نفاق بلا حدود

نفاق بلا حدود

المغرب الرياضي  -

نفاق بلا حدود

توفيق بوعشرين


صادق البرلمان الإسباني، أول أمس، على قانون يمنح أحفاد اليهود الذين طردوا من إسبانيا قبل خمسة قرون حق الحصول على الجنسية الإسبانية، في مبادرة رمزية للتكفير عن جرائم الماضي، حيث عمدت الملكة إيزابيلا والملك فيرديناند، بتحريض من الكنيسة، على إجبار المسلمين واليهود على تغيير ديانتهم أو الرحيل، وحتى عندما أعلن من بقي منهم التحول إلى الديانة المسيحية خوفا أو تقية، نصبت لهم السلطة الجديدة محاكم التفتيش ومقصلات الإعدام، ومسلسلات التنكيل والإهانة والتضييق على البشر، حتى رحل جلهم إلى بلدان أخرى، منها المغرب وتونس والجزائر واسطنبول، وغيرها من البلاد، حيث فتح المسلمون أذرعهم للموريسكيين واليهود الذين فروا من الحكم المسيحي الجديد في الأندلس، التي ظل فيها الحكم الإسلامي لمدة خمسة قرون…

البرلمان الإسباني لم يقرأ في كتاب محنة سقوط الأندلس إلا مآسي اليهود، ونسي ماسي المسلمين أو من كانوا يلقبون بالموريسكيين، وهؤلاء كانوا الأغلبية الساحقة ممن قتلوا واضطهدوا وسجنوا وطردوا من بلادهم على يد الملكين فيرديناند وإيزابيلا. يقول علي الريسوني، المتخصص في تاريخ المسلمين الموريسكيين، لهذه الجريدة، إن «منح الجنسية الإسبانية لليهود ذوي الأصول السفاردية عمل جيد، لأنه اعتراف بخطأ تاريخي ارتكبته إسبانيا في حق جزء من مواطنيها؛ لكن تجاهل قسم آخر أهم بكثير من اليهود الذين كانوا يشكلون أقلية في الأندلس القديمة، ونعني بذلك المسلمين ذوي الأصول الموريسكية، فهذا ظلم واحتقار، فالمسلمون شكلوا الأغلبية ممن طردوا وشردوا وغربوا ظلما وعدوانا من الفردوس المفقود(…).

جيراننا الإسبان تذكروا محنة اليهود ونسوا محنة المسلمين، وهذا ما يكشف النفاق الكبير لديهم. كيف تطلبون الصفح والمغفرة من اليهود وهم قلة ممن تعرضوا للاضطهاد في إسبانيا، ولا تطلبون المغفرة والصفح من المسلمين وقد كانوا أغلبية من تعرضوا للقتل والسحل والحرق والسجن والطرد في الأندلس؟ إنها ذاكرة انتقائية أسوأ بكثير من النسيان والتجاهل.

فالبرلمان الإسباني الذي يسيطر عليه اليمين الذي مازال جل قادته مسكونين بالتعصب ضد الإسلام والحساسية من العرب… لهذا لا نستغرب أن يصاب هذا اليمين بحساسية من المسلمين ولو بأثر رجعي.

تقول المصادر التاريخية، اعتمادا على سجلات الضرائب، إن حوالي 30 ٪ من سكان الأندلس كانوا مسلمين، وهذا يعني شيئين؛ أولا، إن المسلمين لم يعمدوا إلى تغيير ديانة رعاياهم المسيحيين عندما حكموا الأندلس لقرون، وإلا لما بقي جل سكان الأندلس مسيحيين. ثانيا: إن جل من تعرضوا للإبادة والطرد كانوا من المسلمين، فقبيل سقوط غرناطة سنة 1491، حين وقع أبو عبد الله الصغير معاهدة استسلام بعد أن لم تعد المدينة قادرة على الصمود في وجه حصار الملكين إيزابيلا وفيرديناند، اشترط آخر ملوك بني الأحمر على الملكين، مقابل التنازل عن العرش والاستسلام دون قتال، التوقيع على معاهدة تسليم غرناطة، وفيها أكثر من 60 بندا كلها تلزم الحكام الجدد باحترام الأقلية المسلمة واليهودية، وعدم التعرض لها أو المس بأماكن عبادتها، أو اعتبار المسيحيين الذين يصبحون مسلمين مرتدين، أو فرض ضرائب جديدة على هؤلاء، أو التدخل في شؤون عبادتهم أو تربيتهم لأبنائهم… لم تمض إلا أشهر على توقيع الملكين على المعاهدة التي ختماها بعبارة: «نلتزم بديننا المسيحي وشرفنا الملكي بتطبيق كل بنود هذه المعاهدة»، حتى تحركت الآلة الجهنمية للاضطهاد الديني، حيث تحول مسجد الحمراء إلى كنيسة، ومسجد غرناطة إلى كاتدرائية، أما الكنيسة فقد خصصت كتائب خاصة من الرهبان لتحويل المسلمين إلى مسيحيين، ولما فشلت في حملة التبشير مرت إلى محاكم التفتيش سيئة السمعة… ما جرى في هذه المحاكم من جرائم لا تصل داعش اليوم حتى إلى 10 ٪ منه، ومع ذلك قفز البرلمان الإسباني على كل هذه الانتهاكات، وأعطى اليهود، الذين يحكمون العالم اليوم، حق تملك الجنسية اعترافا بحق أجدادهم في أرضهم، لكن المسلمين لا أحد يلتفت إليهم اليوم، ولا أحد يعترف بالنكبة التي حدثت لهم.. هم أمة ضعيفة يأكلها الاستبداد والتطرف والتخلف والجهل…

الضمير الأروبي انتقائي وأخلاق الغرب تكيل بمكيالين ودين العالم اليوم هو القوة لا المبادئ وهذا ما يشجع الفوضى والتطرف والحرب والقتل والتسابق نحو السلاح لأن المرجع الوحيد في العالم اليوم هو القوة

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نفاق بلا حدود نفاق بلا حدود



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 02:08 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

20 مليون للاعبي الوداد للتتويج بدوري الأبطال

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:23 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الكعبي وحاريث يغادران معسكر المنتخب المغربي

GMT 16:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الإصابة تبعد اللاعب وليد الكرتي عن الوداد

GMT 12:34 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

Daily Leo

GMT 21:51 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

فولسانغ يتفوق على ريتشي بورت في سباق دوفين

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل جلسة استماع بول بوجبا أمام محكمة المنشطات الإيطالية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib