حوار مع زميلي المصري حول الملك وبنكيران والإخوان

حوار مع زميلي المصري حول الملك وبنكيران والإخوان

المغرب الرياضي  -

حوار مع زميلي المصري حول الملك وبنكيران والإخوان

توفيق بوعشرين

سألني صحافي مصري من كتيبة الجنرال السيسي: «كيف يتعايش ملككم مع الإسلاميين مع أنهم سقطوا في كل دول الربيع العربي إلا في المغرب؟». فأجبته: «ولماذا لا يتعايش الملك مع صناديق الاقتراع وما أفرزته من نتائج سياسية، سواء حملت الإسلاميين أو العلمانيين إلى السلطة؟ هل لي أن اقلب السؤال وأقول لك: لماذا لم يتعايش الجيش والدولة العميقة مع مرسي وإخوانه مادام الشعب المصري قد اختارهم في انتخابات حرة ونزيهة شهد لها العالم؟».

قال زميلي الصحافي: «دعنا من مصر، فهذه دولة اختارت طريقا آخر غير الاستماع إلى صناديق الاقتراع، مادامت هذه الأخيرة تفرز قوى معادية لهوية مصر وتاريخها وطابعها المدني. دعنا في المغرب، كيف نجحت حكومة بنكيران في أن تنحني للعاصفة؟ وكيف لم يفلح خصومها في الإطاحة بها رغم أن المناخ في 2013 كان مواتيا، على اعتبار أن الغرب وأوروبا وأمريكا كلها أصبحت مهيأة للقبول بإزاحة الإسلاميين عن السلطة، بعد أن اتضح أن الديمقراطية العربية لا تنجب في هذه المرحلة إلا الإسلاميين، معتدلين ومتطرفين، وأن هؤلاء خطر على مصالح الغرب وأمن إسرائيل وتوازنات الدولة العربية الهشة؟».

فكرت في أقصر الطرق للإجابة عن هذا السؤال المعقد وقلت لزميلي: «هناك خصوصية في المغرب تختلف عن المشرق، ففي البلاد تعددية سياسية عمرها 60 سنة، وهناك تقاليد في الحكم والمعارضة لا تصل إلى حدود الاستئصال في غالب الأحيان… لكن إذا أردت جوابا سياسيا مباشرا دون خلفيات تاريخية، فإليك ما وقع.. لقد تحرك الشارع المغربي كما الشوارع العربية سنة 2011، وخرجت التظاهرات في 56 مدينة وإقليما في المغرب تطالب بالإصلاح العميق للدولة ولنظامها السياسي الذي كان قد انزلق في السنوات الأخيرة إلى نوع من الاستبداد الناعم، الذي وصل إلى حد إنشاء حزب الدولة، والإضرار بكل المبادرات الإصلاحية التي قام بها الجالس على العرش منذ مجيئه سنة 1999. عندما تحرك الشارع اتخذ الملك قرارا بالاستجابة لأقصى المطالب الممكنة، عوض أن يدخل في صراع مباشر مع شعبه. ولأنه ملك، فهو يمتاز بحاسة سياسية كبيرة تلتقط عن بعد مصدر الأخطار لأن وراء الملك ذاكرة وتاريخا وخبرة، لهذا عمد محمد السادس إلى تغيير الدستور، وإلى التنازل عن الكثير من السلط التي ورثها عن والده، كما قام بحل البرلمان والحكومة، والدعوة إلى انتخابات جديدة كانت الأكثر شفافية ونزاهة في كل تاريخ المغرب، وهذه الانتخابات هي التي أفرزت حكومة بنكيران، حيث حصل الإسلاميون المعتدلون على 107 مقاعد في البرلمان. بعدها هدأ الشارع، وتراجعت المسيرات، وقبلت قطاعات واسعة من الشباب والطبقات الوسطى بهذه الصفقة السياسية الضمنية (الإصلاح العميق في ظل الاستقرار)، لهذا فإن الملك محمد السادس، حتى عندما انقلب الربيع العربي الذي حمل الإسلاميين إلى السلطة إلى خريف، فإنه لم يراجع التزاماته تجاه شعبه، واعتبر دائماً أن وعده للمغاربة باحترام المنهجية الديمقراطية وعد قائم ولا رجعة فيه. صحيح أن هناك صعوبات اعترضت علاقة القصر بالحكومة، وهناك سوء فهم حدث لأكثر من مرة، لكنها حوادث جرى تجاوزها في طريق وعر وفي ظل دستور جديد. هل تعرف يا صديقي أن الملك هو من أنقذ الحكومة من السقوط بعد خروج حزب الاستقلال من الحكومة سنة 2013، وأن الجميع يعرف أن حزب التجمع الوطني للأحرار ما كان يملك قراره بيده، لولا أنه شعر بأن هناك إرادة ملكية لاستمرار هذه الحكومة في تحمل مسؤولياتها، ولهذا بلع كل خلافاته مع حزب العدالة والتنمية، ودخل إلى الحكومة وهو الآن شريك فاعل في الائتلاف؟».

بقي زميلي يستمع باهتمام إلى هذه القصة، ثم سأل: «وكيف تصرف بنكيران خلال فترة إقامته في الحكومة؟ هل سعى إلى أخونة الدولة كما جرى عندنا؟ وهل عمد إلى استغلال الدستور الجديد لتكريس هيمنته على السلطة كما فعل إخوان مصر؟». قلت له: «إذا أردت أن تفهم تعقيدات الحياة السياسية في المغرب، فعليك أن تنسى مصر مؤقتا. إخوان المغرب ليسوا هم إخوان مصر، والحزب الموجود الآن في الحكومة لم يشارك في الحراك المغربي، بل إن بنكيران خاض معركة شرسة في حزبه من أجل عدم النزول إلى الشارع، لأنه اعتبر أن الحراك السياسي بدون سقف للمطالب قد يتحول إلى ثورة على النظام، وهذا ما يقع خارج تفكير وطبيعة العدالة والتنمية. هذا حزب ملكي. صحيح أن له مسحة أصولية تضعف وتقوى حسب الظروف، لكنه حزب محافظ سياسيا، وهو يعتبر نفسه جزءا من النظام وليس شيئا خارجه. بنكيران لم يستغل الدستور الجديد لممارسة صلاحياته، فما بالك بممارسة صلاحيات ليست له. بنكيران عندما رأى الجيش يحلق لمرسي في القاهرة عمد إلى لحيته وحلقها بنفسه، واختار أن ينهج سياسة واقعية، وأن يتجه إلى تمتين التوافق وترسيم التطبيع مع القصر، والاهتمام بحل أكثر المشاكل تعقيدا في المغرب، وتحويل الحزب من حزب إيديولوجيا إلى حزب خدمات. إلى الآن الأمور تسير، وقد اتخذ بنكيران إجراءات كبيرة للحفاظ على التوازنات المالية للدولة، وعمد إلى تقليص الدعم الحكومي الذي كان موجها إلى المحروقات، وتضييق الخناق على الإضرابات العمالية، وهو الآن بصدد إصلاح صناديق المعاشات، وهذه إجراءات قاسية لم تستطع الحكومات التي سبقت بنكيران أن تقترب منها. صحيح أن الأمور ليست سمنا على عسل بين الإسلاميين والدولة العميقة في المغرب، لكن الطرفين معا أصبحا يفهمان بعضهما بعضا، ويتحاوران بطرق عدة، وإذا لم تتدخل أطراف أجنبية، أو تحدث خشونة غير سياسية في المقبل من الشهور من أحد الأطراف، فإن التجربة الديمقراطية المغربية ستربح، ودفتر الإصلاحات الكبرى سيربح، ثم في الأخير ستعطى الكلمة للشعب ليحكم على الحكومة وأحزابها في صناديق الاقتراع»…

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار مع زميلي المصري حول الملك وبنكيران والإخوان حوار مع زميلي المصري حول الملك وبنكيران والإخوان



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 00:24 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

منتخب المغرب لكرة اليد يخوض أول تدريب في الغابون

GMT 13:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أول اغسطس" يعترف بمفاوضات الأهلي مع اللاعب دا كوستا"

GMT 23:24 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

مستقبل لويس إنريكي يشهد تطورات مفاجئة مع "برشلونة"

GMT 00:07 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيراري يسعى إلى تشكيل بطولة بديلة للانسحاب من "فورمولا 1"

GMT 15:30 2022 الإثنين ,31 كانون الثاني / يناير

"الكاف" تنفي وقوع اعتداء علي فوزي لقجع
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib