الأمير الذي يغذي الأوهام

الأمير الذي يغذي الأوهام

المغرب الرياضي  -

الأمير الذي يغذي الأوهام

بقلم - توفيق بو عشرين

في مطار شارل دوغول في باريس ملصق إعلاني كبير لعدد مجلة le point، وعليه صورة لولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، بعنوان مثير هذا نصه: «الأمير الذي يمكنه أن يغير كل شيء».. يتطلع أغلبية المسافرين إلى صورة هذا الأمير، بكوفيته المزركشة ولحيته الخفيفة وعقاله الأسود، وربما يسألون أنفسهم: ‘‘من هذا الأمير الذي يستطيع أن يغير كل شيء في عالم لم يبق فيه أمير أو ملك أو رئيس، أو حتى إمبراطور، يستطيع أن يغير كل شيء؟’’.

خلف المبالغة الصحافية لواضع العنوان من أجل إثارة الاهتمام، هناك «رغبة فرنسية وغربية» في جعل محمد بن سلمان بطلا في الحرب على الوهابية، التي يحملها الغرب مسؤولية تغذية التطرف الديني والإرهاب العالمي.

أسمح لنفسي بالقول إن هذه الأمنية ضرب من الوهم. محمد بن سلمان يعرف، كما والده وجده، أن الدولة السعودية قائمة على عمودين: الأول هو البترول، والثاني هو المؤسسة الدينية. الذهب الأسود يعطي الأسرة الحاكمة الإمكانيات المالية لشراء الحماية الدولية من أمريكا، والسلم الاجتماعي في الداخل، ومقايضة حرية الشعب بامتيازات كبيرة أو صغيرة والوهابية هي الإيديولوجيا التي توفر أسس المشروعية لنظام حكم فردي لا يقتسم السلطة مع أحد.

لم ينتبه الغربيون جيدا إلى كلام الشاب الصاعد في سماء الرياض، والذي تلقبه الصحافة الأمريكية بـ«MBS»، حيث قال محمد بن سلمان إنه يريد أن يرجع بإسلام بلاده إلى ما قبل 1979، أي ما قبل دخول الأسرة الحاكمة في مزايدات دينية لإظهار ورع أكبر وتقوى أكثر بعد حادثتين كبيرتين هزتا العرش السعودي، الأولى هي ثورة الإمام الخميني الذي أسس جمهورية إسلامية شيعية، ووعد بتصدير ثمارها إلى الخارج، والثانية هي حادثة اقتحام الحرم المكي في 30 نونبر 1979 من قبل جماعة جهيمان العتيبي، بدعوى أن الأسرة الحاكمة لا تحكم بشرع الله، وأن الإسلام أصبح غريبا في معقله الأول. قضت الدولة على هذه الحركة عسكريا، حيث قتل المئات في الحرم المكي، لكن النظام السعودي تبنى برنامج «جهيمان العتيبي» كاملا، وانعطف نحو التشدد الديني، وفرض الوصاية على المجتمع باسم تطبيق الشريعة، وإعلاء لواء الإيمان، وهو ما فتح الباب لميلاد السلفية الجهادية التي عبرت الحدود السعودية، وصارت إيديولوجيا رسمية للإرهاب العابر للقارات.

منذ 1934 والسعودية تستخرج النفط من بطن الصحراء، وتبيعه للغرب، وتأكل عائداته، دون أن تستطيع تحديث البلاد ولا العباد. إنها لعنة النفط، ومأزق الدول التي تعيش في الزمن الحاضر، وتريد أن تحكم شعوبها بأدوات القرون الوسطى، وهذا ما يجعل النظام السعودي في توتر دائم، مرة مع أبنائه في الداخل، ومرة مع حلفائه مع الخارج، لذلك، فإن الحل ليس بيد أمير مهما كانت سلطته.

محمد بن سلمان منبهر بنموذج الإمارات العربية المتحدة، حيث «التحديث» المادي مفصول عن التحديث السياسي والفكري والثقافي، وحيث الدولة تشتري من المواطنين حريتهم، ونصيبهم في القرار العمومي، بفضل دولة الرفاهية ونظام الامتيازات الاجتماعية، الذي يمنح الأفراد وظائف في القطاع العام بأجور عالية جدا، وبقع أرضية مجانية، واستهلاك للماء والكهرباء دون دفع ثمنهما، وقروض بفوائد مخفضة سرعان ما يجري شطبها، بالإضافة إلى إقامة نظام متطور لإدارة المدن وغابات العمارات التي تخطف أبصار السياح. هذا النموذج غير قابل للتكرار في بلاد عدد أفرادها فوق العشرين مليون نسمة ويدخل إلى سوق الشغل فيها 200 ألف شاب متعلم كل سنة، وفيها مكة المكرمة والمدينة المنورة، بثقلهما الرمزي والسياسي، وفيها عقد موقع بين محمد بن عبد الوهاب، شيخ السلفية، ومحمد بن سعود منذ 1744، وفوق هذا كله نزول حاد في أسعار النفط لا يعطي النظام اليوم إمكانات مالية للصرف على دولة الرعاية الاجتماعية، في بلاد تخوض أربع حروب على أربع واجهات، الأولى في اليمن، والثانية في قطر، والثالثة في إيران، والرابعة في فندق الريتز كارلتون، ضد أمراء الأسرة وأغنياء الرياض الذين يطالبهم MBS بالتنازل عن جزء من ثرواتهم لتمويل خطة 2023.

حكاية الإسلام الراديكالي الذي يطرد النوم من عيون الشرق والغرب حكاية معقدة جدا، وهي لا تحل بضربات خاطفة لأمير، أو قرارات سياسية لحكومة. التطرف الديني طالع من أرض الاستبداد العربي، والفشل التنموي، والإحساس بالإحباط من الأنظمة الداخلية، ومن النظام الذي يحكم العالم، والذي لا يقيم للمسلمين وحقوقهم أي اعتبار وكأنهم «هنود حمر» سينقرضون مع الزمن، ناسيا أن المسلمين كانوا لقرون أصحاب حضارة وإمبراطورية ومكانة بين الأمم، وأن ذاكرتهم أكبر من واقعهم اليوم، لذلك، فإن كل الخطب عن التسامح الديني، وكل البرامج عن الاعتدال الفكري، وكل المحاضرات عن حوار الحضارات تذوب عندما يتبرع ترامب على إسرائيل بنقل عاصمة أمريكا إلى القدس، ويتسبب بجرح كل عربي ومسلم، مهما كان نوع ارتباطه بفلسطين وبالدين.

محمد بن سلمان، الذي يسعى إلى تخليص بلاده من أزماتها، حقق رقما قياسيا عالميا بشرائه أغلى لوحة فنية للرسام العالمي دافنتشي بـ450 مليون دولار، اسمها المسيح مخلص العالم، هذا ما استطاع هذا العام تخليصه.

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمير الذي يغذي الأوهام الأمير الذي يغذي الأوهام



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني

GMT 11:59 2016 الجمعة ,12 شباط / فبراير

السالمية يستضيف اليرموك في الدوري الكويتي

GMT 15:24 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

لاعبة التنس الروسية إيلينا فيسنينا تنتظر مولودها الأول

GMT 05:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

صفقة تبادلية مرتقبة بين الفيصلي وشباب الأردن

GMT 16:10 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

الجيش يعرض 40 ألف دولار لفسخ عقد يونس حمال

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

بلاتر يواصل خوض "حرب الشرف" أمام إنفانتينو

GMT 17:16 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

"البايرن" يتوج بطلًا للشتاء بثنائية على "إنغلوشتات"

GMT 09:19 2024 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إشادة بأداء اللاعب إبراهيم دياز مع المنتخب المغربي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib