الحموشي والأحداث الم

الحموشي والأحداث الم..

المغرب الرياضي  -

الحموشي والأحداث الم

توفيق بوعشرين

عقدت منظمة العفو الدولية «أمنيستي» ندوة صحافية بالرباط أمس لإعلان فحوى تقريرها حول التعذيب في المغرب. ومما جاء في التقرير أن المغرب عرف ما بين 2010 و2014 وقوع 173 حالة تعذيب.

وإذا كانت المنظمة الدولية تقر بأن حالات التعذيب تراجعت بالمقارنة مع سنوات الرصاص الماضية، فإن الرقم، مع ذلك، يظل مخيفا ومقلقا. هذا، وقالت المنظمة إن تقاريرها مبنية على لقاءات كثيرة مع الضحايا ومحامييهم ومع الحقوقيين، ومن خلال فحص وثائق المحاكمات والتقارير الطبية. وأوضحت المنظمة أن وسائل التعذيب في المغرب متنوعة، منها الضرب والخنق والإيهام بالغرق والتهديد بالاغتصاب الجنسي، والاعتقال في ظروف قاسية في مخافر الشرطة والدرك التي تفتقر إلى النظافة والرعاية الطبية. وعن الفئات التي تعرضت للتعذيب خلال الأربع سنوات الماضية، قالت أمنيستي إنهم من كل الفئات، ناشطون يساريون وإسلاميون وطلبة، ومواطنون يحتجون على الفقر والتهميش، علاوة على الانفصاليين، وآخرين متهمين بارتكاب أعمال إجرامية…

وفي الأخير، اعترفت المنظمة بأنه رغم كل هذه الحالات فإن التعذيب في المغرب غير ممنهج، أي لا توجد سياسة عمومية تعتمد التعذيب طريقة للتعامل مع المعارضين أو مع «خصوم النظام» بغية كسرهم أو إخضاعهم أو إرهابهم، وإن ما يقع هو تجاوزات يرتكبها أفراد من الشرطة أو الدرك أو إدارة السجون…

في تقرير أمنيستي هناك الأبيض والأسود، كما هي العادة في كل شيء. الأبيض أن أمنيستي وضعت المغرب تحت المجهر رفقة أربع دول في العالم في هذه الفترة لأنه بلد مؤهل لأن يعطي المثال الجيد للآخرين عن أنه بلد عربي إفريقي مسلم تتحسن سيرته الحقوقية باطراد رغم كل الصعوبات التي تلاقيها هذه الحقوق في بلدان العالم الثالث.

ثانيا، تقرير أمنيستي يعترف للسلطة بالبراءة من التعذيب الممنهج، أي أن الدولة لا تخطط لتعذيب أحد، وأن الذي يقع هو تجاوز أفراد من القوى العمومية. وهذا معناه أن المغرب متقدم على كل الدول العربية، باستثناء تونس، وأن السعودية والجزائر والأردن وسوريا وليبيا والعراق واليمن والبحرين والكويت وقطر وغيرها لا يمكن أن تسمح لأمنيستي بتنظيم ندوة في عاصمتها لتقديم تقرير أسود عن التعذيب في هذه البلاد…

هذا هو الجانب الأبيض في هذه الكأس.. الجانب الأسود هو أن التعذيب مازال يعيش بيننا رغم كل التضحيات التي قدمها المناضلون الحقوقيون، ورغم تجربة الإنصاف والمصالحة، ورغم كل المجهودات التي قامت بها الدولة، وأن التعذيب مازال يقاوم خطاب الإصلاح، ويتعايش مع مشروع إصلاح العدالة، وأننا بلاد لا تعرف كيف تلزم القوة العمومية باحترام دولة القانون وحقوق الإنسان…

عندما تقول أمنيستي إن التعذيب في المغرب غير ممنهج، أي أنه ليس قرارا سياسيا من الدولة، فهذا معناه أن هناك من داخل السلطة من يقاوم التوجهات العليا، ومن يصر على تلطيخ سمعة الدولة في الداخل والخارج، وهذا معناه ثانيا أن هناك تمردا من داخل الإدارة على توجهات الدولة والحكومة، وأن البلاد لا تتوفر على ضوابط وقواعد لإلزام موظفيها باحترام القانون وكرامة البشر…

في السنة الماضية أوقف وزير العدل والحريات نائبا لوكيل الملك في إحدى المدن لأنه لم يعرض موقوفين ادعوا تعرضهم للتعذيب على الخبرة الطبية، وصفق الجميع لقرار وزارة العدل، لكن عندما عرض الملف على القضاء الجالس لم تستجب القاضية، التي عرض عليها الملف، لطلب الدفاع بعرض المتهمين على الخبرة الطبية، وفهم الجميع الرسالة.. أطراف في القضاء تقاوم الإصلاح، ولا تريد لحقوق الإنسان أن تصبح من ثوابت الدولة المغربية…

قبل أن أكتب هذه الأسطر اتصلت بمسؤولين كبار في وزارة العدل والحريات لأعرف تعليقهم على تقرير أمنيستي، فقالوا: «إن وجود حالات للتعذيب في المغرب حقيقة لا ينكرها أحد، لكن لا وجود لسياسة منهجية تعتمد التعذيب والإهانة، كما قالت أمنيستي، لكن رقم 173 حالة تعذيب في ظرف أربع سنوات رقم مبالغ فيه، فالمنظمات الدولية لا تستمع، في الغالب، إلا إلى طرف واحد، وتحرياتها ليست دقيقة دائماً، كما أن مصدر المعلومات يكون انتقائيا، لكن، في جميع الأحوال، نحن نتحدث مع هذه المنظمة، وهي تعترف بالتقدم الحاصل في البلاد».

إذا كان من ورش مستعجل أمام المدير الجديد للأمن الوطني، عبد اللطيف الحموشي، فهو تحديث جهاز الأمن، وإعطاؤه الإمكانات البشرية واللوجستية والتكنولوجية اللازمة للعمل حتى لا يضطر إلى استعمال وسائل محظورة في التحقيق أو أثناء الاعتقال، ثم لا بد من تدريب القوات العمومية على فض المظاهرات والتجمعات إذا كانت غير قانونية، ففي كثير من الأحيان، يكون الجهل وعدم خبرة العنصر البشري السبب وراء المعاملات الحاطة من كرامة البشر، ثم لا بد من القطع مع ثقافة الإفلات من العقاب، وتقديم عناصر الأمن والدرك، التي تتجاوز القانون، إلى العدالة حتى نعطي المثال للآخرين، فلا أحد فوق القانون، والدولة تحمي هيبتها باحترام هذا القانون لا بخرقه.. بحب المواطنين لها لا بخوفهم منها، ثم يبقى دور القضاء في الرقابة على احترام حقوق الإنسان قائما، وفي توجيه الضابطة القضائية يوميا لاحترام القانون وكرامة البشر وسلامة المغربي، مهما كانت التهم الموجهة إليه…

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحموشي والأحداث الم الحموشي والأحداث الم



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 02:08 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

20 مليون للاعبي الوداد للتتويج بدوري الأبطال

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:23 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الكعبي وحاريث يغادران معسكر المنتخب المغربي

GMT 16:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الإصابة تبعد اللاعب وليد الكرتي عن الوداد

GMT 12:34 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

Daily Leo

GMT 21:51 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

فولسانغ يتفوق على ريتشي بورت في سباق دوفين

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل جلسة استماع بول بوجبا أمام محكمة المنشطات الإيطالية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib