مشروع سوريا المفيدة يشق طريقه

مشروع 'سوريا المفيدة' يشق طريقه

المغرب الرياضي  -

مشروع سوريا المفيدة يشق طريقه

بقلم : خيرالله خيرالله

يدلّ الهجوم المضاد الذي يشنّه الثوار في حلب من أجل فكّ الحصار الروسي – الإيراني – الأسدي على مدينتهم إلى أن المدينة لن ترضخ. أكثر من ذلك، يؤكّد هذا الهجوم أنّ روسيا وإيران لا تعرفان سوريا والسوريين، اللهمّ إلاّ إذا كان هدفهما في نهاية المطاف تفتيت البلد في غياب القدرة على التحكّم به. وهذا ما نشهد حاليا فصلا من فصوله. لم يعد من خيار آخر غير خيار التفتيت يواجه سوريا التي عرفناها، والتي حاول شعبها التخلّص من نظام أقلّوي قضى عليه، كما قضى على البلد، شيئا فشيئا، خصوصا بعد تحولّه إلى نظام حكم العائلة إثر حلول بشّار الأسد مكان والده.

كان متوقّعا، في الحسابات الروسية والإيرانية استسلام حلب وذلك بعد تدمير القسم الأكبر من المدينة. لم يحصل الاستسلام على الرغم من الزج بالآلاف من العناصر التابعة لميليشيات مذهبية لبنانية وعراقية في المعركة. استطاعت المدينة الصمود في وجه الغارات التي يشنها سلاح الجوّ الروسي وطائرات مازال النظام قادرا على تحريكها لقصف المدارس والمستشفيات. استطاعت المدينة تأكيد أنّ المدافعين عنها، ومعظمهم من أهلها، لن يستسلموا مهما بلغت الوحشية الروسية، ومهما كانت درجة التواطؤ بين واشنطن وموسكو في عهد رئيس أميركي اسمه باراك أوباما يعتبر أن حماية الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني أهمّ بكثير من حماية الشعب السوري.

هناك عبرة واحدة يمكن استخلاصها من التطورات الأخيرة في حلب. تتمثل هذه العبرة في أنّ الرهان على أن النظام الذي يقف على رأسه بشّار الأسد سيحكم كلّ سوريا يوما، لم يعد واردا في أيّ شكل. هذا نظام انتهى. لن يستطيع هذا النظام العودة إلى حكم سوريا وذلك على الرغم من امتلاكه قدرة كبيرة على التكيّف مع التغييرات الإقليمية والتعايش مع الاستعماريْن الإيراني والروسي، وخلق شبكات تستفيد من كلّ أنواع عمليات التهريب ومن المساعدات الدولية.

يظلّ الرهان على النظام رهانا خاسرا سلفا، حتّى لو كان الهدف النهائي لإيران وروسيا الوصول إلى “سوريا المفيدة” التي عاصمتها دمشق. يفترض بـ”سوريا المفيدة” أن تمتلك امتدادا في اتجاه مناطق لبنانية يسيطر عليها “حزب الله” من جهة، وأخرى على طول الساحل السوري من جهة أخرى. وهذا يعني، في طبيعة الحال، تغيير جذري لطبيعة دمشق والمناطق المحيطة بها مباشرة، وإقامة منطقة عازلة على طول الحدود اللبنانية ـ السورية، وتأمين ممرّ آمن لمقاتلي “حزب الله” إلى “سوريا المفيدة” التي ستحتاج دائما إلى من يقاتل من أجل حمايتها.

ثمّة حاجة إلى من يقاتل في “سوريا المفيدة” من منطلق مذهبي قبل أيّ شيء آخر نظرا إلى أنّ المطلوب أن تكون سوريا هذه ملجأ للعلويين الذين سيتذرعون بالحاجة إلى حماية أنفسهم من انتقام أهل السنّة منهم بعدما حكموا البلد بالحديد والنار منذ العام 1966 عندما انقلب العسكر على “البعث المدني” بقيادة ضباط علويين على رأسهم حافظ الأسد وصلاح جديد.

مهّد ذلك الانقلاب لوصول حافظ الأسد إلى السلطة في خريف العام 1970 وتفرّده بها بعد زجّ برفاقه في السجن. بقي صلاح جديد في السجن طويلا، إلى أن تمكّن منه المرض. أمّا محمد عمران، الضابط العلوي الآخر الذي بدأ يواجه مشاكل مع رفاقه منذ العام 1964، فقد لحقت به امرأة إلى طرابلس، عاصمة شمال لبنان، لتغتاله في آذار – مارس من العام 1972. لم يكن حافظ الأسد يستطيع تحمّل أي وجود لمعارض له حتّى لو كان هذا المعارض في المنفى. تلك هي فلسفة تلك العائلة للسلطة… ولكيفية التعاطي مع الآخر.

بعدما كشفت حلب حدود ما تستطيع أن تفعله روسيا، فضلا عن حدود ما تستطيع أن تفعله إيران، صار مشروع “سوريا المفيدة” قادرا على شق طريقه بقوّة أكبر، خصوصا بعد فقدان أي أمل في إعادة تأهيل بشّار الأسد خارج هذا الإطار.

بكلام أوضح، دخلت عملية تقسيم سوريا وتفتيتها مرحلة جديدة. لا يمكن تجاهل أن تركيا نفذت عمليات عسكرية في الداخل السوري تصب في حماية ما تعتبره مصلحة حيوية لها. استطاعت تركيا منع الأكراد السوريين من الربط بين مناطقهم. ستُقْدمُ على خطوات أخرى في المستقبل القريب مستفيدة من التفهم الروسي للمصلحة التركية ومن أن شهر العسل، بين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، قد لا يستمرّ طويلا.

في ضوء انعدام أي خيار آخر، غير خيار “سوريا المفيدة”، أمام روسيا وإيران، ثمة أسئلة كثيرة ستطرح نفسها في المستقبل القريب. من بين هذه الأسئلة ما الذي سيفعله رجب طيب أردوغان الذي يعتبر بلده الموصل وحلب مدينتين تركيتين؟ إلى متى يستمر شهر العسل التركي – الروسي والتفاهمات القائمة بين أنقرة وطهران؟ الأهمّ من ذلك كلّه، ما مستقبل العلاقات التركية ـ الأميركية، خصوصا بعد أن يغادر باراك أوباما البيت الأبيض في كانون الثاني ـ يناير المقبل؟

هناك دول أخرى معنية بالخوف من تفتيت سوريا. من بين هذه الدول يأتي الأردن الذي لديه مصلحة كبيرة في عودة السوريين اللاجئين إليه إلى بلدهم. كذلك، لا يمكن تجاهل التداخل والصلات بين العشائر والعائلات الأردنية والسورية على طول الحدود بين البلدين.

من المفيد، في طبيعة الحال، التساؤل ما الذي تريده إسرائيل؟ كيف ستضمن تكريسها لاحتلال الجولان وإقامة منطقة عازلة تمكنها من التفرّج على مشهد تفكيك سوريا على يد الروسي والإيراني والميليشيات المذهبية التي أتت بها طهران إلى مناطق عدّة، خصوصا إلى محيط دمشق؟

لا شكّ أن التنسيق الروسي – الإسرائيلي، الذي جعل بوتين يستقوي على الإدارة الأميركية وسيرجي لافروف يتعاطى بفوقية مع جون كيري، يخفي أمورا كثيرة من بينها الضمانات التي ستحصل عليها إسرائيل في سوريا، وما يتجاوز سوريا، أي في لبنان حيث القرار 1701 الصادر في العام 2006 صامد إلى حد كبير. ليس مستبعدا أن يكون ثمن “سوريا المفيدة” وقبول إسرائيل بها، تطويرا للقرار 1701، بما يغلق نهائيا ملفّ المتاجرة بجنوب لبنان…

يشقّ مشروع “سوريا المفيدة” طريقه فيما تزداد الأسئلة المطروحة، على رأسها كيف ربط سوريا هذه بالعراق الذي وقع تحت السيطرة الإيرانية؟

إنّها بالفعل أيّام مثيرة يعيشها الشرق الأوسط الذي عاش قرنا كاملا على إيقاعات سايكس- بيكو. كان اجتياح العراق في العام 2003، وهو اجتياح أميركي بالتنسيق الكامل مع إيران نقطة الانطلاق لـ”إعادة تشكيل المنطقة”. هذه العبارة استخدمها كولن باول وزير الخارجية الأميركي في سياق التمهيد للعملية العسكرية التي قررت إدارة جورج بوش الابن السير فيها إلى النهاية. صدق كولن باول، علما أنّه لم يدرك أن عملية “إعادة تشكيل المنطقة” ستجري في غياب الولايات المتحدة. لم يحسب أن باراك أوباما سيخلف بوش الابن، وأن سياسته تقوم أساسا على فكرة واحدة هي الانقلاب على كل ما فعله سلفه ولا شيء آخر غير ذلك!

GMT 07:49 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من بضاعة إيرانية جديدة؟

GMT 07:46 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب استنزاف في الجزائر

GMT 10:41 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

GMT 08:45 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع سوريا المفيدة يشق طريقه مشروع سوريا المفيدة يشق طريقه



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib