الوافد الجديد

الوافد الجديد

المغرب الرياضي  -

الوافد الجديد

توفيق بوعشرين

كثيرون كانوا يتأسفون على غياب رأي عام في المغرب، وكثيرون كانوا يتمنون ميلاد هذا الرأي العام في المملكة حتى يصير طرفا وحكما في القرار السياسي وفي الحياة العامة، لكن عندما بدا أن هناك مؤشرات على ميلاد هذا الرأي من وراء تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، ومن خلف جمهورية «الفايسبوك» التي تضم اليوم أكثر من سبعة ملايين ناشط مغربي، بدأ الكثيرون يتأففون من هذا الوافد الجديد، وبدأت الأصوات السلطوية، في الإعلام والصحافة والأحزاب والإدارة والقضاء… تشتكي هذا الوافد الجديد وهذا العنصر الدخيل على المعادلة.

شكل الربيع المغربي، الذي أطل برأسه قبل أربع سنوات، منعطفا كبيرا في دخول عشرات الآلاف من الشباب إلى الحقل العام.. إلى الاهتمام بالسياسة.. إلى التعبير عن الرأي.. إلى التفاعل مع الأحداث. رأينا ذلك يوم 20 فبراير 2011، حيث خرج لأول مرة في تاريخ المغرب مئات الآلاف من الشباب إلى الشوارع في أكثر من 54 مدينة وإقليما وعمالة في يوم واحد، يرفعون مطالب الإصلاح والتغيير والديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد، وظل هؤلاء الشباب مدة سنة كاملة في الشارع يرددون الشعارات والمطالب نفسها، إلى أن جاءت حكومة بنكيران ووعدتهم بتحقيق مطالبهم داخل المؤسسات لا خارجها، بالتدريج لا بالجملة…

عند هذه اللحظة الفارقة رأينا كيف أصبح هؤلاء الشباب يتفاعلون مع الحياة العامة، وكيف أصبحوا مشاركين في التظاهرات العامة في الشوارع بالتعليق بالفيديو، بالرسوم، بالنكت، بالأغاني، بالسخرية، بالأفلام، وبأشكال تعبيرية كثيرة. صار المغربي يقول رأيه في السياسة والسياسيين في السلطة وأصحاب القرار، في الوزراء والمدراء وكبار القوم. رأينا هذا في أعقاب حادثة كالفان وما اعقبها من قرارات، ثم تكرر نفس الأمر مع فضيحة «الكراطة» في ملعب مولاي عبد الله، حيث لعب الرأي العام دورا كبيرا في قرار إقالة الوزير الحركي، محمد أوزين، من وزارة الشبيبة والرياضة، ثم لحق به مول الشوكلاطة، الوزير الذي بعث علبة شوكلاطة إلى بيته على حساب الوزارة، ثم لحق بهؤلاء طرفا الكوبل الحكومي الشوباني وبنخلدون بسبب سوء اختيار التوقيت المناسب لمشروع زواجهما وهما في البيت الحكومي الحساس، والآن نحن إزاء قضيتين برز فيهما الرأي العام قويا ومؤثرا؛ الأولى هي فيلم نبيل عيوش «الزين اللي فيك»، حيث عبر قطاع واسع من المغاربة عن رفضهم للمشاهد الجريئة وللغة الصادمة التي اختارها المخرج طريقة لنقل ظاهرة الدعارة إلى المشاهد، وهذا الرفض هو الذي دفع وزارة الاتصال والمركز السينمائي المغربي وأطرافا أخرى في الدولة إلى اتخاذ قرار منع عرض الفيلم، قبل حتى إن يتقدم صاحب الملف بطلب عرضه في القاعات السينمائية. رسالة الدولة كانت واضحة.. إنها تريد أن تطمئن الرأي العام إلى أن هناك سلطة تأخذ على عاتقها رعاية الأخلاق العامة في محاولة لتبريد حرارة النقاش والتحكم فيه، وإبعاد المتطرفين عن استغلال هذا الموضوع الحساس لاستقطاب عناصر جديدة من الخزان المحافظ في المغرب.

القضية الثانية التي تشغل بال الناس، والتي أظهرت قوة هذا الرأي العام، هي نقل حفل جنيفر لوبيز على الهواء مباشرة عبر القناة الثانية، حيث ظهرت الأيقونة الأمريكية بلباس جريء تؤدي رقصات مثيرة ذات إيحاءات جنسية مباشرة… كيف يجرؤ التلفزيون العمومي على نقل سهرة بهذه المواصفات إلى كل البيوت، المحافظ منها والمتحرر…؟ يسأل الرأي العام.

لا يهمنا هنا إبداء الرأي حول هذه النماذج من القضايا التي أظهرت أن هناك بوادر تشكل رأي عام في المغرب، حتى وإن كانت استطلاعات الرأي مازالت ضعيفة في البلاد، لكن المهم هنا هو التقاط هذا التحول الذي وقع في المجتمع، والذي صار من الممكن أن ترشح عنه -أي المجتمع- وعن توجهاته وغضبه وفرحه وتأييده ومعارضته آراء عامة وتوجهات كبيرة.

الرأي العام بالتعريف السوسيولوجي هو «تكوين فكرة أو حكم عن موضوع أو شخص ما، أو مجموعة من المعتقدات، وقد تكون هذه الآراء المعبر عنها صحيحة أو خاطئة، وقد تخص أعضاء في جماعة أو أمة تشترك في الرأي رغم تباينهم الطبقي أو الثقافي أو الاجتماعي، والرأي العام هو ذلك التعبير العلني والصريح الذي يعكس وجهة نظر أغلبية الجماعة تجاه قضية معينة في وقت معين».

هذا لا يعني أن المغاربة لم يكن لهم رأي في السياسة والثقافة والفن والاقتصاد والشأن العام عموما، لا، أبدا. مادامت ساعة الزمن تدور فالإنسان يعبر عن رأيه في المرغوب والمرفوض، لكن المقصود هنا هو الرأي العام القوي والفاعل والمؤثر في القرار، والذي يملك فضاءات عامة للتعبير العلني عن نفسه بدون قيود أو شروط أو خوف أو توجس. هذا هو الأمر الجديد الذي نراه اليوم، وهذا راجع، من جهة، إلى غنائم الربيع العربي الذي حرر القول في السياسة، ودفع بدماء جديدة إلى ساحة الفعل العام، ومن جهة أخرى، يرجع اتساع رقعة الرأي العام بالمغرب إلى جيل الشباب المسلح بالأنترنت والمدمن على وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة، وفي مقدمتها الفايسبوك والمواقع الإخبارية على الشبكة العنكبوتية، حيث يسهل الاتصال والتواصل والتفاعل بين

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوافد الجديد الوافد الجديد



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 02:08 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

20 مليون للاعبي الوداد للتتويج بدوري الأبطال

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:23 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الكعبي وحاريث يغادران معسكر المنتخب المغربي

GMT 16:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الإصابة تبعد اللاعب وليد الكرتي عن الوداد

GMT 12:34 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

Daily Leo

GMT 21:51 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

فولسانغ يتفوق على ريتشي بورت في سباق دوفين

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل جلسة استماع بول بوجبا أمام محكمة المنشطات الإيطالية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib