أميركا والحربان الخاسرتان

أميركا والحربان الخاسرتان

المغرب الرياضي  -

أميركا والحربان الخاسرتان

بقلم - خيرالله خيرالله

تدفع الولايات المتحدة حاليا ثمن التهاون لسنوات طويلة في التعاطي مع باكستان و'طالبان'. إنها تدفع في الحقيقة ثمن الذهاب إلى العراق قبل الانتهاء من حرب أفغانستان.

ليس إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان حدثا عاديا، هو الذي نادى في أثناء حملته الانتخابية بالانسحاب العسكري من هذا البلد. إنه نقطة تحول على صعيد توجّه الإدارة الأميركية ودليل على خروجها من حال الانعزال التي حاول فرضها مساعدون لترامب كان آخرهم ستيف بانون الذي خرج، مشكورا، قبل أيّام قليلة من دائرة كبار الموظفين النافذين في البيت الأبيض.

لن يؤدي إرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان إلى انتصار أميركي في الحرب على الإرهاب في بلد كان يؤوي أسامة بن لادن. لكنّ التحرّك الأميركي الأخير يشير إلى رغبة واضحة في عدم خسارة أفغانستان وتسليمها إلى حركة “طالبان” التي حمت في الماضي بن لادن و“القاعدة”، وأقامت معهما علاقات أقل ما يمكن أن توصف به أنّها من النوع الحميم. أكثر من ذلك، لا يمكن تجاهل الدور الإيراني في إبقاء التوتر قائما في أفغانستان في سياق سياسة تقوم على التدخل في كلّ دول المحيط، حتّى لو كان ذلك يعني إيواء عناصر من “القاعدة” في الأراضي الإيرانية.

من يقرأ نص خطاب ترامب، الذي أعلن فيه زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان، يدرك من دون أدنى شك أن الرئيس الأميركي يسعى إلى تفادي انهيار كامل في ذلك البلد يصبّ في مصلحة “طالبان” والذين يدعمونها، خصوصا في باكستان.

ليس جديدا أن تشكو الإدارة الأميركية من باكستان ومن دعمها لـ“طالبان” التي ارتدّت على القوى التي دعمتها في بداية صعودها باستثناء باكستان. ليس سرا أن “طالبان” من صناعة الأجهزة الأمنية الباكستانية، على رأسها جهاز الاستخبارات العسكرية. ليس سرّا أيضا أن هناك ارتباطات ذات طابع قبلي بين “طالبان” وباكستان وذلك عن طريق قبيلة الباشتون. ما ليس سرّا في طبيعة الأحوال أن الولايات المتحدة نفسها شجّعت في مرحلة معيّنة على قيام “طالبان” وعلى سيطرتها على باكستان وذلك في إطار الانتهاء من مرحلة الصراعات ذات الطابع القبلي والمناطقي وحتّى الديني والمذهبي، في مرحلة ما بعد سقوط النظام الموالي لموسكو بقيادة محمد نجيب الله في العام 1992.

سيطرت “طالبان” على معظم أراضي أفغانستان بعد العام 1996 بدعم أميركي وباكستاني. كان ذلك في سياق تنفيذ سياسة تقوم على إيجاد نوع من التهدئة والحكم المستقر يسهل تمرير أنابيب النفط الذي تنتجه الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفياتي… وصولا إلى باكستان التي تمتلك موانئ لتصدير هذا النفط.

في مرحلة بات فيها الحكم في كابول مهدّدا، لم يعد أمام الإدارة الأميركية سوى خيار واحد. يتمثل الخيار في منع انهيار النظام الذي قام في أعقاب العملية العسكرية الأميركية التي أخذت شكل عملية لحلف شمال الأطلسي. ردّت الولايات المتحدة على غزوتي واشنطن ونيويورك في الحادي عشر من أيلول – سبتمبر 2001 بإسقاط حكم “طالبان” التي رفضت تسليم أسامة بن لادن زعيم “القاعدة”، الذي كان تنظيمه وراء العمل الإرهابي الذي استهدف المدينتين الأميركيتين.


تكمن مشكلة الولايات المتحدة بكل بساطة في أنّها رفضت في أيّ وقت متابعة الحملة على “طالبان” والانتهاء منها. كان مطلوبا في كلّ وقت التعاطي مع الموضوع الأفغاني على مستويين. الأول باكستاني والآخر أفغاني. تعرف الولايات المتحدة، قبل غيرها، أن وجود “طالبان” مرتبط أساسا بالدعم الباكستاني. لم تسع جدّيا في أي وقت إلى وقف هذا الدعم، كما لم تقم بعملية عسكرية واسعة تقتلع “طالبان” من المناطق التي رسّخت فيها نفوذها.

تدفع الولايات المتحدة حاليا ثمن التهاون لسنوات طويلة في التعاطي مع باكستان و”طالبان”. إنّها تدفع في الحقيقة ثمن الذهاب إلى العراق قبل الانتهاء من حرب أفغانستان. بعد أحداث الحادي عشر من أيلول – سبتمبر 2001، عقد اجتماع لكبار المسؤولين الأميركيين في كامب ديفيد.

في هذا الاجتماع الذي نشرت وقائعه مجلة “فانيتي فير”، طرح بول ولفويتز، الذي كان نائبا لوزير الدفاع، أن يكون الردّ على العمل الإرهابي الذي نفّذته “القاعدة” في العراق. أجابه كولن باول وزير الخارجية بأن لا علاقة للنظام العراقي الذي كان على رأسه صدام حسين بـ“القاعدة” وأحداث الحادي عشر من سبتمبر. أفهم باول ولفويتز أنّ الموضوع مرتبط بأفغانستان و“طالبان” التي تؤوي أسامة بن لادن.

في مرحلة لاحقة سئل ولفويتز لماذا أثار موضوع العراق، علما أن المسؤولية تقع على “طالبان” وأفغانستان، كان جوابه “زرعت البذور”. أي أنّه زرع بذور فكرة الحرب الأميركية على العراق. في آذار – مارس من العام 2003 وفيما كانت الحرب في أفغانستان في أوجها، وفيما كان أسامة بن لادن لا يزال طليقا في حماية زعيم “طالبان” الملا عمر، ثم في حماية الباكستانيين، اجتاحت القوات الأميركية العراق.

من أخذ الأميركيين إلى العراق؟ لا يزال ذلك لغزا. خسرت الولايات المتحدة حربين بعدما كان في استطاعتها الذهاب بعيدا في الانتهاء من “طالبان” لو كرّست قدرات جيشها لذلك. كان عليها الانتصار في أفغانستان قبل البحث في كيفية التخلّص من نظام صدّام حسين وإيجاد بديل صالح، وتقديم العراق على صحن من فضة إلى إيران.

ما حصل كان تشتيتا للقوة الأميركية ولا شيء آخر. لم تستطع الولايات المتحدة إقامة نظام قابل للحياة في أفغانستان، وما زالت باكستان تلعب دور الراعي لـ“طالبان”. بات نفوذ “طالبان” في باكستان نفسها من النوع الذي لا يمكن تجاوزه، خصوصا في ظلّ ارتباطها بالأجهزة الأمنية التي ترى في الهند العدو الأول لباكستان.

من يتمتع بمثل هذه العقلية لا يمكن أن يكون في أي وقت شريكا في الحرب على الإرهاب. هل بدأت الإدارة الأميركية تفهم ذلك بعدما وجه ترامب تحذيرا شديد اللهجة إلى إسلام أباد في خطابه الأخير المتعلق بزيادة التورط العسكري الأميركي في أفغانستان بدل الانسحاب منها؟

هناك واقع لم يعد في استطاعة الولايات المتحدة تجاهله، لا في أفغانستان ولا في باكستان التي تمرّ بمرحلة انتقالية في ضوء اضطرار رئيس الوزراء نواز شريف إلى الاستقالة. هذا الواقع الجديد ينسحب أيضا على العراق الذي لم يعد قابلا للحياة كدولة موحّدة بسبب النفوذ الإيراني الطاغي أولا، والشرخ المذهبي الذي يعاني منه البلد على كلّ المستويات.

لن يؤمن ما طرحه الرئيس الأميركي انتصارا عسكريا في أفغانستان، ولن يؤدي إلى أي تغيير جذري في باكستان. ما لا يمكن نسيانه أن الأميركيين قتلوا أسامة بن لادن في آبوت آباد داخل الأراضي الباكستانية في أيار – مايو 2011.

كل ما فعله دونالد ترامب أنه أعطى إدارته فرصة للتفكير في ما يمكن عمله في حال كان مطلوبا متابعة الحرب على الإرهاب وعدم الرضوخ لباكستان في أفغانستان ولإيران في العراق. هل لدى الفريق، الذي على رأسه الجنرال هربرت ماكماستر مستشار الأمن القومي والجنرال جيمس ماتيس وزير الدفاع، ما يقدّمه لتحويل حربين خاسرتين في أفغانستان والعراق إلى حرب رابحة، في مكان ما، عن طريق البحث عن جذور الإرهاب ومن يستثمر فيه فعلا مستغلا كلّ الهفوات والأخطاء الأميركية استغلالا علميا؟

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا والحربان الخاسرتان أميركا والحربان الخاسرتان



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني

GMT 11:59 2016 الجمعة ,12 شباط / فبراير

السالمية يستضيف اليرموك في الدوري الكويتي

GMT 15:24 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

لاعبة التنس الروسية إيلينا فيسنينا تنتظر مولودها الأول

GMT 05:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

صفقة تبادلية مرتقبة بين الفيصلي وشباب الأردن

GMT 16:10 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

الجيش يعرض 40 ألف دولار لفسخ عقد يونس حمال

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

بلاتر يواصل خوض "حرب الشرف" أمام إنفانتينو

GMT 17:16 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

"البايرن" يتوج بطلًا للشتاء بثنائية على "إنغلوشتات"

GMT 09:19 2024 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إشادة بأداء اللاعب إبراهيم دياز مع المنتخب المغربي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib