الكويت… الحرب الأخرى

الكويت… الحرب الأخرى!

المغرب الرياضي  -

الكويت… الحرب الأخرى

بقلم - خيرالله خيرالله

هناك بكل بساطة حرب أخرى من نوع مختلف عن الحروب العسكرية مسرحها الكويت. اسم الحرب تحصين الوضع الداخلي. من حسن الحظ أنّ ثمة وعيا على الصعيد الوطني لذلك.

ما عاد أحد في الكويت مغرما بـ”الصوت العالي” في مقاربة الأمور السياسية. حتى أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية ويعيشون اليوم في المنافي يوسطون الجميع للحصول على عفو خاص، بل يذهب أكثر المتطرفين سابقا في حدة المواقف ضد السلطة إلى الطلب من زملائه النواب والسياسيين ألا يزايدوا في مواقفهم، لأن ذلك قد يضر سعيهم إلى الحصول على عفو خاص.

الصوت الهادئ هو ما يحكم العلاقة بين رئيسيْ مجلسي الأمة والوزراء مرزوق الغانم وجابر المبارك، والاثنان يعملان تحت مظلة الأمير الشيخ صباح الأحمد الذي كان حازما في تحذيره للنواب بالنسبة إلى ضرورة وقف لعبة المزايدات والاستجوابات لرئيس الوزراء. وهذا الصوت الهادئ أدى إلى معالجات جذرية لأمور أساسية في الكويت من دون مزايدات شعبوية أو مصالح انتخابية. وهو ما تُرجم في الجلسة الافتتاحية لدورة انعقاد البرلمان في سحب الاستجواب الذي كان مقدما من نائبين لرئيس الوزراء على خلفية قضايا عامة وخاصة، اتضح لاحقا أن حلولها محسومة حكوميا.

لكن الصوت العالي عاد بقوة إلى الكويت إنما من رأس الهرم هذه المرة وبطريقة مختلفة، إذ زوّد الأمير الشيخ صباح الأحمد الحرب على الفساد بأسلحة جديدة تمثلت في مجموعة مواقف علنية أهمها عند استقباله وفد ديوان المحاسبة، حيث ركز عند استلامه التقرير السنوي في أسئلته على المخالفات أكثر من الإنجازات، كذلك طالب الأمير في كل لقاء له مع رئيس الحكومة أو الوزراء بضرورة المبادرة بالرقابة والمحاسبة من المستويات العليا وتحميل قياديي الدولة المسؤولية عن أي تقصير أو تراخ.

ووثقت الحكومة توجهات الأمير في الملتقى الحكومي الأول لـ”تعزيز النزاهة”. أكّد رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك في الملتقى أنه لن يسمح بأن يكون هناك فساد في الجهات الحكومية، وأنه سيحمّل قياديي تلك الجهات المسؤولية في حال وجود فساد.

وقال المبارك لعشرات القياديين في الدولة إنه يحملهم المسؤولية “ومَن لا يستطيع مواجهة الفساد بعد أن أدى واجبه، فأرجو أن يطلب إعفاء نفسه”. هذه سابقة في الكويت حيث كان عدد لا بأس به من الفاسدين يجد دائما وسيلة ما لتغطية فعلته.

كذلك كان الصوت العالي موجودا وأيضا من ديوان الإمارة، حين أراد الشيخ صباح توجيه رسائل إلى الداخل والخارج عن الحصن الحامي للتجربة الكويتية أي الحريات وحقوق الإنسان.

فعندما استقبل رئيس الديوان الوطني لحقوق الإنسان وأعضاءه، طالبهم بالعمل بشكل متحرر من أي وصاية أو ضغط، واضعين نصب أعينهم تعزيز الحريات وحقوق الإنسان. ويومها تعمّدَ الشيخ صباح أن تكون كلمته متلفزة وعلنية ومباشرة خصوصا حين قال للوفد الزائر “ما نبيكم (نبغيكم) في مخباتنا (أي في جيبنا)، نريدكم أن تكونوا أحرارا، لكن في الوقت نفسه لا تنسوا هذه بلدكم، ومثلما أنا مسؤول أنتم مسؤولون”.

وأضاف “أهنئكم لاختياركم لهذه المهمة الإنسانية، وفي الوقت نفسه أتمنى أن تحافظوا على سمعة بلدكم. كثير من الناس يسيئون إلى حقوق الإنسان، وأنتم كلكم لكم معرفة بحقوق الإنسان”. أي إنه أطلق أيديهم في التصدي لكل من يسيء إلى حقوق الإنسان في الكويت، وأمرهم بأن ينجزوا عملهم من دون خوف من وساطات وتدخلات المسؤولين، ومن سيجرؤ على التدخل إذا كان رأس البلاد قال علنا ما معناه “لا نريدكم في جيبنا كسلطة، بل نريدكم أحرارا في جيب الكويت”؟

حرب أخرى داخلية تخوضها الكويت على الفساد والتجاوزات استكمالا لحربها الخارجية من أجل تحقيق الاستقرار وإبعاد المنطقة عن الأزمات والخضات. واللافت أنك صرت تقرأ وتسمع في الكويت عن إحالة 360 من حملة الشهادات الجامعية إلى النيابة لأن شهاداتهم مزورة أو مشكوك فيها، كما تسمع وزيرة تقول إن هدرا حصل نتيجة خطأ كلف المال العام عشرات الملايين من الدولارات، والأكثر وضوحا هو متابعة فصول قضية ما عرف بـ”ضيافة الداخلية” التي أطاحت بأسماء كبيرة من داخل وزارة الداخلية وأخرى من كبار رجال الأعمال. وهي القضية التي تتلخص في أن مسؤولين من الوزارة اتفقوا مع أصحاب فنادق وغيرهم على مضاعفة فواتير ضيافة بعض الأشخاص والوفود لتصل إلى ما يتجاوز 100 مليون دولار. نعم 100 مليون دولار!

أمور كثيرة تموج بها الكويت، لكنها مضبوطة بالمؤسسات القوية من جهة، وبالخوف من عواصف الوضع الإقليمي من جهة أخرى. وهذا الانضباط، تحديدا، هو ما طلبه أمير الكويت من عدد من النواب التقاهم بمعية الرئيس مرزوق الغانم، إذ تمنى عليهم أن ينتبهوا إلى ما يجري في الإقليم، ويحصنوا بلدهم من أي خضات أو هزات، وفي الوقت نفسه دعاهم إلى رفع سقف ممارستهم لدورهم الرقابي والتشريعي إنما من ضمن المؤسسات لا بالقفز فوقها.

إذا كان لا بدّ من اختصار الوضع في الكويت، حيث استوعبت المعارضة، بما في ذلك المعارضة المتطرفة قبل غيرها، دقة الوضع الإقليمي وأهمّية الأحداث التي تقع في الجوار، يمكن القول إنّ هناك نوعا من النضوج السياسي في البلد. إنّه نضوج على كل صعيد في وقت تستعد الولايات المتحدة لفرض رزمة عقوبات جديدة على إيران. لم يعد سرّا أن أمير الكويت أبلغ النواب أن ما بعد العقوبات الأميركية الجديدة على إيران ليس كما قبلها.

تجد الكويت نفسها في وضع يفرض على الجميع تحصين الوضع الداخلي. الأمر لا يقتصر على ما يمكن أن تقدم عليه إيران من ردود فعل. هناك أيضا الوضع في جنوب العراق، وفي مدينة البصرة تحديدا. ليست البصرة بعيدة عن الكويت، بل هي الأقرب إليها جغرافيا وتاريخيا. يبدو الوضع في البصرة الذي هدأ نسبيا قبل أسابيع، مرشحا لانفجار جديد وكبير سيكون من الصعب ضبطه، خصوصا أنّه ليس هناك ما يشير إلى أن الحكومة الجديدة التي شكلها عادل عبدالمهدي مستعدة لإيلاء أي اهتمام لمشاكل أهل المدينة التي تعاني من كلّ أنواع الإهمال. لم تضم الحكومة ولو شخصية واحدة تمثل البصرة تستطيع أن تلفت السلطات العليا إلى همومها ومشاكلها ومياهها المسمومة وكهربائها المعدومة.

هناك بكل بساطة حرب أخرى من نوع مختلف عن الحروب العسكرية مسرحها الكويت. اسم الحرب تحصين الوضع الداخلي. من حسن الحظ أنّ ثمة وعيا على الصعيد الوطني لذلك. كان ملفتا أن جلسة افتتاح مجلس الأمّة مرت بهدوء، باستثناء كلمة الأمير التي تضمنت غير تحذير. لم يعد هناك من هو على استعداد لدخول لعبة المزايدات التي دفعت الكويت ثمنا كبيرا لها. في كلّ مرّة تجاوز هؤلاء اللاعبون حدودا معيّنة كان على أمير الدولة التدخل عبر اللجوء إلى إجراءات حازمة وحاسمة ورادعة. يتدخل الشيخ صُباح الأحمد ولكن بطريقة مختلفة. يعتمد القوّة الهادئة لا أكثر ولا أقلّ. هذه القوة الهادئة أكثر ما يلاءم المرحلة الراهنة، حيث هناك هياج في غير منطقة في الخليج والشرق الأوسط.

 

GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت… الحرب الأخرى الكويت… الحرب الأخرى



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 02:08 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

20 مليون للاعبي الوداد للتتويج بدوري الأبطال

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:23 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الكعبي وحاريث يغادران معسكر المنتخب المغربي

GMT 16:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الإصابة تبعد اللاعب وليد الكرتي عن الوداد

GMT 12:34 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

Daily Leo

GMT 21:51 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

فولسانغ يتفوق على ريتشي بورت في سباق دوفين

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل جلسة استماع بول بوجبا أمام محكمة المنشطات الإيطالية

GMT 18:16 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الوداد يبدأ الاستعداد لموقعة بركان

GMT 15:19 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

نهضة بركان يتدرب في ملعب الوداد

GMT 15:08 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

6 غيابات للرجاء أمام الدفاع الجديدي

GMT 21:55 2020 الجمعة ,15 أيار / مايو

هاري كين يعلن رعاية قميص فريقه السابق
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib