لغز إيمانويل ماكرون

لغز إيمانويل ماكرون

المغرب الرياضي  -

لغز إيمانويل ماكرون

بقلم : خيرالله خيرالله

في غياب المفاجآت، سيكون إيمانويل ماكرون ابن الـ39 عاما الرئيس الجديد لفرنسا، خصوصا بعدما أيده اليمين والوسط وقسم كبير من اليسار. صار لدى ماكرون الذي حل أوّلا في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية ما يكفي من دعم توفّره له القوى السياسية للانتصار على مارين لوبن مرشحة اليمين المتطرّف والمعجبة ببشّار الأسد. لم يحن بعد وقت وصول اليمين المتطرّف إلى الإيليزيه على الرغم من كلّ الجهود التي تبذلها أطراف عدّة تدّعي محاربة الإرهاب من أجل تحقيق هذا الهدف.

المفارقة، أنه للمرة الأولى منذ قيام الجمهورية الخامسة في فرنسا، هناك مرشحان يتنافسان على الرئاسة لا يمتلك أيّ منهما كتلة نيابية تذكر. لدى لوبن نائبان وليس لدى ماكرون الاشتراكي السابق الذي كان ينتمي إلى ما يسمّى تيّار “اليسار الذي يحبّ الكافيار”، أي حياة البذخ على طريقة فرنسوا هولاند، أي نائب. كيف سيفعل الرئيس الفرنسي المفترض من أجل ممارسة سلطته في بلد فيه نظام يجمع بين الرئاسي والبرلماني؟ الأكيد أن ماكرون سيتدبّر أموره، خصوصا أنّه قادر على التكيّف مع كل الظروف، ويعمل تحت شعار الرجل “القادر على أن يكون على تفاهم مع الجميع”، مع الذين على تفاهم معهم فعلا، ومع الذين لا يتفاهم معهم!

في كلّ الأحوال، يظلّ ماكرون ظاهرة فرنسية، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار صعوده السريع إلى موقع المرشّح الأبرز لدخول قصر الإيليزيه بعد الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية المتوقّعة في السابع من أيّار ـ مايو المقبل. لم يعد معروفا هل الرئيس المقبل لفرنسا اشتراكي أو غير اشتراكي. ليس معروفا هل هو رجل أعمال أو مصرفي أو أستاذ جامعي أو مفكّر درس الفلسفة وتأثر بهيغل… أو عازف بيانو. الأكيد أنه رجل استثنائي ولامع يمتلك صفات كثيرة. من أهمّ هذه الصفات أنه وجد من يعلّبه جيّدا ويسوّقه ويوصله إلى عتبة الإيليزيه في خلال بضعة أشهر. استفاد من دون أدنى شكّ من الحملة التي تعرّض لها فرنسوا فيون مرشّح اليمين، الذي كان صادقا عندما وصف تلك الحملة بـ”الوحشية”.

ركّز ماكرون في حملته الانتخابية على استقلاله عن الحزب الاشتراكي الذي كان ينتمي إليه في الماضي والذي أوصله إلى موقع وزير الاقتصاد والصناعة والرقمية في إحدى الحكومات التي تشكّلت في عهد فرنسوا هولاند (حكومة مانويل فالس). أمضى ماكرون عامين وزيرا في حكومة فالس (بين 2014 و2016)، لكنّه اختار الخروج في الوقت المناسب من السفينة الاشتراكية الغارقة وتشكيل حزب خاص به تحت تسمية “إلى الأمام”.

لن يجد ماكرون صعوبة كبيرة في الانتصار على مارين لوبن، تماما كما حصل في العام 2002 عندما سحق جاك شيراك والدها جان ماري لوبن في الدورة الثانية التي كانت فيها المنافسة بين الرجلين. نال شيراك وقتذاك نسبة 82 في المئة من أصوات الناخبين، تاركا الفتات للوبن الأب. لن يكون الفارق في الأصوات كبيرا، إلى هذا الحدّ، بين مارين لوبن وماكرون، لكنّ الثابت، استنادا إلى استطلاعات الرأي أن فرنسا ليست مهيّأة بعد لقبول أفكار لوبن وعنصريتها، على الرغم من كل المحاولات التي يبذلها الإرهابيون ومن يقف خلفهم من أجل الترويج لها وإيصالها إلى الرئاسة بصفة كونها على علاقة طيبة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن مؤيدي بشّار الأسد، فضلا بالطبع عن أنها معادية لأوروبا والعملة الموحّدة (اليورو). من أهداف لوبن إجراء استفتاء على خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.

لا شكّ أن ليس في الإمكان استبعاد فوز مارين لوبن استبعادا كليا، لكن كل ما يمكن قوله أن فرنسا، على الرغم من كل الإرهاب الذي تتعرّض لـه، لن تسمح لنفسها بالسـقوط في فخ اليمين المتطرّف الذي ليس لديه أي شيء يقدمه باستثناء الشعارات والتخويف من الإسلام. فمن يخاف الإسلام، من دون معـرفة بطبيعة هـذه الـديانة، لا يمكـن أن يذهب إلى تأييد بشّار الأسد من منطلق أن الحرب في سوريا هي حرب بين بشّار و“داعش”. من يعرف، ولو قليلا بالسياسة، يدرك أن الوجه الآخر لـ“داعش” هو رئيس النظام والميليشيات المذهبية الإيرانية التي تشارك في الحرب على شعب سوريا.

ثمة ملاحظات لا بدّ من الإشارة إليها على هامش صعود نجم إيمانويل ماكرون. الأولى مرتبطة بتلك التغطية الإعلامية التي حظي بها، والتي ترافقت مع تدمير ممنهج لفرنسوا فيّون. لم يكن الحزب الاشتراكي الذي أحرز مرشحه الرسمي بنوا هامون، في الدورة الأولى، ستة في المئة من أصوات الناخبين في حاجة إلى من يدمّره. تولّى الأمر فرنسوا هولاند الذي تميّز عهده بتراجع فرنسي على كل المستويات، وبسياسة اقتصادية فاشلة جعلت أصحاب رؤوس الأموال يهربون من فرنسا. لكنّ فيّون، مرشح اليمين، استطاع منذ البداية تكريس نفسه مرشحا جديا لا يقاوم. قضى على آلان جوبيه الذي كان قادرا على إنقاذ فرنسا وإخراجها من محنتها. فجأة حصل الانهيار على جبهة فيّون الذي بات مهددا بملاحقة القضاء له إثر كشف أن زوجته كانت تتقاضى رواتب وهمية من مجلس النواب.

من وراء تلك الحملة المدروسة التي أطاحت بمرشح اليمين الذي عرف كيف يزايد على مارين لوبن والذي ارتبط مثلها بعلاقات جيّدة بموسكو؟ ذلك هو لغز من ألغاز الانتخابات الرئاسية الفرنسية.

أمّا الملاحظة الأخرى، بين ملاحظات كثيرة، فهي مرتبطة بلغز ماكرون الذي حظي صعوده بتغطية إعلامية فريدة من نوعها. هناك مجموعات إعلامية عدّة تولت هذه المهمة. إحداها تابعة لرجل الأعمال باتريك دراعي المقيم في سويسرا. أحد مساعدي دراعي الذي يسيطر على وسائل إعلامية عدة كان بين المجموعة التي خططت للترويج لماكرون ولحملته الانتخابية. هذا الشخص يدعى برنار مراد وقد لعب دورا مهمّا في انطلاقة الوزير الاشتراكي السابق الذي استطاع وضع نفسه فوق اليمين والوسط واليسار… والأحزاب!

المهمّ أن ماكرون، صاحب التوجّه الأوروبي، سيسعى إلى الاستفادة قدر الإمكان من الغياب البريطاني عن أوروبا. من الواضح أنّه شخص انتهازي وذكي وأنّ هناك قوى تقف خلفه وتدعمه وتلمّع في صورته بشكل يومي. هناك فضائح مالية عدّة كان يمكن استخدامها ضدّه، بينها بعض الصفقات التي مرّرها في أثناء وجوده في وزارة الاقتصاد. لم تأت وسيلة إعلامية على ذكر أي منها. هنـاك على العكـس من ذلك تأليه لمرشح يصلح لكل الفصول يطـرح وصوله إلى الرئاسة من دون أكثرية نيابية أو حزب قوي لديه وجوده في الجمعية الـوطنية، مستقبـل الجمهورية الخامسة. جاء شارل ديغول بهذه الجمهورية في العام 1958 من أجل إخراج فرنسا من حال مزرية ومن التبـديل السريع للحكومات الذي اتسمت به الجمهورية الرابعة التي كادت أن تقضي على البلد. ما هو مطروح اليوم هل يؤسس ماكرون للجمهورية السادسة في وقت تحتاج فرنسا إلى نظام جديد يعيد إليها الاستقرار، تماما كما فعل ديغول قبل تسعة وخمسين عاما؟

GMT 07:49 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من بضاعة إيرانية جديدة؟

GMT 07:46 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب استنزاف في الجزائر

GMT 10:41 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

GMT 08:45 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغز إيمانويل ماكرون لغز إيمانويل ماكرون



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني

GMT 11:59 2016 الجمعة ,12 شباط / فبراير

السالمية يستضيف اليرموك في الدوري الكويتي

GMT 15:24 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

لاعبة التنس الروسية إيلينا فيسنينا تنتظر مولودها الأول

GMT 05:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

صفقة تبادلية مرتقبة بين الفيصلي وشباب الأردن

GMT 16:10 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

الجيش يعرض 40 ألف دولار لفسخ عقد يونس حمال

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

بلاتر يواصل خوض "حرب الشرف" أمام إنفانتينو

GMT 17:16 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

"البايرن" يتوج بطلًا للشتاء بثنائية على "إنغلوشتات"

GMT 09:19 2024 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إشادة بأداء اللاعب إبراهيم دياز مع المنتخب المغربي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib