لا عربية ولا أمازيغية سميرة فرانكوفونية

لا عربية ولا أمازيغية.. سميرة فرانكوفونية

المغرب الرياضي  -

لا عربية ولا أمازيغية سميرة فرانكوفونية

توفيق بو عشرين

«نحن بلد مغاربي وليس عربيا، ويجب أن نفتخر بذلك. نحن ماشي دولة عربية أقولها وأتحمل مسؤوليتي.. نحن تاريخيا بلد أمازيغي»…
هذه الجمل نطقتها سميرة سيطايل على أمواج إذاعة خاصة بالفرنسية، وأنا لا اعتراض لدي على لسانها ولا على حقها في تعريف هوية المغرب كما تشاء، لكن من حقي أن أناقشها في هوية «مغاربي» التي تراها سميرة مناقضة لعربي في تصور اختزالي مبسط جدا لهوية مركبة.
ماذا تعني هذه الهوية الجغرافية التي اعتمدتها سميرة سيطايل، التي تعتبر اليوم واحدة من الذين يرسمون السياسة الإعلامية للدولة، سواء من خلال وظيفتها في القناة الثانية، أو من خلال المهام غير الرسمية التي تقوم بها مع دوائر القرار المغلقة (عينت أخيرا رئيسة القطب لإعلامي المكلف بالإعداد للكوب22 بمراكش).
ماذا يجمع المغرب بتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا؟ الجغرافيا نعم، لكنها جغرافيا ميتة منذ استقلال هذه البلدان إلى اليوم، حيث لا تنتج هذه الجغرافيا تبادلا ماديا ورمزيا بين الدول والشعوب، بل، بالعكس، أنتج الجوار الجغرافي الصعب مع الجزائر متاعب جمة للمغرب، وهذه قصة أخرى. غير الجغرافيا هناك الدين الإسلامي، حيث تنص دساتير الدول الخمس على اعتبار الإسلام دين الدولة الرسمي. ماذا يوجد أيضا في الطنجرة المغاربية؟ هناك اللغة العربية، حيث تنص الدول المغاربية الخمس على اعتبار اللغة العربية هي اللغة الرسمية، وأخيرا أصبح المغرب والجزائر يعتبران اللغة الأمازيغية هي الأخرى لغة رسمية، في محاولة للتصالح مع كل أبعاد الهوية المغربية والجزائرية. ثم ماذا يربط اليوم بين المغربي والجزائري والتونسي والموريتاني والليبي؟ عندما يلتقون في الجامعة العربية يتحدثون بالعربية، وعندما يلتقون في الاتحاد المغاربي يتحدثون العربية، وعندما يلتقون في منظمة المؤتمر الإسلامي يتحدثون عن الإسلام باللغة العربية، وعندما يقتل فلسطيني أو لبناني أو عراقي أو سوري يغضبون، ويخرجون إلى الشارع للتظاهر والتفاعل مع القضايا العربية، كما لا يفعلون مع قضايا أخرى، حتى المتطرفين من المغاربيين يقصدون وجهة واحدة للإرهاب في ضيافة داعش، حيث نجد، في المراتب الأربع الأولى للمقاتلين الأجانب مع البغدادي، التونسيين والسعوديين والأردنيين ثم المغاربة… الخلاصة أن الدائرة المغاربية تلتقي مع الدائرة العربية والإسلامية ولا تناقضها… عندما كان سعد الدين العثماني وزيرا للخارجية اقترح، في أحد اجتماعات اللجان المشتركة بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، تغيير اسم الاتحاد لكي يصبح الاتحاد المغاربي، فتصدى له وزير خارجية تونس معترضا بشدة لأنه لا يرى تعارضا بين الانتماء المغاربي والعربي لهذا الاتحاد، فسحب العثماني اقتراحه.
إذن، ماذا يوجد من خلفيات وراء كلام سميرة؟ من يشاركها التوجه نفسه الذي تزعجه العربية إما أنه لا يعرف هذه اللغة (الإنسان عدو ما يجهل)، أو يتصور أنها القنطرة التي تعبر منها الأصولية إلى المغاربة، أو ببساطة لأنه منخرط في حزب الفرانكفونية الذي يحمل راية الأمازيغية لخوض الصراع مع العربية، ظنا منه أن هذا أفضل تكتيك للتمكين للفرنسية في المغرب، ولهذا يسعى إلى تحويل هوية المغرب المتعددة (عربية، أمازيغية، حسانية، إفريقية، أندلسية، إسلامية، عبرية) إلى هوية فقيرة ومختزلة، بل ومتعارضة مع جذرها العربي.
كنت السنة الماضية في الناظور لحضور جنازة صهري، رحمه الله، وكان المعزون طوال الوقت يتكلمون بالأمازيغية (الريفية)، إلى أن حضر فقيه المسجد المجاور لإلقاء كلمة بالمناسبة بالعربية الفصحى يعزي فيها أهل الراحل، ويخفف عنهم الحزن، ويذكر الأحياء بالمصير المشترك لكل بني آدم. لم أر أي اعتراض أو ضيق من الجمع باللغة العربية، بل إن الجميع كان ينصت باهتمام وخشوع، ثم بعدما انتهى الفقيه رجع الجميع إلى الحديث بالعربية والأمازيغية دون صعوبة، ولا شعور بالتناقض بين اللغتين، فالتفت إلى أحد الجالسين إلى جانبي وقلت مازحا: «عصيد هزو الما».
المغاربة يحبون اللغة العربية لكنهم ليسوا ناصريين ولا بعثيين ولا قوميين شوفينيين، والمغاربة مهتمون بالشرق العربي لأنه مهد الرسالة الإسلامية، وفيه تقع مكة المكرمة والمدينة المشرفة والقدس الشريف، وهذه ليست آثارا تاريخية وثقافية فقط.. هذه أماكن مرتبطة بركنين من أركان الإسلام الخمسة، الصلاة، حيث يتوجه المغاربة إلى الكعبة خمس مرات في اليوم، والحج حيث يحلمون بالسفر إليه ولو مرة واحدة في حياتهم، أضف إلى هذا أن المغاربة، عرب وأمازيغ، مرتبطون بالعالم العربي وقضاياه ومشاكله ومصالحه (أول مستثمر أجنبي في المغرب عربي، وسفارات العربية السعودية تأتي في المرتبة الثانية في عدد طلبات التأشيرات للخارج بعد فضاء شينغن، وأكبر مساعدة وصلت إلى المغرب منذ خمس سنوات جاءت من العرب، وقدرها خمسة ملايير دولار)، وإلى الآن التلفزات الأكثر متابعة في المغرب هي Mbc والجزيرة والعربية والقنوات الدينية الخليجية وقنوات «بي إن سبور» الناطقة بالعربية، ثم تأتي القنوات الأجنبية، ويكفي إلقاء نظرة على صفحات 10 ملايين مغربي المنتمين إلى جمهورية الفايسبوك الزرقاء لنرى أن الأغلبية الساحقة من التدوينات والرسائل تكتب بلغة الضاد.
هوية شعب من الشعوب لا تحدد فقط بالجغرافيا، بل تحددها أبعاد أخرى أعمق وأكبر، يا سميرة، وهوية المغرب موضوع مفتوح للنقاش لكن بجدية ومسؤولية أكبر وبعيدا عن «التحنقيز».

 

GMT 00:46 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

ما وراء ظلال جريمة "شمهروش"

GMT 00:02 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ثقة بين الإسلاميين والدولة في المغرب

GMT 23:45 2018 الأحد ,30 أيلول / سبتمبر

مصائب قوم عند قوم جوائز!

GMT 00:06 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

إنه التبرهيش والسّلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا عربية ولا أمازيغية سميرة فرانكوفونية لا عربية ولا أمازيغية سميرة فرانكوفونية



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 02:08 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

20 مليون للاعبي الوداد للتتويج بدوري الأبطال

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:23 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الكعبي وحاريث يغادران معسكر المنتخب المغربي

GMT 16:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الإصابة تبعد اللاعب وليد الكرتي عن الوداد

GMT 12:34 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

Daily Leo

GMT 21:51 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

فولسانغ يتفوق على ريتشي بورت في سباق دوفين

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل جلسة استماع بول بوجبا أمام محكمة المنشطات الإيطالية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib