ألوان يناير

ألوان يناير

المغرب الرياضي  -

ألوان يناير

توفيق بو عشرين

الذين اعتقدوا أن كلفة الربيع العربي أكثر مما تتحمله أعصاب الأنظمة السلطوية في العالم العربي، عليهم الآن أن يتطلعوا إلى كلفة الخريف العربي التي نشرت الدمار والقتل والإرهاب، والذين راعهم نجاح الشباب العربي، وطموحه إلى قيادة بلدانه إلى تحول ديمقراطي، عليهم أن يحصوا الآن الخسائر الفادحة في جسم الدول العربية بسبب الثورات المضادة.
ومع ذلك فإن ألوان يناير هذا العام، وبعد خمس سنوات من ميلاد الحراك العربي الذي أطاح برموز الديكتاتورية العربية، مثل زين العابدين بنعلي وحسني مبارك ومعمر القذافي وعلي عبد الله صالح ونوري المالكي وغيرهم… ألوان يناير ليست كلها أسود وأحمر، بل فيها بعض من بياض في أكثر من بلد وتجربة.
تونس، مهد الربيع العربي، ورغم الصعوبات الاقتصادية التي تعصر البلد، فإن الفرقاء السياسيين يكتبون تاريخا سياسيا جديدا في المنطقة، والسبسي والغنوشي وغيرهما يحفرون في الصخر اسم تونس على باب نادي الديمقراطيات الصاعدة في بلد خرجت منه الشرارة الأولى للثورات العربية، والآن تخرج منه الشرارة الأولى لمسار تاريخي لتحول ديمقراطي سلمي بلغة الضاد، تتعايش فيه التيارات الثلاثة التي قلما وقعت الهدنة بينها (الليبرالي واليساري والإسلامي). كل هؤلاء وقعوا على دستور جديد هو الأول من نوعه في العالم العربي يضعه مواطنون أحرار مستقلون بتوافق إرادي ودون إقصاء أو احتكار للسلطة، فكل دساتير العرب، منذ حوالي نصف قرن، كانت دساتير الغالب ضد المغلوب، فلولا الربيع الشبابي العفوي لما تعايش حزبا ‘‘نداء تونس’’ و‘‘النهضة’’ تحت سقف حكومة واحدة، ولما خاضا تجربة توافق غير مسبوقة، اعترف بها العالم بمناسبة منح جائزة نوبل للسلام للثلاثي التونسي، الذي قاد جهود الوفاق بين القوى التونسية للخروج من الأزمة التي أعقبت موجة الاغتيالات، والتي كانت تريد إدخال تونس إلى خانة الثورات المضادة.
المغرب حالة تشبه تونس، وإن كانت مختلفة من حيث طبختها وتوازناتها وطبيعتها، ففي الرباط اليوم دستور جديد لم تكن النخب السياسية التقليدية تحلم به.. دستور خلق حكومة ائتلافية يقودها الإسلاميون، ويشارك معهم فيها اليسار واليمين والوسط، في مناخ من الاستقرار يعد بجيل جديد من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية إذا تعمق الخيار الديمقراطي، وظل المجتمع متيقظا ومتحفزا لمنع خصوم الربيع المغربي من الرجوع بالبلاد إلى الوراء.. مكاسب كثيرة تحققت بفضل رياح الحراك المغربي، ومبادرة 20 فبراير التي حركت المياه الراكدة في المملكة. هذا الحراك أقنع القصر الملكي بضرورة التنازل عن فائض السلطة الذي كان بحوزته، والذي كان يمنع الأحزاب السياسية من لعب دور أكثر مما يلعبه الكومبارس في أفلام السينما. حمل الربيع المغربي موجة جديدة من الانفتاح السياسي، ومن تقوية سلطة صناديق الاقتراع، وأعطى المغاربة حكومة لها شرعية أكبر، ومساحة للحركة أوسع، وصارت للانتخابات رهانات سياسية فتحت شهية الشباب للمشاركة أكثر من السابق، حتى وإن ظلت الأنوية الصلبة للسلطة خارج منطق الإصلاح والتغيير، مثل أجهزة الداخلية والقضاء والأمن والإعلام الرسمي.
مصر وإن كانت فيها الثورة المضادة أطاحت بثورة يناير، وضربت اختيار الشعب وانقلبت على رئيس منتخب، فإن الجنرال السيسي لم يستطع أن يضع مصر على الخريطة الدولية، ولا على خريطة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ولا نجح في قلب صفحة ثورة يناير، وصفحة خصومه الذين قتل بعضهم وسجن بعضهم وشرد البعض الآخر. إنه مثل شخص هاجم قطارا في نصف الطريق، وقتل سائقه، واعتقل نصف ركابه، لكنه لم يستطع أن يحرك هذا القطار مليمترا واحدا إلى الأمام. السيسي أوقف تطور مصر السياسي، لكنه لم ولن يستطيع أن يتقدم بالبلاد خطوة واحدة إلى الأمام. الجنرال يضيع الوقت فقط، ويجعل كلفة إصلاح أخطائه باهظة بشريا وماديا وسياسيا.
الشيء نفسه يقال عن اليمن، فالرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، نجح في إفساد الثورة السلمية، وتحالف مع الأطراف الميتة في الجسم اليمني بعد أن حاربها لسنوات، لكنه في النهاية أدخل البلاد كلها إلى حرب أهلية وإقليمية لا رابح فيها ولا منتصر سيخرج منها، فصالح كان رئيس دولة، وأصبح اليوم زعيم ميليشيا، يخوض حربا خاسرة ضد شعبه وضد حلفائه القدامى في السعودية، والشيء نفسه يقال عن سوريا، حيث نجح سفاح دمشق في تفخيخ الثورة السورية بألغام الطائفية والمذهبية، لكنه لم ينجح في إعادة بسط سيطرته وسطوته على شعبه الذي قتل منه مئات الآلاف وشرد الملايين، وهو الآن رهينة في يد إيران وروسيا، وغدا سيتفاوض على رأسه وليس على حكم سوريا.
المرحلة الصعبة في عمر الثورات العربية مرت، وسنشهد في السنوات المقبلة انخفاض حدة التوتر، خاصة إذا استمر ثمن برميل النفط في النزول، لأن التقشف سيطال الإنفاق العمومي في الداخل والخارج، وسياسة التقشف ستطال بذخ التسلط، وستدفعه إلى إجراء تسويات سياسية، والسماح للشعوب باستنشاق نسيم الحرية بعيدا عن الثنائية المدمرة: إما الخيار السلطوي أو القدر الداعشي. هناك طريق ثالث رسمته ألوان يناير.

GMT 04:40 2019 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الموجة الثانية من ثورات «الربيع العربي»

GMT 09:39 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

«الربيع العربي» يستعيد ديمقراطيته!

GMT 10:12 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

«الربيع العربي» يستعيد ديمقراطيته!

GMT 06:55 2018 السبت ,16 حزيران / يونيو

مظاهرات الأردن خبز أم سياسة؟

GMT 06:37 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

ماذا بقي من 20 فبراير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألوان يناير ألوان يناير



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 02:08 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

20 مليون للاعبي الوداد للتتويج بدوري الأبطال

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:23 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الكعبي وحاريث يغادران معسكر المنتخب المغربي

GMT 16:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الإصابة تبعد اللاعب وليد الكرتي عن الوداد

GMT 12:34 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

Daily Leo

GMT 21:51 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

فولسانغ يتفوق على ريتشي بورت في سباق دوفين

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل جلسة استماع بول بوجبا أمام محكمة المنشطات الإيطالية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib