لأي شيء يصلح عمداء المدن

لأي شيء يصلح عمداء المدن؟

المغرب الرياضي  -

لأي شيء يصلح عمداء المدن

بقلم : توفيق بو عشرين

صدم المواطنون في أكادير من قرار الوكالة الحضرية بالتشطيب على مشروعين كبيرين في المدينة، هما «لاند أكادير» و«كامب أكادير»، كانا سيوفران مئات المناصب من الشغل، وسيحركان استثمارا مباشرا بأكثر من 330 مليون درهم على مساحة تتجاوز 39 هكتارا، والمبرر هو وجود المشروع على خط زلازل محتملة، وهو ما أثار عاصفة من الاستياء والسخرية وسط الجمهور، حيث طالب بعض المواطنين السلطات المحلية بنقل سكان أكادير كلهم إلى مدينة أخرى، خوفا على سلامتهم في مدينة لها ذكريات سيئة مع الزلازل.

المفارقات في هذه الحكاية كثيرة، ومغرباتها أكثر، وأولاها أن الوكالة الحضرية التابعة لوزارة التعمير سبق لها أن أعطت الموافقة المبدئية على المشروع قبل أن تغير رأيها. ومع تغيير رأيها، كبدت أصحاب المشروع 30 مليون درهم صرفوها على إعداد المشروع، والشروع في التنفيذ بناء على رخص مؤقتة تسلموها من المجلس البلدي، الذي خرج رئيسه المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية يتبرأ من قرار الوكالة الحضرية، ويبدي استغرابه، ويحذر من أن رفض المشروع الاستثماري سيؤثر على سمعة المدينة شبه المنكوبة. المغربة الثانية أن عمدة المدينة المسؤول عن إنعاش الاقتصاد المحلي وتوفير مناصب الشغل وحماية سمعة المدينة لدى الرأسمال، يجد نفسه عاجزا أمام موظف (مدير الوكالة الحضرية) لا هو منتخب، ولا هو خاضع للمحاسبة، ولا هو يملك حسا اقتصاديا ولا حتى قانونيا، بل إن وظيفته خرجت عن نطاق إعطاء الاستشارة القانونية في مجال التعمير إلى أن أصبح سلطة تقرر ما يجب فعله وما لا يجب فعله في الوعاء العقاري للمدينة وفي مجموع مشاريع البناء في الولاية. أما ثالثة المغربات في هذه القصة فهي وقوف الوالي زينب العدوى على مسافة من هذا الرأي «القانوني» للوكالة في مشروع قالت أمام الصحافة، أكثر من مرة، إنه مثل ابنها، وإنها ستتبناه إلى أن يظهر للوجود، بعدما ظل «يهرول» في دهاليز الإدارة لمدة تسع سنوات منذ كان بوسعيد واليا على أكادير إلى اليوم.

إذا كان المشروع يوجد في منطقة زلازل، فهذا لا يوجب إلغاءه بجرة قلم، بل يوجب اشتراط نوع خاص من البناء في المشروع، فمدن كثيرة في اليابان مبنية فوق الزلازل وتحت البراكين، أما إذا كان خلف هذا الرفض قرار سياسي لحرمان حزب المصباح من أي مشروع اقتصادي أو سياحي أو اجتماعي يستفيد منه السكان، فهذا اسمه «عقاب جماعي» للسوسيين الذين صوتوا لحزب بنكيران. لكن الخوف، كل الخوف، أن تختبئ التماسيح والعفاريت، التي يسيل لعابها على هذه الأرض، خلف «الزلزال» لبلع 39 هكتارا على البحر في منطقة سياحية جميلة.

لقد قرأنا في وثائق وكيليكس، قبل خمس سنوات، كيف فضح السفير الأمريكي بالرباط سلوك الإدارة عندنا، والتي ترفض مشاريع استثمارية للبعض بمبررات واهية، لتعطيها، تحت جنح الظلام، لجهات أخرى لم تلتفت إلى أهمية المشروع حتى انخرط فيه المستثمرون الذين لا يتوفرون على غطاء سياسي لدى الإدارة.

إذا كان عمدة المدينة المنتخب من قبل المواطنين، والمعرض للمحاسبة من قبل الناخبين والمجلس الأعلى للحسابات والقضاء والحزب، غير قادر على الترخيص لمشروع سياحي في مدينته، فلأي شيء يصلح عمدة المدينة؟ ولأي شيء تصلح الديمقراطية المحلية المفترى عليها؟ وماذا نصنع بشعارات الجهوية والحكامة وسياسة القرب واللامركزية، وإشراك الجماعات الترابية في مخططات التنمية والتشغيل وخلق المهن المدرة للدخل؟

زرت إسبانيا في الأسبوع الماضي، ووقفت على مشروعين قامت بهما عمدة مدريد مانويلا كارمينا (71 سنة)، وهي قاضية سابقة بالمناسبة، صعدت من خلال تحالف بين بوديموس وأحزاب صغيرة ودعم من الحزب الاشتراكي تحت برنامج «مدريد الآن»، ونزعت العاصمة الإسبانية من براثن الحزب الشعبي، الذي كان يعتبر مدريد معقله التاريخي. هذه العمدة العجوز اتخذت قرارين كبيرين في مدة قصيرة، حيث منحت شركة كبيرة متخصصة في إدارة نوادي الرياضة قطعة أرض بالمليارات في مدريد مقابل أن تبني عليها ناديا كبيرا للجيم، شريطة أن تنزل من أسعار الانخراط في النادي لسكان العاصمة، وذلك لتشجيعهم على ممارسة الرياضة، خاصة في فصل الشتاء. والقرار الثاني هو منح أرض بالمجان لمستشفى صيني ضخم، وذلك لتشجيع الشركات الكبرى على الاستثمار في الصحة، وتخفيف العبء عن المستشفيات العمومية، ودفع القادرين على الأداء إلى الاتجاه نحو المصحات الخاصة، وكل هذا لتخفيف العبء عن إسهام مجلس المدينة في دعم قطاع الصحة العمومية.

قبل أن أقارن بين ما يجري شمال الضفة المتوسطية وجنوبها، أترككم مع هذه الشهادة التي سمعتها من عمدة نيفادا في ندوة ocp الأخيرة بمراكش (Brian Sandoval governor of Nevada)، الذي عرض أسلوبه في إدارة الولاية فقال: «جئت قبل سبع سنوات إلى هذه الولاية، فوجدت شركات كثيرة تعلن إفلاسها، والسياحة في نزول، والبطالة في صعود، وجوا من اليأس يضرب معنويات الأمريكيين في نيفادا. طرحت برنامج إصلاحات طموحة، وفزت بثقة الناخبين، فكان العمل منذ اليوم الأول الذي وضعت فيه رجلي في مكتب الحاكم».

ماذا فعل صاحبنا أمام هذا الوضع؟ يحكي: «بدأت بتهيئة مناخ مناسب لجلب الاستثمارات، واستقطاب المشاريع الكبرى للشركات. غيرنا القوانين المتعلقة بالاستثمار، وراجعنا تعريفة الضرائب، واجتمعنا مع عمداء كليات الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا والعلوم، ودعونا مديري الشركات إلى الجلوس معهم حول طاولة واحدة، حتى يعرف أصحاب مختبرات تكوين عقول الطلبة وتعليمهم ما هي حاجيات المصانع والشركات والمقاولات، وعرضنا مساعدة مالية على الجامعات لتكييف برامجها مع سوق الشغل الجديد. أكثر من هذا، أنشأنا صندوقا لدعم العاطلين عن العمل من أجل إيجاد الشغل عن طريق دورات تكوينية جديدة، وعرضنا منحا على الجامعات لفتح أبوابها أمام الفئات الهشة، وطفت البلاد شرقا وغربا أبحث عن ضيوف يقبلون بالنزول عندنا، والاستفادة من الفرص التي خلقناها في الولاية»، ثم أضاف مزهوا بحصيلته: «استقطبنا شركة آبل التي وضعت عندنا مركزا ضخما لبياناتها بالمليارات من الدولارات، واستقطبنا أكبر شركة لصناعة البطاريات، حيث ستنتج كمية أكبر مما ينتجه العالم كله من البطاريات على مساحة 10 ملايين متر مربع، ويد عاملة تتجاوز 6000 مواطن، ومازلنا نفتح فرصا جديدة لشركات أمريكية وأجنبية للاستقرار في ولايتنا، مع توفير بيئة صديقة للمقاولة». بدون تعليق.

المصدر : جريدة اليوم 24

GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لأي شيء يصلح عمداء المدن لأي شيء يصلح عمداء المدن



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 09:27 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

7 آلاف تذكرة لجماهير أدوانا ستارز ضد الرجاء

GMT 19:01 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق "المغرب الفاسي" ينهي مبارياته الودية بانتصارين

GMT 00:24 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

أولمبيك خريبكة يواجه الكوكب المراكشي وديًا السبت

GMT 03:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جمهور الرجاء البيضاوي يرفض عودة محمد بودريقة

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 22:22 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير "يونايتد" تحيي ذكرى وفاة لاعبها جورج بست

GMT 23:41 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يعقد جمعيته العمومية في 10 دقائق فقط

GMT 19:35 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شاهيناز تكشف تفاصيل ألبومها الجديد في "الليلة عندك" على 9090

GMT 22:11 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

ترامب يلتقي مرشحا مسلما لخلافة ماي

GMT 14:38 2017 الثلاثاء ,25 تموز / يوليو

ظهير الزمالك يعود إلى القاهرة لأداء الامتحانات

GMT 14:39 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

"الوطية" الساحلية مدينة مغربية سياحية تبحث عن المستثمرين

GMT 08:29 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

بيراميدز يتأهب لمواجهة فاصلة أمام الأهلي

GMT 19:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أمل أولمبيك خريبكة يتعادل مع الرشاد البرنوصي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib