إلغاء الاتفاق مع إيران من دون إلغائه

إلغاء الاتفاق مع إيران.. من دون إلغائه

المغرب الرياضي  -

إلغاء الاتفاق مع إيران من دون إلغائه

بقلم ـ خيرالله خيرالله

إذا كان من تكهن لما سيخرج به الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس المقبل، خصوصا بعد وصفه الأيام الراهنة بأنّها شبيهة بـ“الهدوء الذي يسبق العاصفة”، فإن هذا الموقف سيكون، على الأرجح، أقرب إلى العقلانية من شيء آخر. لن تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي وقعته مجموعة الخمسة زائدا واحدا معها، صيف العام 2015، لكنّها ستتصرف بما يؤكد أن هذا الاتاق غير موجود.

وهذا يعني في طبيعة الحال، أنّ عقوبات جديدة ستفرض في المستقبل على إيران التي أرادت التصرف على طريقتها بعد الاتفاق وفي المرحلة التمهيدية له. تقول الطريقة الإيرانية بكل بساطة أن لا رابط بين الاتفاق النووي من جهة، والسلوك الإيراني خارج الحدود الإيرانية وبتطوير الصواريخ الباليستية من جهة أخرى.

يبقى ترامب رجل المفاجآت. حصوله على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة كان مفاجأة، خصوصا أنه جاء من خارج الحزب. المفاجأة الأكبر كانت في انتخابه رئيسا على الرغم من كل الفضائح التي ظهرت خلال حملته، وهي فضائح لا تزال تلاحقه إلى اليوم. بين هذه الفضائح ما هو مرتبط بالعلاقة بينه وبين القيادة الروسية التي دعمته في وجه هيلاري كلينتون.

ما يدعو إلى التكهّن بأن واشنطن لن تنسحب من الاتفاق النووي، الرأي السائد في أوساط مجموعة الضباط التي تحيط بترامب. بين هؤلاء رئيس موظفي البيت الأبيض جون كيلي ومستشاره لشؤون الأمن القومي هربرت مكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس. لهؤلاء رأي في الاتفاق النووي، لكنّهم ليسوا مع الخروج منه. يريدون إلغاء الاتفاق من دون إلغائه. هذا هو الإطار الذي يتحرّك ترامب في إطاره.

وهذا ما أعلنه وزير الدفاع مرارا. وهذا ما تعرفه إيران التي ستحرمها أميركا من فوائد كانت تعتقد أن الاتفاق سيأتي بها. على رأس هذه الفوائد إلغاء العقوبات المفروضة عليها من دون أن يعني ذلك أي تغيير في سلوكها. أرادت بكل بساطة الاستفادة من لذتين. لذة إلغاء العقوبات الأميركية والدولية ولذّة التغاضي عما تقوم به في المنطقة والعالم تحت ذريعة أن لا بدّ من حماية الاتفاق في شأن ملفّها النووي.

لا بدّ من العودة قليلا إلى الخلف للتأكّد من أن إيران كانت تستعد لمرحلة ستجد فيها نفسها مضطرة لمواجهة مع إدارة ترامب. فقبل تثبيت الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس في موقع وزير الدفاع في الإدارة الجديدة، سارعت إيران إلى تعيين سفير جديد لها في بغداد هو إيرج مسجدي، كبير مستشاري الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني” الذي يقع العراق ضمن مسؤولياته.


دلّ تعيين مسجدي سفيرا جديدا لإيران في العراق على أن الكلمة الأولى والأخيرة في “الجمهورية الإسلامية” هي لـ“الحرس الثوري” الذي لا يمكن إلا أن يتصدى للتوجه المختلف، المحتمل، لإدارة ترامب، خصوصا لوزير الدفاع المعيّن الذي لم يجد صعوبة في تثبيته في موقعه على الرغم من عدم مضي سبع سنوات على تقاعده. استثنى الكونغرس الجنرال ماتيس، ذا الثقافة الواسعة والخبرة العميقة في شؤون العالم والشرق الأوسط، من قانون يمنع العسكريين من تولي مناصب سياسية قبل مضي سبع سنوات على تقاعدهم.

كان موقف الجنرال ماتيس أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، التي استمعت إليه تمهيدا للموافقة على تعيينه في موقعه الجديد، من النوع الذي لا لبس فيه. اعتبر أنّ على الولايات المتحدة المحافظة على نفوذها في العراق، حتّى بعد معركة تحرير الموصل من “داعش” وذلك لضمان عدم تحوّل العراق دولة تابعة لإيران. قال أيضا في شهادته الخطية إن “الحرب القاسية في سوريا” أثارت اضطرابات في الشرق الأوسط وتمثّل تهديدا للأمن القومي الأميركي.

ورد هذا الكلام في سياق تأكيده في الشهادة الخطية أن إيران تشكل “أكبر قوّة مثيرة للاضطرابات”، وأنّ على الولايات المتحدة التوصّل إلى إستراتيجية بعيدة المدى تضمن “منع إيران من تحقيق هدفها القاضي بفرض الهيمنة على المنطقة”، محذّرا من أن “النفوذ الإيراني المؤذي ينمو” في الشرق الأوسط والخليج. ترك ماتيس الجيش الأميركي في العام 2013 عندما أدرك أن إدارة باراك أوباما مستعدة للتخلي عن العراق لإيران.

ما يعرفه الجنرال ماتيس الذي كان يلقّب بـ“الكلب المسعور” خلال خدمته في الجيش أن عدم التصدي لما تقوم به إيران في العراق هو استسلام لها. هل كان ثمن حماية الاتفاق في شأن ملفّها النووي يقتضي بالاستسلام لها في العراق وفي سوريا أيضا؟

تحسبا لتغيير في السياسة الأميركية، وضع “الحرس الثوري” رجلا من عنده سفيرا في بغداد. هذا يعني أن إيران تنظر بجدية إلى ما يمكن أن تقوم به مستقبلا إدارة دونالد ترامب الذي تسلّم مهماته الرئاسية في العشرين من كانون الثاني- يناير الماضي.

قبل دخول ترامب البيت الأبيض، بدا أن إدارة أوباما مستعدة للتنسيق كليا مع إيران في العراق وحتّى في سوريا حيث تغاضت عن لجوء بشّار الأسد إلى السلاح الكيميائي مرّة تلو الأخرى، خصوصا صيف العام 2013. وفّرت هذه الإدارة في بعض الأحيان غطاء جوّيا لـ“الحشد الشعبي” الذي كان يقوده على الأرض مستشارون إيرانيون. لم تخرج أميركا عن هذا الخط في عهد ترامب. أدى ذلك إلى انتهاء معركة الموصل وهزيمة “داعش”. لم تسقط المدينة فحسب بل دمّرت كليا بحجة القضاء على “داعش”.

هل آن أوان التغيير الأميركي الحقيقي الذي معناه أن يحوّل وزير الدفاع كلامه إلى أفعال؟

كشف كلام ماتيس في الكونغرس مطلع السنة الجارية، أنّه صار في البنتاغون رجل يعرف تماما ما هي إيران وما هو مشروعها التوسّعي الذي أخذ أبعادا جديدة بعد سقوط العراق في العام 2003. لا يوجد في البنتاغون “كلب مسعور”، بل إننا أمام جنرال أميركي يعرف تماما الشرق الأوسط والخليج. فماتيس يعرف خصوصا ماذا يعني أن تكون الحرب على العراق في العام 2003 حربا أميركية- إيرانية في الدرجة الأولى. يعرف ماذا يعني أن يصبح العراق مستعمرة إيرانية، وأنّ ترضخ إدارة أوباما للأمر الواقع فتنسّق انسحابها العسكري والسياسي من العراق بشكل كامل مع إيران.

يعرف ماتيس ومعه الجنرالات الآخرون أن تجربة حرب العراق كانت كارثة على الولايات المتحدة وأن القوّة العظمى الوحيدة في العالم في غنى عن حرب جديدة. لكنّهم يعرفون أيضا أنّ لا مفرّ من التصدي لإيران ولمشروعها من دون الخروج من الاتفاق في شأن ملفّها النووي. هذا هو، على الأرجح، نمط التفكير الذي سيفرض نفسه على المقيم في البيت الأبيض.

المسألة مسألة أيّام قليلة يظهر بعدها إلى أيّ مدى ستذهب الولايات المتحدة في سياستها الإيرانية الجديدة. يحدث ذلك في ظل تغييرات داخلية في العراق حيث تململ واضح من إيران يعبّر عنه رئيس الوزراء حيدر العبادي بين حين وآخر، ومقتدى الصدر وعمّار الحكيم بشكل مستمرّ. أما في سوريا، التي شهدت تغييرات كثيرة على الأرض، لم يعد سرّا الوجود العسكري الأميركي القويّ في مناطق معيّنة، خصوصا في الجزيرة.

كيف ستقرر إيران الرد على ما سيعلنه ترامب قريبا؟ هل تلجأ إلى عمل استفزازي يشعل حربا في المنطقة عن طريق سوريا أو لبنان؟ الأهمّ من ذلك كلّه ما الموقف الروسي من كلّ ما يجري، خصوصا أنّ إضعاف إيران سيحرم موسكو من ورقة ساعدتها، إلى الآن، في القول إنها اللاعب الأول في سوريا والمنتصر الوحيد فيها، وأنّ من حقها التوصل إلى صفقة كبيرة مع أميركا تؤكد ولادة قوة كبيرة تعيد الحياة إلى عالم القوتيْن العظمييْن المهيمنتيْن على العالم.

GMT 07:17 2019 السبت ,08 حزيران / يونيو

عيون وآذان (ترامب نادم على استخدام جون بولتون)

GMT 09:00 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ترامب يواجه قضايا عامة وخاصة

GMT 09:45 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ترامب يواجه قضايا عامة وخاصة

GMT 09:54 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

«الحصانة» مقابل «السيادة»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلغاء الاتفاق مع إيران من دون إلغائه إلغاء الاتفاق مع إيران من دون إلغائه



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib