الكويت ونهاية الكابوس اليمني

الكويت ونهاية الكابوس اليمني

المغرب الرياضي  -

الكويت ونهاية الكابوس اليمني

خيرالله خيرالله

لم يدخل وقف النار في اليمن حيز التنفيذ. بقيت جبهات عدّة مشتعلة. هذا لا يعفي من التفكير منذ الآن في ما إذا كان في الإمكان التوصّل إلى اتفاق سياسي يعيد الهدوء إلى بلد في حاجة إلى صيغة جديدة للحكم، بل إلى تركيبة مختلفة، خصوصا أن الحروب فيه لا يمكن أن تستمرّ إلى ما لا نهاية.
يُفترض أن تأخذ التركيبة، التي لا مفرّ من البحث فيها، في الاعتبار أنّ لا مجال بعد الآن لحكم اليمن من المركز، أي من صنعاء.

تحقّق وقف النار أم لم يتحقّق، هناك جولة مفاوضات يمنية ـ يمنية في الكويت يوم الثامن عشر من نيسان – أبريل الجاري بإشراف الأمم المتحدة. ستكون جولة المفاوضات هذه في غاية الأهمية، كونها ستكشف ما إذا كان هناك من استعداد لمباشرة البحث في الصيغة الجديدة لليمن. بكلام أوضح، ستكشف جولة الكويت ما إذا كانت التسوية نضجت أم أن الحاجة إلى المزيد من الحروب بين اليمنيين في غياب القناعة لدى الحوثيين “أنصارالله”، المستفيدين إلى حدّ كبير من التحالف مع الرئيس علي عبدالله صالح، بأنّ لا مجال أمامهم لتنفيذ المشروع المكلفين به.

تبلور هذا المشروع في الحادي والعشرين من سبتمبر – أيلول 2014 عندما استطاع “أنصارالله” وضع اليد على كلّ صنعاء. استطاعوا ذلك بفضل الحسابات الخاطئة للرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي الذي رفض التصدي لهم، بموافقة وزير الدفاع، آنذاك، محمد ناصر أحمد علي، الذي كان بإمرته.

لم يكن من تصدّ للحوثيين في محافظة عمران وهم في طريقهم إلى صنعاء التي بلغوها بسهولة. اصطدم الحوثيون باللواء 310 الذي كان على رأسه العميد حميد القشيبي القريب من الإخوان المسلمين، ومن الفريق علي محسن صالح الأحمر الذي أصبح قبل أيام قليلة نائبا لرئيس الجمهورية خلفا لخالد بحّاح.

لم يحصل اللواء 310 على الدعم المطلوب، فأباده “أنصارالله” بدعم قبلي، واستولوا على ما لديه من أسلحة، بما في ذلك دبابات حديثة.

في صنعاء، كشف الحوثيون عن وجههم الحقيقي، خصوصا بعد فرضهم “اتفاق السلم والشراكة” بغطاء من عبدربه منصور هادي والأمم المتحدة التي كانت ممثلة، وقتذاك، بجمال بنعمر مبعوث الأمين العام. أكد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي أن نظاما جديدا قام في البلد. يستند هذا النظام على ما أسماه “الشرعية الثورية”. قال صراحة إن نظاما جديدا قام مكان النظام الجمهوري الذي أُعلن في السادس والعشرين من أيلول – سبتمبر 1962، تاريخ سقوط نظام آل حميد الدين الإمامي. لم يتردد “حزب الله” في لبنان، عبر أمينه العام، عن الإعلان عن دعمه لـ”اتفاق السلم والشراكة” والإشادة به، مؤكدا بذلك أن إيران ليست بعيدة عن التطورات اليمنية، بل هي طرف فاعل ومباشر في البلد.

من هذا المنطلق، يمكن اعتبار جولة المفاوضات في الكويت مفصلية، خصوصا أن الكويت كانت دائما مكانا يساعد في التوصل إلى تسويات. هذا عائد أساسا إلى الاهتمام الكويتي القديم باليمن من جهة، وإلى عدم وجود أجندة كويتية في ما يخصّ البلد من جهة أخرى.

لدى الكويت اهتمام باليمن منذ التدخل العسكري المصري الذي أدّى إلى حرب غير مباشرة سعودية – مصرية في ستينات القرن الماضي. بقي الاهتمام الكويتي بعد الانسحاب المصري وبعد قيام دولة في الجنوب، حتّى عندما اتخذت هذه الدولة منحى ماركسيا وتحوّلت جرما يدور في فلك الاتحاد السوفياتي. وعندما اندلعت حرب بين الشمال اليمني والجنوب في 1979، كانت الكويت المكان الذي استضاف مفاوضات سلام ناجحة بين الجانبين.

يبدو اليمن في حاجة إلى إعادة تركيب من أساسه بعد كلّ الذي حصل في السنوات الأخيرة، خصوصا منذ خطف الإخوان المسلمون “الربيع العربي”، الذي كان ثورة شبابية حقيقية انتهت بالطريقة المزرية التي انتهت بها وتخللها فاصلان مهمان. الأوّل محاولة الاغتيال التي استهدفت الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الثالث من حزيران ـ يونيو 2011، والآخر خروجه من السلطة استنادا إلى المبادرة الخليجية في شباط ـ فبراير 2012 وتسليمه الرئاسة إلى نائبه عبدربّه منصور هادي وذلك لفترة انتقالية تستمرّ سنتين.

ثمة واقع يمني لم يعد في الإمكان تجاوزه. استطاعت “عاصفة الحزم” كسر المشروع الإيراني في اليمن. المهمّ الآن الانتقال من هذه المرحلة إلى مرحلة جديدة تقوم على البحث عن صيغة مختلفة للبلد. تأخذ هذه الصيغة في الاعتبار أن لا مجال للعودة إلى الماضي بأي شكل. أما السؤال الكبير الأوّل الذي يطرح نفسه؛ هل من استعداد لدى “أنصار الله” للتوصل إلى تسوية مع “الشرعية” الممثلة، إلى إشعار آخر، بعبدربّه منصور وحكومته ونائب الرئيس الجديد الفريق علي محسن صالح الأحمر، قريب علي عبدالله صالح وعدوّه اللدود في الوقت ذاته؟

كان علي محسن صالح طرفا مباشرا في كلّ الحروب على الحوثيين منذ العام 2004. لا شكّ أن تسميته نائبا للرئيس تشير إلى تطوّر كبير في جانب الشرعية، خصوصا أنّه شمالي. ولكن هل انتماؤه إلى التيّار الديني المتشدّد (الإخوان والسلفيون) يخدم جولة المفاوضات في الكويت أم سيزيد من التعقيدات؟ هل يخدم وجود علي محسن صالح في موقع القرار الوصول إلى تسوية تتجاوز عقد الماضي، بما في ذلك عقدة المركز الذي اسمه صنعاء.

الكثير سيعتمد على ما إذا كان هناك استعداد لدى الأطراف اليمنية للذهاب بعيدا في المصارحة والابتعاد عن الجمود، بما في ذلك الوحدة اليمنية. هذه الوحدة لم تعد قائمة. الأكيد أن ليس في الشمال من لا يزال متحمّسا للعودة إلى هذه الوحدة، كذلك في الجنوب. كذلك، لم يعد حل الدولتين المستقلتين قابلا للحياة. لو كان هذا الحل يشكّل حلا، لما كانت دولة الجنوب انتهت بالطريقة التي انتهت بها في أيار ـ مايو 1990.

يمكن اختزال المشكلة التي ستواجه جولة المفاوضات في الكويت بالآتي: هل في الإمكان إيجاد أي قاسم مشترك بين الحوثيين وعلي محسن صالح رجل “الشرعية” القويّ؟ ثمّ ماذا بعد إيجاد هذا القاسم المشترك الذي يحتاج إلى معجزة؟ ما العمل بالجنوب وكيف يمكن حلّ مشكلة تعز القريبة من عدن والبحث في مستقبل الجنوب؟ ما العمل أيضا بعلي عبدالله صالح، خصوصا في ضوء الحشد الكبير الذي أقامه في صنعاء يوم السادس والعشرين من آذار ـ مارس الماضي والذي أثبت من خلاله أن سيطرة الحوثيين على العاصمة تضعضعت؟

ستكون الكويت مكانا لتدوير الزوايا الحادة. هل تسود العقلانية والواقعية. على الأصحّ هل تعلّم اليمنيون شيئا من التجارب التي مروا بها منذ العام 2011، تاريخ المحاولة الانقلابية الفاشلة للإخوان المسلمين التي سمحت للحوثيين بالتمدد في كل الاتجاهات وتعميق تحالفهم مع علي عبدالله صالح الذي كان في الماضي القريب عدوا أساسيا لهم.

لا تزال الحاجة إلى أيّام قليلة لمعرفة ما إذا كان الكابوس اليمني سيجد نهاية قريبة أم لا.

GMT 09:55 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

لمصلحة الحوثيين وليس اليمن!

GMT 04:43 2019 السبت ,02 آذار/ مارس

اليمن أسير الحوثيين والفراغ

GMT 09:23 2019 الجمعة ,01 آذار/ مارس

اليمن أسير الحوثيين والفراغ

GMT 04:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

القتال على الطعام في اليمن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت ونهاية الكابوس اليمني الكويت ونهاية الكابوس اليمني



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 16:02 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

ثرثرة منتصف الليل

GMT 03:17 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عزيز العامري يقاطع الندوة الصحافية عقب الخسارة أمام "الوداد"

GMT 23:41 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة يبدأ في البحث عن مدير فني جديد بديلا لإنريكي

GMT 01:09 2015 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

بنعطية احتياطيًا ضمن التشكيلة النموذجية لإفريقيا في 2015

GMT 09:58 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

غيستاف يفوز بالدورة التاسعة للحاق الدولي للصحراء

GMT 18:02 2022 الإثنين ,31 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يتوصل إلى اتفاق للتعاقد مع مبابي

GMT 11:19 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

مباراة لاتسيو ضد روما أول ديربي في "الكالتيشيو"بدون جماهير
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib