المأزق الإيراني مأزق روسي أيضا

المأزق الإيراني مأزق روسي أيضا

المغرب الرياضي  -

المأزق الإيراني مأزق روسي أيضا

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

خلف المأزق الإيراني مأزقا روسيا أيضا. كيف سيعمل فلاديمير بوتين على إخراج إيران من سوريا في ظلّ معرفته أن خروجها من دمشق يعني خروجها من طهران أيضا.
الأكيد أن روسيا ليست جمعية خيرية. لم ترسل قوات وقاذفات إلى سوريا من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا النظام من أجل سواد عيون بشّار الأسد أو إيران. ما قاله الرئيس فلاديمير بوتين عن أن وجود القوات الروسية في سوريا ينطلق “من المصلحة الروسية” صحيح.

نعم، ينطلق هذا الوجود من المصلحة الروسية وليس من أي اعتبارات أخرى. هذا كلّ ما في الأمر. أما لماذا لا تتصدى الدفاعات الجوية الروسية للطائرات الإسرائيلية التي تقصف أهدافا تابعة للنظام السوري أو لإيران وميليشياتها في الجنوب السوري وحتّى في محيط حلب، فهذا عائد إلى وجود تفاهم روسي-إسرائيلي في العمق.

هل إيران من الغباء كي تعتقد أن روسيا جاءت إلى سوريا من أجل الانضمام إليها في “تحرير القدس” بعد تدمير كلّ مدينة ذات أكثرية سنّية سنّية مثل حلب وحمص وحماة وتطويق دمشق من كلّ الجهات بهدف تغيير طبيعة المدينة وتركيبتها السكّانية؟

ليس سرّا أن إيران تمتلك الكثير من الدهاء، لكنّ هناك فارقا بين الدهاء والاعتقاد أنّ في الإمكان استخدام روسيا في خدمة من نوع إبقاء بشار الأسد في دمشق من دون الحصول على مقابل. لا يمكن للدهاء الإيراني المرور مرور الكرام على فكرة أنّ روسيا لا يمكن أن تنقذ بشار بالمجان. روسيا تعمل من أجل روسيا وفلاديمير بوتين يعمل من أجل فلاديمير بوتين.

لعلّ أكثر ما يتقنه الرئيس الروسي معرفة كيفية استخدام الثغرات في الولايات المتحدة. لذلك عرف كيف يضحك على إدارة باراك أوباما، خصوصا في الموضوع السوري. لكنّ الرئيس الروسي يعرف أيضا أن شيئا ما تغيّر في واشنطن وأن عليه التكيّف مع وجود إدارة مختلفة على رأسها دونالد ترامب تكنّ عداء للنظام الإيراني وتعمل جديا، أقلّه إلى الآن، من أجل اقتلاع مخالبه المتمددة في الشرق الأوسط والخليج وحتّى في الداخل الإيراني.

يتجاوز التفاهم الروسي – الإسرائيلي كلّ ما عداه في المنطقة. لا لشيء سوى لأنه ينطلق من “المصلحة الروسية” التي تحدّث عنها فلاديمير بوتين. هناك مليون مواطن روسي في إسرائيل. تعتبر موسكو هؤلاء بمثابة رأسمال لها لا يمكن أن تستغني عنه نظرا إلى أنّها تستطيع الاستفادة منه في مجالات مختلفة، بما في ذلك الداخل الروسي.

قبل فترة قصيرة، استُدعي بشار الأسد إلى سوتشي. التقى بوتين الذي أفهمه أنّ على النظام السوري، وهو نظام غير شرعي أصلا، تفادي إضفاء الشرعية على الوجود العسكري الإيراني في الجنوب السوري وفي دمشق ومحيطها.

كان ردّ فعل بشار بعد عودته إلى دمشق أن اتخذ موقفا منحازا لوجهة النظر الإيرانية بدل تنفيذ تعليمات الرئيس الروسي. تولّى وزير الخارجية وليد المعلّم التعبير عن الانقلاب الإيراني – الأسدي على روسيا. قال بالحرف الواحد إن الوجود الإيراني في سوريا “شرعي” وأن لا وجود لقواعد إيرانية في سوريا، بل هناك خبراء.

اعترض على الجهود الروسية من أجل صياغة دستور جديد لسوريا. ذهب إلى حد اعتبار التصرّف الروسي القاضي بكشف أسماء السوريين الذين يشاركون في صيغة الدستور الجديد بأنّه “قلة أدب” مؤكدا أن لا حاجة إلى دستور جديد ما دام هناك دستور العام 2012. فوق ذلك كلّه، نفى وجود اتفاق روسي – إسرائيلي في شأن انسحاب الإيرانيين والميليشيات المذهبية التابعة لهم من الجنوب السوري. لم يستوعب حتّى أن روسيا لا تريد أي وجود عسكري لإيران وميليشياتها في دمشق نفسها. أكثر من ذلك، ربط بين الاتفاق الروسي – الإسرائيلي وانسحاب الأميركيين من التنف.

تصرّف وليد المعلّم، وهو شخص مغلوب على أمره لا يؤمن بأيّ كلمة تصدر عنه، وكأنّه يمثل قوّة عظمى تتحكّم بما يجب أن تكون عليه طبيعة العلاقات بين أميركا وروسيا وإسرائيل!

كان المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية التابع للنظام إشارة إلى نقطة تحوّل في العلاقة بين بشّار وبوتين. ربّما نسي رئيس النظام السوري أن الرئيس الروسي أنقذه صيف العام 2013 من ردّ فعل أميركي على استخدام السلاح الكيميائي في الحرب التي يشنّها النظام على الشعب السوري.
صحيح أن باراك أوباما كان يريد تفادي أي عمل عسكري في سوريا كي لا يغضب إيران التي كان يتفاوض معها في شأن ملفّها النووي، لكنّ الصحيح أيضا أن روسيا كانت من تولّى إيجاد الإخراج المناسب لعملية تخلّص النظام من مخزون السلاح الكيميائي.

عندما تطلب الأمر أن يختار بشّار بين روسيا وإيران، اختار إيران. يعرف جيدا أن روسيا مهتمة بالمحافظة عليه في انتظار اليوم الذي تتوصّل فيه إلى صفقة ما مع إدارة دونالد ترامب. أمّا إيران، فهي تعرف تماما أن مستقبل علاقتها بسوريا ووجودها فيها مرتبطان بشخص بشّار الأسد. لدى روسيا خيارات سورية كثيرة غير بشّار.

لديها عدد كبير من الضباط العلويين وغير العلويين درسوا في معاهدها ويتكلّمون الروسية. لديها معرفة دقيقة بالجيش النظامي السوري الذي وضع في مواجهة ثورة شعبية تردّد في قمعها. كان الدليل على ذلك أن أوّل الضباط الذين اعترضوا على قمع الثورة التي بدأت في آذار – مارس 2011  كان وزير الدفاع وقتذاك علي حبيب، وهو ضابط علوي.

ما نساه رئيس النظام ومعه الإيرانيون أن التدخل الروسي في آخر أيلول – سبتمبر 2015 حال دون دخول الثوار دمشق. كانت العاصمة ساقطة عسكريا. كذلك، اقتربت المعارضة من الساحل السوري حيث الكثافة العلوية. كان على إيران الاستنجاد بسلاح الجوّ الروسي الذي نقل طائرات إلى قاعدة حميميم قرب اللاذقية.

باشرت هذه الطائرات قصف مواقع معينة. أدى ذلك إلى تراجع الثوار في دمشق ومحيطها وفي منطقة الساحل. في مرحلة لاحقة استعاد النظام حلب في ظلّ تفاهم روسي – تركي. كان من بين بنود هذا التفاهم عدم السماح لبشار الأسد بالاحتفال بالانتصار على حلب عن طريق قيامه بزيارة للمدينة.

اعتقدت روسيا أنّها تستطيع فرض أجندتها على النظام وإيران. تبيّن أن العلاقة بين الجانبين أقوى بكثير، بل أعمق، مما تعتقد. إنّها علاقة عضوية تفرض على بوتين اتباع استراتيجية مختلفة في حال كان يريد بالفعل المحافظة على مصالح روسيا في سوريا واستثمارها في سياق الدور الجديد الذي يظنّ أنّه صنعه لبلاده.

لن يبصر مثل هذا الدور النور سوى في حال توافر حدّ أدنى من الندية بين موسكو وواشنطن. لعلّ أصعب ما يواجه فلاديمير بوتين في سوريا أنّه لا يستطيع تجاهل أنّ إيران تلعب في هذا البلد مستقبل نظامها بعدما وضعت نفسها أمام خيارين: أمّا مواجهة شاملة مع إسرائيل، مع ما يعنيه ذلك من حرب مدمّرة يمكن أن تصل إلى آثارها إلى لبنان… أو الانكفاء. مثل هذا الانكفاء يضع مستقبل النظام على المحكّ. إنّه يعني الكثير بالنسبة إلى إيران التي تقوم سياستها منذ العام 1979 على الهروب المستمر إلى خارج حدودها.

خلّف المأزق الإيراني مأزقا روسيا أيضا. كيف سيعمل فلاديمير بوتين على إخراج إيران من سوريا في ظلّ معرفته أن خروجها من دمشق يعني خروجها من طهران أيضا؟

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المأزق الإيراني مأزق روسي أيضا المأزق الإيراني مأزق روسي أيضا



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 02:08 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

20 مليون للاعبي الوداد للتتويج بدوري الأبطال

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:23 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الكعبي وحاريث يغادران معسكر المنتخب المغربي

GMT 16:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الإصابة تبعد اللاعب وليد الكرتي عن الوداد

GMT 12:34 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

Daily Leo

GMT 21:51 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

فولسانغ يتفوق على ريتشي بورت في سباق دوفين

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل جلسة استماع بول بوجبا أمام محكمة المنشطات الإيطالية

GMT 18:16 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الوداد يبدأ الاستعداد لموقعة بركان

GMT 15:19 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

نهضة بركان يتدرب في ملعب الوداد

GMT 15:08 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

6 غيابات للرجاء أمام الدفاع الجديدي

GMT 21:55 2020 الجمعة ,15 أيار / مايو

هاري كين يعلن رعاية قميص فريقه السابق
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib