الوجه والقناع

الوجه والقناع

المغرب الرياضي  -

الوجه والقناع

توفيق بو عشرين

تقول الأخبار المتسربة من لقاء الأحزاب السياسية مع وزير الداخلية، حول الإعداد للانتخابات الجماعية المقبلة
 إن محمد حصاد مازال يقاوم فكرة إلغاء اللوائح الانتخابية التي وضعها إدريس البصري، والسماح للمغاربة بالتصويت بالبطاقة الوطنية كما في كل بلاد العالم...
لماذا ترفض وزارة الداخلية اعتماد المشاركة التلقائية بالبطاقة الوطنية للمواطنين في الانتخابات، وتشترط وجوب مرورهم عبر التسجيل في اللوائح الانتخابية التي تفتح كل مرة ولا يقصدها إلا القليل، إلى درجة أننا نتوفر اليوم على أكثر من 25 مليون مغربي فوق 18 سنة، في حين أن اللوائح الانتخابية لا تضم سوى 13 مليون ناخب؟
السبب الأول هو أن وزارة الداخلية تخاف أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة في الانتخابات، وتعتبر أن ضعف نسب المشاركة يعني ضعف الثقة في العملية الانتخابية، وضعف الثقة في هذه الأخيرة عنوان لضعف الثقة في النظام، فلو أعلن المغرب أن كتلته الناخبة هي 25 مليون ناخب (البالغون 18 سنة فما فوق يوم الاقتراع) فهذا معناه، بالأرقام الحالية التي تشارك في الانتخابات (5 ملايين)، أن نسبة المشاركة في أي انتخابات لن تتعدى 20 في المائة، لهذا اهتدت الداخلية إلى حيلة بمقتضاها أصبحت الكتلة الناخبة في المغرب هي 13 مليون ناخب، وهم مجموع المواطنين المسجلين في اللوائح الانتخابية، وليس 25 مليون مغربي وصلوا إلى سن الرشد السياسي، ولهذا عندما تشارك الملايين الخمسة أو الستة فقط يقفز معدل المشاركة إلى 45 في المائة وأحيانا أكثر.
هذه الحيلة التي تعتمدها الداخلية للنفخ في نسبة المشاركة في الانتخابات مثل شخص وقف أمام المرآة فلم تعجبه صورته، فماذا فعل؟ كسر المرآة، ورسم وجها جديدا لنفسه مكان المرآة، وبدأ يتصرف على أن الصورة المرسومة هي الحقيقة، والصورة الفعلية غير موجودة، وعندما يجد أن شخصا يتعامل معه على أساس وجهه الحقيقي لا الصورة المرسومة يغضب ويثور ويتهم الآخرين بالتآمر عليه...
إذا كان المواطن المغربي لا يثق في الانتخابات، وبالتالي يلجأ إلى مقاطعتها، فليس الحل أن تتلاعب الداخلية بالأرقام كما كان يفعل نظام الحسن الثاني، رحمه الله، وتابعه إدريس البصري. الحل أن نواجه الحقيقة بوجه مكشوف، وأن نبحث عن جذور المشكلة، وأن تتحمل الأحزاب والحكومة مسؤولياتهما في إقناع المواطن بأن من مصلحته أن يشارك في الانتخابات لا أن يقاطعها، وهذا الإقناع لا يهم الخطاب والوعود والإشهار والحملات، بل الإقناع الحقيقي يتمثل في جعل الانتخابات انتخابات، والصندوق صندوقا، والحزب حزبا، والبرنامج برنامجا، والسياسة سياسة.
ما الذي يدفع الجمهور إلى متابعة مباراة لكرة القدم بين فريقين، مثلا؟ أولا، إنها مباراة فيها تنافس ونتيجتها غير معروفة سلفا، والحكم يقف على مسافة واحدة بين المتنافسين، واللعبة لها قانون يُحترم وعنصر التشويق موجود، كذلك الأمر بالنسبة إلى الانتخابات.. جل المغاربة يعتبرون أن «الماتش» في هذه الانتخابات «مبيوع»، وهذا طبيعي من كثرة ما تعرضت الانتخابات لوابل من التزوير. ثانيا، جل المغاربة لا يرون أن الانتخابات تغير شيئا في حياتهم اليومية، ولهذا لا يتجشمون عناء الذهاب إلى صناديق الاقتراع. ثالثا، جل الناخبين المفترضين لا يأمنون على أصواتهم من التلاعب، ولهذا يعزفون عن المشاركة...
من هنا يجب أن نبدأ في مراجعة علاقة المواطن بالانتخابات لا في رسم صورة غير حقيقية، والنفخ في نسب المشاركة. كيف سنسوق حكاية 13 مليون ناخب والمغرب يستعد لإجراء إحصاء عام في شتنبر المقبل، وستنشر تفاصيله في كل العالم، وسيعرف القاصي والداني أن عدد المغاربة فوق 18 سنة هو 25 أو 26 مليون نسمة، وأن لوائحنا الانتخابية مغشوشة ولا تعبر عن العدد الحقيقي للناخبين المفترضين.
إذا كنا بلادا لا تقدر على أن ترى وجهها في المرآة كما هو، فكيف سنبني نموذجا متفردا للتحول الديمقراطي في هذه المنطقة المضطربة؟!
اللوائح المخدومة تستفيد منها نسبة المشاركة المغشوشة، ويستفيد منها كذلك الأعيان وتجار الانتخابات الذين لا يرغبون في نسبة عالية من المشاركة لأنها تخلط أوراقهم وتمنعهم من التشطيب السياسي على أنصار خصومهم من اللوائح الانتخابية. لقد اعترفت وزارة الداخلية نفسها في لقائها مع الأحزاب بأن هناك تجاوزات حصلت في موضوع التشطيب على الأسماء، وأن رؤساء عدد من المجالس المنتخبة قاموا بالتشطيب على خصومهم من اللوائح لمعرفتهم بأنهم لن يصوتوا لصالحهم...

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجه والقناع الوجه والقناع



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib