عائلته وأقاربه.
مديح ابن حي العنق، الذي سافر إلى بلجيكا لدراسة الطب، قبل أن يستهويه التكوين الأكاديمي في مجال التدريب، فضل الأكاديمية البلجيكية لتكوين الأطر الرياضية على كلية الطب، بالعاصمة بروكسل، ليعود منها إلى المغرب محملا بشهادة محترمة وبزاد معرفي في كرة القدم، فتح أمامه باب احتراف التدريب.
كان يتفادى الواجهة ما أمكن له ذلك. في عز مجده الرياضي، مدربا، كان حريصا على أن يظل متواضعا.
ذهبية الألعاب الفرنكفونية بأوتاوا الكندية ولقبا كأس العرش والبطولة مع أولمبيك خريبكة، ومثلهما مع الجيش الملكي، وتأهل إلى أولمبياد أثينا، كلها إنجازات لم تنس الرجل الاعتراف بمجهود الجماعة، التي كان هو قائدها.
كان لي الشرف أن أعيش مع مديح ثلاث تجارب عن قرب.
الأولى بأوتاوا وهول الكنديتين، خلال دورة الألعاب الفرنكفونية، حيث قاد جيلا يتشكل من نبيل مسلوب وعمر الشارف وعلي بواب وأسامة السعيدي وحمادي الزهاني وحسن المعتز ومحمد أرمومن وسعيد الخرازي وأسماء أخرى، نحو التتويج بذهبية الألعاب.
التجربة الثانية هي تصفيات المنطقة الإفريقية الخاصة بالألعاب الأولمبية أثينا 2004.
أما ثالث تجربة عشتها عن قرب مع الراحل فكانت لمناسبة تتويج أولمبيك خريبكة بأول لقب للبطولة في تاريخه وكان ذلك في موسم 2006-2007، إذ كان علي أن أقضي، رفقة طاقم تصوير، أسبوعا مع الفريق، بمدينة خريبكة، لنسجل لحظة بلحظة ما تعيشه مكونات الفريق الخريبكي طيلة الأيام، التي تسبق موعد مباراة التتويج.
في السنوات الثلاث الأخيرة لم يكن يخف سعادته بالعمل رفقة المنتخبات الوطنية للفئات الصغرى.
كان يعتبر التجربة التي راكمها وهو في عقده السادس انه حان الوقت لاستثمارها في مجال تكوين نخبة شباب الكرة المغربية وهو ما لم يتوان في التعبير عنه خلال آخر حوار لي معه، قبل نحو عام، بالمركز الوطني المعمورة.