أميركا وإيران

أميركا وإيران

المغرب الرياضي  -

أميركا وإيران

بقلم - خيرالله خيرالله

لم يعد الإيرانيون يمتلكون أي أوهام. لا يستطيعون سوى الاتكال على أنفسهم في حال كان مطلوبا أن يعود بلدهم بلدا طبيعيا على علاقة طيبة بمحيطه من جهة وأن يهتم حكامه بالشعب الإيراني أولا من جهة أخرى.

كيف ستتصرّف الإدارة الأميركية تجاه ما يحدث في إيران؟ قبل كلّ شيء ليس أكيدا أن الأحداث التي تشهدها إيران حاليا ستؤدي إلى سقوط النظام، أقلّه في المدى المنظور. النظام سيسقط حتما ولكن في مرحلة لاحقة نظرا إلى أنّه لا يمتلك مقومات استمراره من جهة ولأن الشعب الإيراني يستحقّ، وهو يعرف ذلك، نظاما أفضل بكثير من النظام القائم من جهة أخرى.

ما نشهده حاليا هو بمثابة جولة أخرى في المعركة الطويلة التي يخوضها الشعب الإيراني من أجل استعادة إيران ذات التاريخ العظيم والتي خطت خطوات كبيرة إلى الأمام في عهد الشاه محمّد رضا بهلوي، على الرغم من كلّ الأخطاء التي ارتكبها، خصوصا في السنوات الأخيرة من حكمه.

ذهب الشاه ضحيّة تردده من جهة وإصابته بالسرطان من جهة أخرى. الشاه الذي سقط في العام 1979 كان شخصا متردّدا. كذلك، كان يعاني من آثار الأدوية التي كان يتناولها وذلك طوال سنوات عدّة. كان مرض محمّد رضا بهلوي سرّا كبيرا. حتّى زوجته فرح ديبا التي كانت تعرف بـ”الشاهبانو” لم تكن تعرف عن المرض.

هناك كتاب لأندرو سكوت كوبر صدر قبل نحو عامين عنوانه “سقوط الجنّة” يوثّق السنوات الأخيرة من عهد الشاه والظروف التي قادت إلى مغادرته إيران. لا يكشف الكتاب، مستندا إلى وثائق لا غبار على صحّتها، كيف تصرّف الشاه في مواجهة الثورة التي واجهت نظامه فحسب، بل يكشف أيضا كيف استطاع آية الله الخميني إقناع الغرب، على رأسه الولايات المتحدة، أنّه جاء ليفرض نظاما ديمقراطيا وحضاريا.

من بين أفضل الفصول في الكتاب، ذلك الذي يكشف كيف كان الخميني يوجّه من منفاه الباريسي في نوفل لو شاتو رسائل إلى الإيرانيين يوحي فيها أنّه مع حقوق الإنسان ومع المساواة بين الرجل والمرأة. فعل ذلك بناء على نصائح مستشاريه وقتذاك، بينهم أبوالحسن بني صدر وصادق قطب زادة.


جولة من صدامات قادمة بين الشعب والنظام
كان المستشارون يعرفون أن ثمّة حاجة إلى طمأنة الغرب. لم يكن أفضل من رسائل الخميني إلى الداخل الإيراني، التي كانت الاستخبارات الفرنسية تسجلّها وهي في طريقها إلى الإيرانيين، لإعطاء فكرة عن اعتدال الرجل الذي كان يخفي وراء هذه الرسائل شخصية مختلفة كلّيا.

يكشف الكتاب، بين ما يكشفه السذاجة الأميركية في عهد جيمي كارتر في وقت كانت الحرب الباردة تتحكّم بالعلاقات الدولية. لم تفهم إدارة كارتر ما الذي يحدث في إيران. ما لم يقله الكتاب هو أن إدارة ريغان لم تكن أفضل من إدارة كارتر، إذ عقدت معها صفقة في غاية البساطة أوصلت ريغان إلى الرئاسة.

قضت تلك الصفقة، بألاّ تطلق السلطات الإيرانية رهائن السفارة الأميركية في طهران قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. ذهب كارتر ضحيّة الصفقة التي عقدها وليام كايسي الذي أصبح لاحقا مديرا لـ”سي. آي. إي” مع ممثلين للنظام الإيراني الذي كان يتحكّم برهائن السفارة. كان كافيا أن تنجح إدارة كارتر في إطلاق الرهائن قبل يوم الانتخابات حتّى يتمكن كارتر من الحصول على ولاية ثانية وهذا ما حرمه الإيرانيون منه…

لم تطلق إيران الرهائن الذين احتجزتهم أربعمئة وأربعة وأربعين يوما إلاّ في اليوم الذي تسلّم فيه ريغان مهماته رسميا في كانون الثاني – يناير من العام 1981. لم يتخذ ريغان في أيّ يوم موقفا حازما من إيران والنظام فيها. على العكس من ذلك، أظهر تخاذلا إلى أبعد حدود في تعاطيه معها، خصوصا بعد تفجير السفارة الأميركية في بيروت في الثالث عشر من نيسان – أبريل 1983.

قتل وقتذاك ثلاثة وستون شخصا بينهم بوب ايمز المسؤول عن الشرق الأوسط في الـ”سي. آي. إيه” ومعظم مدراء محطات الوكالة في دول المنطقة. وهذا ما شرحه بالتفصيل كتاب “الجاسوس الطيّب” لكاي بيرد الذي كشف أن ايمز كان حذّر الإيرانيين باكرا من أنّ العراق يخطّط لشنّ حرب عليهم. وهذا ما حصل فعلا في أيلول – سبتمبر من العام 1980.

يصحّ التساؤل حاليا هل كانت لإيران الخميني مصلحة في تلك الحرب، فلم تفعل شيئا لتفاديها، بل سعت إليها في ظلّ قيادة عراقية، على رأسها صدّام حسين، لا تعرف الكثير في السياسة والتوازنات الدولية وفي كيفية التعاطي مع ما يدور في الإقليم والعالم؟

من كارتر وريغان إلى عهد جورج بوش الأب ثم عهد كلينتون الطويل، وصولا إلى جورج بوش الابن وتسليمه العراق إلى إيران على صحن من فضّة، لم تتضرّر إيران يوما من السياسة الأميركية التي كان همّها محصورا في حماية إسرائيل ولا شيء آخر غير ذلك.

جاء باراك أوباما ليقيم نوعا من الحلف مع إيران متذرعا بالحاجة إلى حماية الاتفاق في شأن ملفّها النووي. ذهب العراق وسوريا ولبنان ضحية هذا التواطؤ الأميركي مع إيران. لم تفعل إدارة أوباما شيئا، لا في مواجهة الميليشيات المذهبية التابعة لإيران في سوريا والعراق، ولا من أجل مساعدة الشعب اللبناني في مقاومته لـ”حزب الله” الساعي إلى تحويل البلد إلى مستعمرة إيرانية لا أكثر.

هل تغيّر شيء في أميركا من إيران الآن؟ الجواب بكلّ بساطة أن شيئا لم يتغيّر على الرغم من الكلام الكبير الصادر عن دونالد ترامب. لم يسبق لرئيس أميركي أن عرض تفاصيل ما نفّذته إيران من عمليات في مختلف أنحاء العالم خدمة لمشروعها التوسّعي في المنطقة. لو كانت هناك لدى الولايات المتحدة نيّة فعلية للتصدي لإيران، لكانت ظهرت سياسة أميركية واضحة تجاه ما يدور في سوريا.

تحوّلت إيران إلى شريك أساسي في الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه منذ سبع سنوات. كلّ ما فعلته أميركا هو التفرّج على الذبح والتهجير الممنهجين للشعب السوري بكلّ الوسائل المتاحة، بما في ذلك البراميل المتفجرة وقصف سلاح الجوّ الروسي للمدارس والمستشفيات والمدنيين.

الأمر الوحيد الذي تغيّر هو في داخل إيران. لم يعد الإيرانيون يمتلكون أيّ أوهام. لا يستطيعون سوى الاتّكال على أنفسهم في حال كان مطلوبا أن يعود بلدهم بلدا طبيعيا على علاقة طيّبة بمحيطه من جهة وأن يهتمّ حكّامه بالشعب الإيراني أوّلا من جهة أخرى.

ليس في الإمكان الحديث عن ثورة في إيران. كلّ ما في الأمر أن في الإمكان الحديث عن جولة أولى من جولات كثيرة يبدو البلد مقبلا عليها. لا يمكن للشعب الإيراني إلّا أن يخرج منتصرا في نهاية المطاف، لا لشيء سوى لأنّ الوضع القائم منذ العام 1979 ليس وضعا طبيعيا. إنّه وضع لا يليق بحضارة عظيمة مثل الحضارة الفارسية.

تستطيع الولايات المتحدة التعجيل في سقوط النظام القائم عبر مساعدة الشعب الإيراني، لولا أن تجارب الماضي الأكيد تؤكّد إيران ليست همّا أميركيا. لم تكن كذلك يوما وليست كذلك هذه الأيّام على الرغم من اللهجة العالية لدونالد ترامب الذي يعاني، على الصعيد الشخصي، من مشاكل داخلية ضخمة.

فدور إيران منذ العام 1979، لا يزال دورا مرحبّا به أميركيا ما دام الهدف هو استنزاف ثروات دول المنطقة ودفعها أكثر إلى الحضن الأميركي… وما دامت إسرائيل المستفيد الأوّل من أصوات تدعو إلى إزالتها من الوجود!

 

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا وإيران أميركا وإيران



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 00:24 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

منتخب المغرب لكرة اليد يخوض أول تدريب في الغابون

GMT 13:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أول اغسطس" يعترف بمفاوضات الأهلي مع اللاعب دا كوستا"

GMT 23:24 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

مستقبل لويس إنريكي يشهد تطورات مفاجئة مع "برشلونة"

GMT 00:07 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيراري يسعى إلى تشكيل بطولة بديلة للانسحاب من "فورمولا 1"

GMT 15:30 2022 الإثنين ,31 كانون الثاني / يناير

"الكاف" تنفي وقوع اعتداء علي فوزي لقجع

GMT 05:57 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

المعارضة تجرب أسلحة جديدة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib