أميركا تعيد اكتشاف إيران

أميركا تعيد اكتشاف إيران

المغرب الرياضي  -

أميركا تعيد اكتشاف إيران

بقلم ـ خيرالله خيرالله

أهمّ ما في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني انه يعالج موضوع إيران ككل ويضع الملف النووي في إطاره الصحيح. إنّه إطار السلوك الإيراني على الصعيديْن الدولي والإقليمي. لا يختزل الملف النووي، بأيّ شكل، مشكلة حقيقية اسمها النظام في إيران ما بعد سقوط الشاه. أي إيران التي تستثمر في كل ما من شأنه زرع حال من عدم الاستقرار في المنطقة العربية بشكل خاص، وفي كل المناطق الإسلامية بشكل عام.

لم تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق الموقع صيف العام 2015 بين إيران ومجموعة الخمسة زائدا واحدا، أي البلدان الخمسة ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن وألمانيا. من الواضح أن الإدارة الأميركية قررت مسايرة حلفاءها الأوروبيين. تفادى ترامب الانسحاب من الاتفاق الذي كان الوصول إليه هدفا بحدّ ذاته لإدارة باراك أوباما ولإيران نفسها. أرادت إدارة أوباما القول إنّها حققت إنجازا ما على الصعيد الخارجي.

وفرت لإيران الغطاء الذي تحتاجه كي تتابع سياستها العدوانية على كلّ صعيد، من منطلق أن لا وجود سوى لـ“الإرهاب السنّي” في الشرق الأوسط والعالم. لم تسأل إدارة أوباما يوما من أين جاء “داعش”، ومن وفّر الحاضنة لـ”داعش” ومن على شاكلته.

هناك للمرّة الأولى، منذ إعلان “الجمهورية الإسلامية” في إيران، في العام 1979، إدارة أميركية تعرف تماما ما هي إيران. هناك وصف متكامل ورصد دقيق من الرئيس الأميركي لكلّ النشاطات التي تقوم بها إيران داخل حدودها وخارجها. يمكن القول إن أميركا اكتشفت أخيرا إيران وذلك عندما ربط ترامب بين الملف النووي من جهة، وبين سلوك إيران من جهة أخرى. لم تكن المشكلة يوما في الملف النووي الإيراني. المشكلة في السلوك الإيراني بغض النظر عن هذا الملف الذي استخدمته إيران لتغطية ما تقوم به الآن، بل ما قامت به في الماضي أيضا.

لذلك ليس صدفة أن يكون ترامب فتح في خطابه كل الملفات الإيرانية بدءا باحتجاز الدبلوماسيين في السفارة الأميركية في طهران رهائن لمدة أربعمئة وأربعة وأربعين يوما ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر 1979.

لم تطلق الرهائن إلا بعد الانتخابات الأميركية التي تغلّب فيها رونالد ريغان على جيمي كارتر الذي وضع الأسس للتراجع الأميركي أمام العدوانية الإيرانية عندما امتنع عن الإقدام على أي خطوة جدْية ردّا على احتجاز الدبلوماسيين الأميركيين، باستثناء عملية إنقاذ فاشلة انتهت بكارثة سقوط هليكوبتر أميركية في صحراء طبس الإيرانية.

بات معروفا إلى أين أوصلت إدارة كارتر الولايات المتحدة التي لم تستطع في أي وقت الرد على الاستفزازات الأميركية، حتى في عهد ريغان الذي شهد تفجير مقرّ المارينز في بيروت يوم الثالث والعشرين من تشرين الأول – أكتوبر 1983 وقبله بأشهر قليلة تفجير السفارة الأميركية في العاصمة اللبنانية.

قتل في عملية تفجير السفارة التي كانت في منطقة عين المريسة البيروتية عدد كبير من ضباط وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. أي). على رأس هؤلاء بوب إيمز الذي كان أوّل من حذر إيران من احتمال تعرّضها لهجوم عراقي في عهد صدّام حسين (الرواية الكاملة عن تحذير إيمز للمسؤولين الإيرانيين من الهجوم العراقي في كتاب “الجاسوس الطيّب” للكاتب كاي بيرد).

لم يعد سرا بالنسبة إلى الإدارة الأميركية ما الذي فعلته إيران منذ العام 1979 وصولا إلى اعتبارها “دولة مارقة” حسب تعبير دونالد ترامب. لم يفوّت الرئيس الأميركي ذكر أي دور قامت به إيران على أي صعيد كان، وذلك لتبرير تحوّلها إلى رمز لـ“الإرهاب”. لم يتردد في الإشارة إلى التعاون بين إيران و“القاعدة”، ولم يفوت أيضا الفرصة كي يشير مرات عدة إلى الدور الذي تلعبه الميليشيات المذهبية التابعة لإيران، بما في ذلك ميليشيا “حزب الله”. أكثر من ذلك، لم يتردد في التركيز على الدور الإيراني في دعم بشّار الأسد في الحرب التي يشنّها على الشعب السوري.

من الناحية النظرية، كان خطاب ترامب خطابا شاملا وضعه له أشخاص يعرفون تماما وبالتفاصيل المملة ما هي إيران وكيف شاركت في عملية الخبر للعام 1996 التي قتل فيها عسكريون أميركيون في المملكة العربية السعودية.

ما قاله ترامب يمكن أن يصدر عن أيّ سياسي لبناني أو عربي يعرف تماما ما ارتكبته إيران في بلد مثل لبنان صار رهينة لدى “حزب الله”، خصوصا بعد انتقاله، بشكل تدريجي، من الوصاية السورية إلى الوصاية الإيرانية إثر اغتيال رفيق الحريري في شباط – فبراير من العام 2005.

لا غبار على خطاب ترامب من الناحية النظرية، خصوصا أنّه جاء نتيجة لمراجعة للسياسة الأميركية استمرّت نحو تسعة أشهر. ولكن ماذا عن الناحية العملية؟

ثمة أمور عدّة تحتاج إلى التوقّف عندها. من بين هذه الأمور عدم وضع “الحرس الثوري” الإيراني في مصاف المنظمات الإرهابية. ما الذي جعل الإدارة الأميركية تتراجع عن ذلك وتكتفي بالكلام عن عقوبات على “الحرس الثوري”.

مثل هذا السؤال لا يزال يحتاج إلى جواب، أقله إلى توضيحات ما تساعد في فهم مدى جدّية ترامب في الدخول في مواجهة مع إيران ومع مشروعها التوسّعي. ما يطمئن إلى أن الرئيس الأميركي يعي تماما ما الذي يفعله إشارته إلى ضرورة رص الصف بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

هذا الكلام يعني، بكل بساطة، أن أميركا غيّرت استراتيجيتها الشرق أوسطية ولم تعد في وارد استرضاء إيران من أجل المحافظة على الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني. بكلام أوضح، لن تنسحب أميركا من الاتفاق، لكنها لن تفصل بينه وبين سلوك إيران على الرغم من كلّ الاعتراضات الأوروبية على هذه المقاربة المختلفة كليا عن مقاربة إدارة باراك أوباما.

حسنا، قال الرئيس الأميركي ما يريد قوله. هناك اعتراضات أوروبية وروسية، وهناك اعتراضات أخرى من داخل الإدارة نفسها حيث لا وجود لحماسة لدى وزير الخارجية ركس تيلرسون لأي مواجهة من أيّ نوع مع إيران. هناك جناح في الإدارة يفضّل اعتماد التهدئة والعمل على متابعة استرضاء إيران. وهذا يدل على قوة اللوبي الإيراني في واشنطن ومدى فاعليته.

يبقى في نهاية المطاف، كيف يمكن لترامب الانتقال من التنظير إلى التنفيذ. سيعتمد الكثير على ما إذا كانت هناك خطط عسكرية لتقطيع أوصال الوجود العسكري الإيراني في المنطقة، خصوصا في منطقة الحدود السورية – العراقية.

ليس بعيدا اليوم الذي سيتبيّن فيه هل خطاب ترامب ثمرة مشاورات بين كبار العسكريين الذين يشغلون مواقع مهمّة في الإدارة مثل الجنرال هربرت مكماستر مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع جيمس ماتيس ورئيس الأركان في البيت الأبيض الجنرال جون كيلي، أم انّه مجرد تسجيل لموقف؟

المهمّ أن أميركا أعادت اكتشاف إيران ما بعد الشاه، وأظهرت أنّها تعرف تماما ما هو الدور الذي تلعبه في المنطقة. بين الانتقال من النظري إلى العملي مسافة كبيرة ليس معروفا هل إدارة ترامب على استعداد لقطعها. الأكيد أن سوريا هي أحد الأمكنة التي سيظهر فيها هل من جدّية أميركية أم لا؟

GMT 07:17 2019 السبت ,08 حزيران / يونيو

عيون وآذان (ترامب نادم على استخدام جون بولتون)

GMT 09:00 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ترامب يواجه قضايا عامة وخاصة

GMT 09:45 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ترامب يواجه قضايا عامة وخاصة

GMT 09:54 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

«الحصانة» مقابل «السيادة»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا تعيد اكتشاف إيران أميركا تعيد اكتشاف إيران



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني

GMT 11:59 2016 الجمعة ,12 شباط / فبراير

السالمية يستضيف اليرموك في الدوري الكويتي

GMT 15:24 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

لاعبة التنس الروسية إيلينا فيسنينا تنتظر مولودها الأول

GMT 05:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

صفقة تبادلية مرتقبة بين الفيصلي وشباب الأردن

GMT 16:10 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

الجيش يعرض 40 ألف دولار لفسخ عقد يونس حمال

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

بلاتر يواصل خوض "حرب الشرف" أمام إنفانتينو

GMT 17:16 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

"البايرن" يتوج بطلًا للشتاء بثنائية على "إنغلوشتات"

GMT 09:19 2024 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إشادة بأداء اللاعب إبراهيم دياز مع المنتخب المغربي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib