كاتالونيا والصحراء والوجه الآخر لإسبانيا

كاتالونيا والصحراء والوجه الآخر لإسبانيا

المغرب الرياضي  -

كاتالونيا والصحراء والوجه الآخر لإسبانيا

بقلم ـ ادريس الكنبوري

تواجه إسبانيا أكبر محنة في تاريخها الحديث منذ انهيار النظام الدكتاتوري والانتقال إلى الديمقراطية والتوافق على دستور وطني عام 1978 يرسم القواعد والأسس القانونية والسياسية والمالية لتعايش الأقاليم في إطار دولة مركزية تسمح بحكم محلي محدود للقوميات، فالاستفتاء الذي نظم في إقليم كاتالونيا يوم 1 أكتوبر الجاري، وأيد فيه نحو 90 بالمئة من الناخبين قرار الاستقلال عن مدريد، يعد أكبر تحد يواجه الدولة خلال العقود الخمسة الأخيرة، وتداعياته السياسية على الأقاليم الأخرى قد تكون كارثية على مستقبل إسبانيا، لأن النزعة الانفصالية لن تقف عند إقليم كاتالونيا بل ستتعداه إلى القوميات الأخرى.

حكومة مدريد اتخذت الإجراءات التي يسمح بها الدستور للحيلولة دون تنظيم الاستفتاء، وأصدرت المحكمة العليا قرارا يحظر الاستفتاء الذي أقره برلمان الإقليم بحجة أنه يخرق الدستور. وأمام تصلب الحكومة المحلية لكاتالونيا، تدخلت مدريد باستخدام القوة لعرقلة الاقتراع، ما خلف عددا كبيرا من الجرحى. وبالرغم من إعلان الإقليم نتائج الاقتراع الذي انتصر لخيار الاستقلال، اعتبر رئيس الحكومة المركزية ماريانو راخوي أن الاستفتاء “لم يتم” وأن دولة القانون فرضت نفسها.

لكن الزلزال الذي تعيشه إسبانيا حاليا، والذي قد يشهد فصولا أكثر خطورة في الأيام القادمة، يعيد إلى الواجهة موقف مدريد التقليدي من نزاع الصحراء بين المغرب من جهة، والجزائر وجبهة البوليساريو من جهة ثانية، ففي الوقت الذي تعلن تأييدها لما تسميه “حق تقرير المصير للشعب الصحراوي” منذ النصف الثاني من السبعينات، نجدها تتدخل باستعمال وسائل العنف ومختلف أساليب الضغط ومحاولات التفاوض مع دعاة الانفصال في كاتالونيا، للحيلولة دون وقوع السيناريو الذي يخيف القادة الإسبان.

وغداة تنظيم الاستفتاء والإعلان عن نتائجه التي رفضتها مدريد، سارع المغرب عبر الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى عدم مناقضة الموقف الرسمي للحكومة الإسبانية، حيث صرح بأن المغرب “له ثوابت تحكم سياسته الخارجية ولهذا نحن مع الموقف الذي أعلن على مستوى إسبانيا إزاء استفتاء كاتالونيا”.

وقد أحرج هذا الموقف السياسيين الإسبان في مدريد، الذين ربما كانوا يتوقعون أن يصدر عن الرباط موقف داعم للاستقلال، أو على الأقل أن يلتزم الصمت في انتظار تطورات الوضع الداخلي لجارته الشمالية، وكان الشعور بالحرج واضحا من خلال تناول الخبر في وسائل الإعلام الإسباني التي دأبت عادة على البحث عن كل ما يستفز السيادة المغربية، حتى إن التركيز المستمر على مبدأ حق الشعوب في الاستقلال والتلويح به في وجه المغرب صار أحد الثوابت القارة في الخطاب الإعلامي بإسبانيا طيلة عقود، بل إن ذلك الموقف بات جزءا من علم صناعة الخبر في الصحافة الإسبانية.

مقابل هذا الموقف المغربي الواضح لوحظ أن هناك صمتا لدى كل من الجزائر وجبهة البوليساريو في مخيمات تيندوف تجاه استفتاء كاتالونيا، والمؤكد أن الجانبين وجدا نفسيهما في زاوية حرجة أمام التجاذب بين الإقليم وحكومة مدريد حول مطلب الانفصال، ذلك أن استقلال الإقليم يعد كسبا إضافيا لجبهة البوليساريو في معركتها من أجل انفصال الصحراء عن المغرب، لكن مقابله السياسي يتمثل في خسارة الدعم الرسمي لحكومة مدريد مستقبلا، وفي حالة ما إذا دعمت الجبهة موقف مدريد فتخسر التأييد الواسع الذي تحظى به في إقليم كاتالونيا حيث تتوفر على حضور كبير وتحظى بدعم مختلف التنظيمات السياسية المطالبة بانفصال الإقليم.

وقد فتح الملف الكتالاني نافذة على التقارب المغربي الإسباني من أجل مراجعة مدريد لمواقفها التقليدية حيال ملف الصحراء، فإسبانيا مدعوة بعد هذه التجربة المرة إلى استيعاب درس الوحدة الوطنية والحاجة إلى تحقيق التناغم بين سياستها الداخلية المـؤيدة لسيادة الدولة على أراضيها وسياستها الخارجية الداعية إلى الانفصال.

GMT 18:42 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

العيب فى بعضنا وليس فى الإسلام!

GMT 07:17 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

إسبانيا من أزمة سياسية إلى أخرى

GMT 05:34 2018 السبت ,12 أيار / مايو

الإرهاب يدفع إسبانيا أكثر نحو المغرب

GMT 01:01 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

حركة "إيتا" والاعتذار عن الإرهاب

GMT 05:07 2018 السبت ,10 شباط / فبراير

إسبانيا تخشى من ظاهرة 'المساجد الأقبية'

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كاتالونيا والصحراء والوجه الآخر لإسبانيا كاتالونيا والصحراء والوجه الآخر لإسبانيا



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 20:44 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

فوائد التوت للشفاء من الجروح

GMT 09:42 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جدول أهم مباريات الليلة

GMT 17:48 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

فيرمينو يتفوق على جريزمان في سباق الكرة الذهبية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib