انكشاف النظام السوري في الجولان

انكشاف النظام السوري في الجولان

المغرب الرياضي  -

انكشاف النظام السوري في الجولان

خيرالله خيرالله

هل لا يزال لدى النظام السوري ما يفعله بعد انكشافه وتسليمه قراره السياسي والأمني لطهران؟

سيتوجّب على أطراف عدّة إعادة حساباتها بعد العملية التي نفّذتها إسرائيل في الجولان السوري والتي أدّت إلى مقتل قياديين من “حزب الله” وضابط كبير في “فيلق القدس” الذي ينتمي إلى “الحرس الثوري” الإيراني.

يعود ذلك، بكل بساطة، إلى أنّ تغييرا جذريا حصل على الأرض كشف ما آل إليه وضع النظام السوري. هذا التغيير هو الأوّل من نوعه منذ العام 1974، تاريخ التوصّل إلى الاتفاق السوري – الإسرائيلي الذي جعل الجولان الجبهة الأكثر هدوءا في الشرق الأوسط. ما فعلته إسرائيل يُعتبر الرد الأوّل على التغيير. ما الذي ستفعله إيران التي افتعلت التغيير؟ ما الذي سيفعله “حزب الله” المرتبط عضويا بإيران؟ هل لا يزال لدى النظام السوري ما يفعله بعد انكشافه وتسليمه قراره السياسي والأمني لطهران؟

يعتبر الجولان إحدى المناطق الحساسة، بل الأكثر حساسية في سوريا، لا لشيء سوى لأنه يشكل خط وقف النار مع إسرائيل. أن يتجول فيه قياديون من “حزب الله” ومن “فيلق القدس” دليل على أن القرار السوري صار إيرانيا.

ما يجمع بين “حزب الله” و“فيلق القدس” الانتماء إلى “الحرس الثوري الإيراني”. كانت هناك دورية مشتركة لقياديين من “حزب الله” و“فيلق القدس” في الجانب السوري الذي تحرر، بفضل السياسة وليس نتيجة قتال من أي نوع كان. يشير التطور الأخير إلى انتقال الإشراف على وقف النار بين النظام السوري وإسرائيل إلى إيران. صارت مقدّرات سوريا، أو على الأصحّ ما بقي منها، في يد إيران. تريد إيران ثمنا لإنقاذها النظام السوري المهترئ من السقوط، علما أنّه ساقط حتما.

إلى ذلك، كشفت العملية الإسرائيلية بتوقيتها الغريب، أن هناك تغييرا في الاتفاقات والتفاهمات الضمنية القائمة بين النظام السوري وإسرائيل منذ أواخر عام 1974، تاريخ التوصّل إلى اتفاق فك فصل القوّات السوري – الإسرائيلي بإشراف هنري كيسينجر، وزير الخارجية الأميركي وقتذاك.

إنّه الاتفاق الذي أغلق جبهة الجولان، وأطلق يد النظام السوري في لبنان. من بين ما شملته هذه التفاهمات أن يكون جنوب لبنان صندوق البريد بين الجانبين السوري والإسرائيلي في إطار احترام كلّ طرف من الطرفيْن شروطا معيّنة.

كان من بين هذه الشروط حصر اللعبة في لبنان كي تكون على حسابه وحساب مواطنيه. ليس صدفة أنّ إسرائيل لم تتجاوز الحدود السورية في حرب عام 2006 وبقي تركيزها على لبنان. دمّرت وقتذاك قسما لا بأس به من البنية التحتية اللبنانية. لم توجّه أي ضربة داخل سوريا، على الرغم من أنه كان معروفا جدا أن كل صواريخ “حزب الله” كانت تأتي من إيران وتمرّ عبر الأراضي السورية.

أكثر من ذلك، كان معروفا جيّدا، أن تلك الحرب كانت تستهدف التغطية على جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وإعادة تعويم “حزب الله” الذي اتهمت عناصر منه بتنفيذ الجريمة بالتنسيق مع النظام السوري. هناك رسالة من نوع جديد توجّهها إسرائيل إلى إيران. ما لا يمكن تجاهله أنّه للمرة الأولى منذ قيام الثورة الإيرانية في العام 1979، هناك ضابط إيراني يسقط في مواجهة مع إسرائيل. اعتادت إيران إطلاق الشعارات التي تدعو إلى إزالة إسرائيل من الوجود.

في الواقع، كانت الحرب بين إيران وإسرائيل تُخاض بأجساد اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين. لم يكن لدى أيّ من الجانبين مانع في ذلك. كانت إسرائيل المستفيد الأوّل من الشعارات النارية الإيرانية التي تمكّنها من القول أنّها تواجه تهديدا وجوديا. أمّا إيران فكانت حرب الشعارات وأجساد اللبنانيين والفلسطينيين، الوسيلة الأفضل، بالنسبة إليها، للمزايدة على العرب وإحراجهم وخطف قضيّة فلسطين منهم. هل من يتذكّر أن إيران صارت تحتفل بـ”يوم القدس” في آخر جمعة من شهر رمضان، نكاية بالعرب، على رأسهم مصر، ليس إلا؟

لم يعد سرّا أنّ هناك رغبة إيرانية في تغيير قوانين اللعبة التي وضع شروطها الرئيس الراحل حافظ الأسد، وذلك بعدما تبيّن أنّها صارت صاحبة الكلمة الفصل في دمشق. جاءت الضربة الإسرائيلية في سياق هذا التغيير الذي يشير إلى أن سوريا التي عرفناها لم تعد موجودة بعدما قرّر بشّار الأسد شنّ حرب على شعبه معتمدا على إيران وعلى ميليشياتها المذهبية وعلى السلاح الروسي. هذا السلاح الروسي ليس معدّات عسكرية فقط، بل هو سلاح سياسي أيضا يعبّر عنه “فيتو” موسكو في مجلس الأمن.

يبقى سؤال في غاية الأهمّية. لماذا قرّرت إسرائيل استفزاز إيران؟ هل تعتقد أن الكيل طفح وأنها لن توافق على الشروط التي وضعتها طهران التي استطاعت إلغاء الحدود بين سوريا ولبنان من منطلق مذهبي بعدما قرّرت جعل “حزب الله” يقاتل في سوريا، أم أنّ الاستفزاز مدخل لاتفاق معها يحلّ مكان ذلك الذي كان قائما مع النظام السوري؟

لم تكن الضربة الإسرائيلية ضربة عادية. إنها مؤشر على تغيير كبير في سوريا والمنطقة المحيطة بها. هل في استطاعة إيران الردّ على الضربة؟ هل كان يمكن لإسرائيل الإقدام على ما أقدمت عليه دون أن تضع في حساباتها الردّ الإيراني المحتمل، اللهمّ إلا إذا كان قصدها قتل قياديين في “حزب الله” فقط، وأن الجنرال الإيراني ذهب ضحية وجوده في المكان غير المناسب في لحظة غير مناسبة؟

في كلّ الأحوال، سوريا التي عرفناها انتهت. صارت طهران هي التي تتحكّم بدمشق. ما هو مطروح الآن انعكاسات الحدث على لبنان الذي سيترتب عليه إعداد نفسه لكلّ الاحتمالات السيئة في حال قرّرت إيران الرد على ما ارتكبته إسرائيل.

الأكيد أن لبنان لا يتحمّل أي ردّ إسرائيلي، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها، خصوصا أيضا أنّه يستضيف ما يزيد على مليون ونصف المليون لاجئ سوري أرهقوا بنيته التحتية وتركيبته السكّانية. ولكن هل إيران في وارد مراعاة الوضع اللبناني، أم تعتبر أنّ عليها الردّ مهما كان الثمن نظرا إلى أنّ همها محصور في تأكيد أنّها اللاعب الإقليمي الأوّل في الشرق الأوسط؟

لم تأخذ إيران يوما في الاعتبار مصلحة لبنان واللبنانيين. ربّما كان أفضل ما يختصر سياستها السورية في الوقت الحاضر أن ليس في إمكانها أن تخسر دمشق بأيّ شكل من الأشكال، خصوصا أنّ ذلك يعني، أول ما يعني، أن خسارة دمشق تعني خسارة بيروت وحتّى بغداد. إيران التي زادت صنعاء إلى العواصم العربية التي تسيطر عليها، تقف عند مفترق طرق. الخوف من أن تذهب بعيدا في ردّها في ضوء الأزمة العميقة التي تعاني منها، والتي تفرض عليها الهرب إلى الخارج مجددا. فما نشهده حاليا أزمة داخلية إيرانية ذات طابع استثنائي سياسيا واقتصاديا في الوقت ذاته. هناك مسألة خلافة “المرشد” علي خامنئي المطروحة في ظل تدهور اقتصادي عائد إلى الهبوط المريع لسعر برميل النفط، وهو هبوط يهدّد النظام القائم قبل أي شيء آخر!

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انكشاف النظام السوري في الجولان انكشاف النظام السوري في الجولان



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 02:47 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هزيمة ثقيلة تهز عرش نوفاك جوكوفيتش وتبعده عن ناصية حلمه

GMT 18:27 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

النسخة السادسة لرالي المسيرة الخضراء تشهد مشاركة 100 متسابق

GMT 01:30 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

جمهور ريال مدريد يُبدي رأيه حول بيع تشيريشيف

GMT 22:40 2016 الإثنين ,25 إبريل / نيسان

كوك وجاميرو يقودان إشبيلية للفوز على ريال بيتيس

GMT 22:00 2016 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

برشلونة يمر بأسوأ حقبة له منذ 2005

GMT 03:55 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نسعى لتقديم الأفضل ونتمنى من الجماهير دعمنا في البطولات

GMT 02:41 2015 الجمعة ,16 كانون الثاني / يناير

محمد علوي ينفي تأثر معنويات "الفدائي" من مباراة اليابان

GMT 13:27 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

قطر يهزم أوزبكستان في كأس آسيا للمنتخبات الأولمبية

GMT 00:05 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ماسكيرانو يقر بالتهرب من دفع ضرائب بقيمة 1.5 مليون يورو

GMT 15:10 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

فاخر يؤكد أن "التسجيل الصوتي" سبب التعادل أمام "طنجة"
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib