الأرقام لا تكذب

الأرقام لا تكذب

المغرب الرياضي  -

الأرقام لا تكذب

بقلم : توفيق بو عشرين

7 أكتوبر ليس رقما وتاريخا وموعدا فقط، هو محطة سياسية كبيرة في تاريخ المغرب، وسيكون لها ما بعدها. لماذا؟
أولا: لأن السابع من أكتوبر شهد، لثاني مرة في المغرب، تطابق الحقيقة الانتخابية مع الحقيقة السياسية. المرة الأولى كانت في 2011، عندما وصل حزب كان في المعارضة، وشبه مقصي من حظوظ المشاركة في السلطة، إلى تقلد المرتبة الأولى في الاقتراع العام، وكان هذا التحول قد تم تحت ضغط الربيع المغربي، وارتخاء قبضة الدولة حول الحياة السياسية، لكن هذه المرة الأمر مختلف الربيع العربي تحول إلى خريف والدولة استعادت المبادرة وأصبحت متحررة نسبيا ومع ذلك، حيث فاز المصباح بالمرتبة الأولى في اقتراع لم يكن مفتوحا كليا، وهكذا وجد الرأي العام أن هناك انسجاما بين الحقيقة السياسية وما أعلن من حقيقة انتخابية.
ثانيا: لأول مرة في تاريخ المغرب تخرج نتائج الاقتراع مناقضة كليا للمخطط السياسي الذي سبقها، حيث إن وزارة الداخلية وضعت إطارا سياسيا استباقيا للاقتراع، وسعت، بكل ما أوتيت من قوة، إلى ضبط السلوك الانتخابي للمواطنين مع التوازنات القبلية التي وضعتها على الورق، لكنها لم تستطع، رغم كل شيء، أن تحدث تأثيرا قويا في النتائج النهائية التي خرجت مختلفة تماما عما كان مخططا له، وكل ما فعلته الداخلية أنها أنزلت نسبة المشاركة في الاقتراع، وحقنت البام ببعض المنشطات، ورغم ذلك لم يحل الأمر دون وصول البيجيدي إلى الرتبة الأولى في الانتخابات، وحصوله على امتياز تشكيل الحكومة، وتثبيت عرف اختيار الأمين العام للحزب الفائز بمهمة البحث عن الأغلبية، رغم أن الدستور لا ينص على ذلك.
ثالثا: ما حدث بمناسبة هذا الاقتراع سيدفع الفاعلين جميعا إلى إعادة النظر في دور وزارة الداخلية في حراسة التوازنات الانتخابية، وقد يسهيل الطريق أمام ميلاد «اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات»، والتي كانت الدولة على الدوام ترفض تأسيسها لأنها لا تريد أن تفقد السيطرة على ملف حساس مثل هذا. الآن يبدو أن كلفة استمرار ملف الانتخابات بين أيدي الداخلية أكبر من خروجه من تحت سلطة الإدارة الترابية، مادامت هذه الأخيرة أصبحت، لأسباب سياسية وثقافية وإعلامية واجتماعية، عاجزة عن التحكم في نتائج صندوق الاقتراع دون السقوط في المحظور، وهذا، لعمري، سيشكل قفزة نوعية في الحياة الديمقراطية.
الآن، لنعرض بعض الأرقام التي تسربت من أيدي حصاد والضريس عن الليلة الكبرى، في انتظار نشر النتائج التفصيلية لاقتراع السابع من أكتوبر.
الرقم الأول: ثلثا النواب الفائزين على قوائم البام أعيان، و21 فائزا من كتيبة 102، الذين وصلوا إلى البرلمان على متن الجرار، قادمون من أحزاب أخرى، أي 21 ٪‏، إما كانوا برلمانيين أو رؤساء جماعات في أحزاب أخرى وهم على التوالي (7 من الحركة، 8 من الأحرار، 4 من الاستقلال، 2 من الاتحاد الدستوري، 1 من الاتحاد الاشتراكي). هذا معناه أن البام يتغذى على الأحزاب الأخرى، ولا يمس كعكة البيجيدي الصلبة. وهذا معناه أيضا أن البام أعاد نفوذ الأعيان إلى الساحة الانتخابية، بعدما تقلصت سطوتهم نسبيا في العشر سنوات الماضية، وهذا يكشف إلى أي حد يصل منسوب المعاصرة والحداثة في السلوك السياسي للجرار، وليس فقط في الخطاب الإعلامي. 
الرقم الثاني: دخل حزب العدالة والتنمية إلى أكثر من 11 دائرة قروية أو شبه قروية لأول مرة، ونال فيها مقاعد مهمة، مثل فكيك وطرفاية وأزيلال وتارودانت وسيدي بنور وغيرها، وهذا الاختراق لم يكن ضمن الأطر التقليدية لهذه المناطق، مثل القبيلة والعائلة والنسب الشريف وسلطة الأعيان، بل إن مرشحي المصباح، الذين فازوا في هذه الدوائر، تقدموا إليها بقبعة سياسية وإيديولوجية، ولم يتوسلوا بالانتماء القبلي أو النسب الشريف أو سلطة المال أو الهيبة في الدائرة الانتخابية، وهذا التحول يعطي مؤشرات سوسيولوجية وسياسية عن دور هذا الحزب المحافظ في «عصرنة السلوك الانتخابي لدى المواطن»، والابتعاد به عن الخاتم التقليدي غير المنتج للممارسة الديمقراطية، في حين أن الأحزاب المسماة حداثية نجدها غارقة في ممارسات تقليدانية جدا.
الرقم الثالث: أصوات فدرالية اليسار الديمقراطي تجاوزت الأصوات التي حصل عليها الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية في 13 مدينة كبيرة (انظر حوار الخبير في شؤون الانتخابات مصطفى اليحياوي في الصفحة 9)، وهذا معناه أن الاتحاد الاشتراكي لم يعد فقط حزبا صغيرا، بعدما كان كبيرا ثم متوسطا، بل إنه أصبح حزبا (يساريا من فوق ويميني من تحت) يخرج من المدن انتخابات بعد أخرى، وهذا معناه أن حزب عبد الرحيم بوعبيد يواجه خطر التحول الجذري من حزب يساري يمثل الفئات الوسطى الحضرية إلى حزب قروي يتوسل بسلطة الأعيان للبقاء فوق سطح المشهد الانتخابي، بدون جذور ولا قيم ولا رسالة في المجتمع، وهذا ما تكشفه لائحة برلمانييه القادمين من الصحراء ومن المناطق القروية (لم يحصل الحزب على أي مقعد في الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش وأكادير وسلا وفاس ومكناس والقنيطرة… فيما حصل على مقعد في أوسرد التي تعتبر دائرة انتخابية بدون ناخبين، والجميع يعرف أن هذا المقعد يعطى كهدية ليس إلا).
مازال الوقت مبكرا لاستيعاب الدولة والأحزاب لحجم الزلزال السياسي والانتخابي الذي حدث يوم السابع من أكتوبر، لكن، لا يخلو التذكير الآن من فائدة.

GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأرقام لا تكذب الأرقام لا تكذب



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 20:44 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

فوائد التوت للشفاء من الجروح

GMT 09:42 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جدول أهم مباريات الليلة

GMT 17:48 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

فيرمينو يتفوق على جريزمان في سباق الكرة الذهبية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib