تجربة مغربية ضد التطرف

تجربة مغربية ضد التطرف

المغرب الرياضي  -

تجربة مغربية ضد التطرف

بقلم - ادريس الكنبوري

لا شك أن تطرف بعض الشباب وراءه الشعور بأن الأئمة الموجودين في محيطه لا يقدمون له ما يتجاوب مع تطلعاته، الأمر الذي يدفعه إلى البحث في مواقع أخرى.

ليست ظاهرة التطرف في أوروبا ناجمة فحسب عن أساليب واستراتيجيات الاستقطاب التي تنهجها الجماعات التكفيرية المتشددة تجاه أبنـاء الجاليات المسلمة، بغرض سلخها عن دينها واقتلاعها من محيطها، بل هي ناجمة، وبشكل أساسي، عن غياب وضعف الوسائط الموجودة وعدم قدرتها على تقديم عرض ديني وثقافي لديه الفاعلية لتوفير الحصانة للشباب المسلم، وعلى الانخراط في صفوف الجالية بطريقة تجمع بين أساليب الحداثة الموجودة في البلدان الأوروبية والأسس الدينية المرتكزة على التسامح والتعايش مع الآخر وبناء جسور الحوار.

ويكمن جانب من الفشل، الذي تستغله الجماعات المتطرفة والتكفيرية لصالحها، في أن العديد من المؤطرين الدينيين والمسؤولين عن تصريف الخطاب الديني في أوروبا يشكون من غياب التكوين، وضعف الانفتاح على الثقافات المحلية، والاستيعاب الفعلي للغة، قانعين باللغة العربية كأداة للتخاطب مع المسلمين، كما لو أنهم في جزيرة معزولة، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج عكس المطلوب، بل إنه يجعل المسؤولية مضاعفة، إذ لا يصبح الأمر مرتبطا فقط بنشر ثقافة الاندماج والتعايش والانفتاح لدى أبناء الجالية، بل كذلك بضرورة إدماج المؤطرين الدينيين المفترض فيهم أن يكونوا مسؤولين عن نشر تلك الثقافة، ودفعهم إلى الانفتاح على المحيط السوسيوـ ثقافي الذي يعملون فيه.

إن وضعا مثل هذا يقود إلى مزالق خطيرة على صعيد الخطاب الديني المروج له، فالانكماش حول المفاهيم التقليدية للتدين، نتيجة تشرب الثقافة الدينية في المجتمعات المحلية، والحفاظ على البيداغوجيا الكلاسيكية التي نراها منتشرة في المساجد الموجودة في المنطقة العربية، والنظر إلى المشكلات الدينية باعتبارها مشكلات متشابهة بين المجتمعات المحلية والمجتمعات الأوروبية، كل ذلك يصبح نتيجة لانعدام الانفتاح على الثقافة واللغة في المجتمعات الأوروبية التي لها سياقاتها وظروفها.

وقد أدرك المغرب الذي يسعى إلى أن يقدم نموذجا فريدا في الخبرة الدينية داخل أوروبا في أوساط جاليته، أن الأسلوب القديم المبني على إرسال أئمة ومرشدين دينيين بشكل موسمي إلى البلدان الأوروبية لتأطير الجالية لم يعد أسلوبا مجديا، في ظل التحولات العميقة التي يشهدها الحقل الديني في الغرب.

فهؤلاء الأئمة ما إن تطأ أقدامهم أرض البلد الأوروبي حتى يعتقدوا بأن ما هو مطلوب منهم هو نفسه ما كان مطلوبا منهم في المغرب، بل إن عددا كبيرا منهم -بحكم الخبرة الطويلة- يصبح مبرمجا على منهجية معينة في الوعظ والخطابة يصعب عليه التخلي عنها أو استبدالها، زد على ذلك افتقاده إلى هضم القيم الثقافية والاجتماعية في البلد المضيف، وعدم معرفته بلغته المحلية.

وبهدف إحداث نقلة نوعية في أسلوب التكوين والتأطير الديني، أطلق المغرب تجربة جديدة ترمي إلى تكوين الأئمة والمرشدين داخل أوروبا، ممن نشأوا أو عاشوا طويلا في المجتمعات الأوروبية، وتعليمهم اللغة المحلية والثقافة السائدة لكي يصبحوا جزءا من المجتمع الذي يشتغلون فيه.

بدأت هذه التجربة في ألمانيا كخطوة أولى، على أن تليها بلدان أوروبية أخرى توجد بها جاليات مغربية مهمة، مثل فرنسا وإسبانيا وبلجيكا.

وأشرف على هذا المشروع، مجلس الجالية المغربية في الخارج، بالشراكة مع المراكز الثقافية التابعة لمؤسسة غوته لتعليم اللغة الألمانية. وقال عبدالله بوصوف، أمين عام المجلس، خلال تقديم حصيلة المشروع في فرانكفورت، إن هذا المشروع هو الأول من نوعه في أوروبا، وسيكون نواة لتجارب لاحقة “لأننا نريد أن يقوم الإمام بالأدوار المنوطة به في تناسق مع المجتمع، لاعتقادنا بأنه لا تنافر بين الإسلام وبين قيم المجتمعات الغربية التي يتواجد فيها”.

ومن شأن هذه التجربة أن توفر أئمة ومرشدين لديهم القدرة على امتصاص الثقافة المحلية في البلد الذي يعملون فيه، بحيث يصبحون أكثر قربا من الحاجيات اليومية للشباب المهاجر، وأكثر دراية بالمشكلات المحلية بما يدفعهم إلى بلورة حلول واقتراحات وفقا للتقاليد السائدة والأعراف المحلية كنوع من الاجتهاد العملي الذي يأخذ بعين الاعتبار معطيات المكان الذي تتحرك فيه الفتوى، إذ لا شك أن تطرف بعض الشباب وراءه الشعور بأن الأئمة الموجودين في محيطه لا يقدمون له ما يتجاوب مع تطلعاته، الأمر الذي يدفعه إلى البحث في مواقع أخرى، ولذلك فإن الغرض الأساسي من المشروع يكمن في إعادة توطين صورة الإمام في مخيال الشباب المهاجر. ذلك يتطلب وقتا لكن البداية خطوة على طريق النجاح.

 

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجربة مغربية ضد التطرف تجربة مغربية ضد التطرف



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 20:44 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

فوائد التوت للشفاء من الجروح

GMT 09:42 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جدول أهم مباريات الليلة

GMT 17:48 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

فيرمينو يتفوق على جريزمان في سباق الكرة الذهبية

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 21:21 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العائلة الودادية تحتفي بفريقها بعد التتويج باللقب

GMT 15:44 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

لجنة البرمجة تغضب جماهير الوداد بسبب مواعيد المباريات
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib