مارجعينش والله يخلف على خالتي ميركل

مارجعينش.. والله يخلف على خالتي ميركل

المغرب الرياضي  -

مارجعينش والله يخلف على خالتي ميركل

توفيق بو عشرين

سجلوا صرخاتهم ضد قرار المغرب استرجاع مهاجريه  «السريين» من ألمانيا،  وأعرب الثلاثة، بكل عفوية ومرارة، عن معارضتهم  اتفاق الرباط وبرلين  على ترحيل هؤلاء من ألمانيا إلى المغرب، بعد أن تسربوا في صفوف موجة اللاجئين السوريين والعراقيين إلى أوروبا السنة الماضية، وعبروا تركيا واليونان وبلدانا أخرى، واستقروا خاصة في ألمانيا التي فتحت ذراعيها لهؤلاء المنكوبين لدواعٍ إنسانية… هذا الفيديو عمره دقيقة و40 ثانية، لكن مدلوله أطول وأعمق بكثير…

ماذا قال المغاربة الثلاثة من ألمانيا بعد أن مروا بمخاطر عظمى  وأهوال كبرى قبل أن يستقروا في أحد ملاجئ السيدة ميركل؟ إليكم  ما قاله هؤلاء  قبل أن نعلق عليه… «لماذا تريدون إرجاعنا من ألمانيا إلى المغرب؟ لماذا تريدون إرجاعنا إلى القهر والخبز واتاي؟ لماذا لا تسترجعون سبتة ومليلية المحتلتين من أيدي الإسبان؟ لماذا لا ترجعون بنات المغرب من الخليج اللواتي يتعرضن للاستغلال والمهانة ويشوهن وجه البلاد؟ لماذا لا ترجعون الأساتذة المتدربين المضربين عن الدراسة منذ أشهر إلى الأقسام؟ ولماذا تواجهونهم بالعصا والزرواطة؟ أنا شخصيا -يقول الشاب الأول-  تخلصت من جنسيتي المغربية في عرض البحر، ورميت جواز سفري إلى السمك، بعد أن واجهنا الموت في الزورق (الزودياك) الذي توقف محركه في عرض البحر، ثم لما دخلنا إلى غابة مقدونيا واجهنا مخاطر لا يتمناها أحد لعدوه. ستة أيام من المشي على الأقدام  بدون ماء ولا طعام، كنا معرضين لهجوم الحيوانات البرية المفترسة (الحلوف) ولجرائم المافيات التي تتربص بالمهاجرين في كل مكان، هذا إذا أفلت الإنسان من رجال الشرطة الذين يعمدون إلى كسر أرجل المهاجرين لمنعهم من الحركة ودخول أوروبا، وبعد كل هذه المِحنة، وبعد أن رأينا الموت أمام أعيننا وصلنا إلى ألمانيا، والآن تريدون أن ترجعونا  إلى المغرب.. هذا حرام، مارجعينش، هنا نحن بخير نأكل ونشرب، وفوق هذا يعطوننا المال، الله يخلف على خالتي ميركل، وجدنا عندها الحنان الذي لم نجده في بلادنا، ماذا أعددتم لنا أنتم في المغرب  إذا استرجعتمونا من ألمانيا غدا؟ السجون، الزرواطة، الحكرة، الشوماج»… هنا يتدخل الشاب الثاني من تطوان، وبلهجته الشمالية استكمل الاحتجاج قائلا: «لماذا الآن فقط تهتمون بِنَا؟ عندما كنّا في المغرب لم يكن أحد يسأل عنا ولا عن أحوالنا. الآن فقط لما وصلنا إلى أوروبا أصبحنا مهمين وتريدون استرجاعنا. أسيدي مارجعينش، ابتعدنا عنكم آلاف الكيلومترات ومازالين تابعينا، مارجعينش.. مارجعينش لبلاد العدالة نايمة والحكرة قايمة.. واش حسدتونا عندما وصلنا إلى أوروبا وغامرنا بحياتنا؟ حشومة عليكم مارجعينش مارجعينش…».

هذا النص القصير، النابع من نفوس مجروحة وقلوب مكلومة وعقول يائسة، يسائل الدولة المغربية وحكومة بنكيران والمؤسسات المنتخبة والأحزاب السياسية، وكل صاحب سلطة أو ولاية أو قرار.. كيف وصل هؤلاء الشبان، وملايين مثلهم، إلى هذه الدرجة من اليأس والإحساس بلا جدوى الانتماء إلى الوطن الذي لا يحسون فيه بالأمان ولا بالكرامة ولا حتى بالاهتمام… هؤلاء الشباب المغاربة الذين تدفقوا بالآلاف على أوروبا مستغلين فتح الأبواب مؤقتا  للاجئين والفارين من حربي العراق وسوريا لكي يتسربوا بين صفوفهم.. هؤلاء الشباب المغاربة  يبعثون إلينا جميعا رسالتين خطيرتين، ويجب قراءتهما جيدا؛ الأولى أن هؤلاء الشباب المغاربة، ورغم كل ما يقال عن استقرار بلدهم وتحرك عجلة الإصلاح فيه، قد وصلوا إلى درجة من اليأس وفقدان الأمل، والإحساس بالمهانة في بلادهم،  إلى الحد الذي يجعلهم  يخاطرون بحياتهم في عرض البحر من أجل الوصول إلى أوروبا، تماما كما يفعل السوريون والعراقيون الهاربون من جحيم الحرب وبراميل الأسد المتفجرة وبربرية داعش في الرقة والموصل. ما الذي أوصل هؤلاء إلى هذه الدرجة من اليأس إلى الحد الذي يتعرضون فيه لخطر الموت من أجل إعطاء حياتهم معنى؟ مثل هؤلاء كثيرون في المغرب، واليوم  يركبون مخاطر الموت على متن «زودياك» كما فعل أقرانهم منذ 20 سنة، لكن هناك من يركب قارب التطرف والإرهاب والراديكالية ليهاجر إلى مناطق أخرى مشتعلة.. إنهما وجهان لعملة واحدة.

الرسالة الثانية التي بعثها الشبان الثلاثة من ألمانيا إلى بريد المغرب هي أن هؤلاء يرفضون قرار ترحيلهم من أوروبا إلى المغرب، ويرون أن مغامرتهم للوصول إلى «الإلدورادو» الأوروبي، والمعاناة التي تحملوها تعطيهم الحق في البقاء في ألمانيا، والبحث عن مستقبل آخر في بلاد «خالتي ميركل»، كما وصفوها، التي وجدوا عندها الحنان الذي افتقدوه في بلادهم… هؤلاء يقولون للمغرب: لا تبحث عن حلول مع أوروبا على حسابنا. هؤلاء يقولون للجميع: لا يوجد هناك مهاجر سري وآخر علني، ولا توجد هناك هجرة شرعية وأخرى غير شرعية، هناك فقط بشر يبحثون عن أمل خارج حدودهم، كما فعل الإنجليز والفرنسيون والإسبان والروس في أزمنة المِحنة (بين الحربين العالمية الأولى والثانية هاجر 11 مليون بريطاني من وطنهم إلى أمريكا وأستراليا ونيوزلندا وجنوب إفريقيا وآسيا للبحث عن فرص أفضل أو للهروب من واقع سيّئ).

على الدولة أن تفهم مشاعر هؤلاء، وأن توازن بين التزاماتها الدولية وعجزها عن توفير بيئة كريمة لشبابها. البطالة التي تضرب أكثر من 25٪‏ من الشباب المغربي اليوم  ليست أرقاما لا تقول شيئا.. هذه البطالة تحتها بشر وأحاسيس وآمال وغضب وتطلعات، والذي يريد، في الشرق والغرب، الحد من الهجرة «السرية» يجب أن يستمع إلى معاناة هؤلاء، وأن يفهم احتياجاتهم، وأن يساهم في إعطائهم الأمل في حياة أفضل. العالم الذي أصبح قرية صغيرة لا يمكن أن يتحرك فيه الأغنياء فقط، ولا يمكن لأسواق هذا العالم  أن تفتح في وجه البضائع والرساميل فقط، الإنسان أيضا من حقه العبور والسفر والانتقال، والبحث عن فرصة أخرى لم تعطه إياها بلاده. قال الإمام علي قبل 14 قرنا من اليوم: «الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن». 

GMT 00:46 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

ما وراء ظلال جريمة "شمهروش"

GMT 00:02 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ثقة بين الإسلاميين والدولة في المغرب

GMT 23:45 2018 الأحد ,30 أيلول / سبتمبر

مصائب قوم عند قوم جوائز!

GMT 00:06 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

إنه التبرهيش والسّلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مارجعينش والله يخلف على خالتي ميركل مارجعينش والله يخلف على خالتي ميركل



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 02:08 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

20 مليون للاعبي الوداد للتتويج بدوري الأبطال

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:23 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الكعبي وحاريث يغادران معسكر المنتخب المغربي

GMT 16:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الإصابة تبعد اللاعب وليد الكرتي عن الوداد

GMT 12:34 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

Daily Leo

GMT 21:51 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

فولسانغ يتفوق على ريتشي بورت في سباق دوفين

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل جلسة استماع بول بوجبا أمام محكمة المنشطات الإيطالية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib