نصف قرن على الهزيمة… مشرق عربي ولد من رحمها

نصف قرن على 'الهزيمة'… مشرق عربي ولد من رحمها

المغرب الرياضي  -

نصف قرن على الهزيمة… مشرق عربي ولد من رحمها

بقلم : خيرالله خيرالله

معظم ما تعانيه المنطقة العربية حاليا، خصوصا منطقة المشرق العربي، هو من ذيول هزيمة 1967 التي غيرت الخارطة التي ارتسمت في ضوء قيام دولة إسرائيل في العام 1948.

كانت الحاجة إلى مرور نصف قرن على “الهزيمة” كي تبدأ نتائجها في الظهور على الأرض. ما كان يفترض أن يحصل بعد “الهزيمة” تأخّر نصف قرن.

لم تكن هزيمة حرب الأيام الستة هزيمة عسكرية فحسب، بل كانت هزيمة للعقل العربي أيضا الذي لم يستطع تعلّم شيء يذكر من الذي حصل وقتذاك بعد تمكن إسرائيل، بين ليلة وضحاها، من احتلال سيناء وقطاع غزّة والضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان.

ما نشهده اليوم من تفتيت للكيان السوري وضمّ للجولان واستمرار لعملية وضع اليد الإسرائيلية على الضفّة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، يعطي فكرة عن العجز العربي عن مواجهة الواقع كما هو.

بكلام أوضح، هناك عجز، لا يزال قائما، عن التعاطي مع موازين القوى والاستعاضة عن ذلك بتصوّر للموازين هي أقرب إلى الوهم من أيّ شيء آخر.

كان الاعتقاد السائد لدى العرب أن الجيوش العربية ستهزم إسرائيل بمجرّد أن جمال عبدالناصر أعطى أوامره بإغلاق مضائق تيران وسحب القوات الدولية من سيناء. لم يحصل شيء من ذلك. حصل العكس تماما وذلك لسبب في غاية البساطة يتمثّل في رفض الجانب العربي الاعتراف بالموازين العسكرية القائمة وبالنتائج المترتبة على الهزيمة. في الحروب أو في السياسة، أن يعرف زعماء الدول والسياسيون كيف التعاطي مع الخسارة أهمّ بكثير من كيفية التعاطي مع الانتصار.

وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان يقف عند حائط البراق (المبكى) خلال حرب 1967 التي قال عنها إنها حققت الأهداف الأمنية والسياسية لإسرائيل التي تمكنت في الفترة ما بين الخامس من يونيو وحتى العاشر منه من اجتياح واحتلال صحراء سيناء المصرية والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية.

ومع أن إسرائيل انسحبت من صحراء سيناء، إلا أنها قامت بضم كل من القدس الشرقية وهضبة الجولان إليها في خطوة لم تحظ باعتراف دولي. فلا تزال إسرائيل تحتل الضفة الغربية بينما قامت بانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة الذي تفرض عليه حصارا بريا وبحريا وجويا منذ عام 2006.

لم يكن هناك سوى الملك حسين الذي عرف كيف يتعاطى مع الخسارة وعمل على الفور من أجل لملمة الأوضاع في الأردن والمحافظة على ما بقي منه بعدما أصبحت المملكة عرضة لهجمات من جهات مختلفة على رأسها المنظمات المسلّحة الفلسطينية التي كانت تسعى إلى قيام وطن بديل تحت شعارات من نوع “كل السلطة للشعب” أو “طريق القدس يمرّ في عمان!”.

إذا كانت مصر استطاعت في مرحلة لاحقة التصالح مع الواقع بعدما قام أنور السادات بزيارته للقدس في تشرين الثاني ـ نوفمبر 1977، محطما كل التابوهات التي سادت في المنطقة منذ ما قبل قيام دولة إسرائيل، فإن معظم العرب الآخرين فضلوا السير في ركاب الوهم.

لم يستطع العرب مجاراة مصر بعد التهديدات التي وجّهت لهم عن النظامين البعثيين في سوريا والعراق. تصالح النظامان فجأة من أجل الوقوف في وجه مصر ونقل جامعة الدول العربية من القاهرة وفرض إملاءات على العرب الآخرين، على رأسهم المملكة العربية السعودية. كان العرب الآخرون في حال من التردد، عموما، تجاه الموقف الواجب اتخاذه من خطوة أنور السادات والنتائج التي ستليها.

استعادت مصر أراضيها وفضّل الأردن من أجل المحافظة على سلامته، وقبل الخطوة التي أقدم عليها أنور السادات، التخلي عن الضفّة الغربية. اعترف بقرار قمّة الرباط للعام 1974 الذي يكرّس منظمة التحرير الفلسطينية “الممثّل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني”. أقدم في صيف العام 1988 على خطوة فكّ الارتباط مع الضفّة الغربية لتأكيد أنّه لم يعد معنيا مباشرة بالمفاوضات من أجل استعادة تلك الأرض التي سعت منظمة التحرير إلى وضعها تحت سيادتها.

بعد قرار قمّة الرباط الذي اتخذ بضغط من قوى عدّة، على رأسها الجزائر في عهد هواري بومدين، فقد الجانب العربي حجة قانونية أساسية استغلتها إسرائيل لتجعل من الضفّة الغربية “أرضا متنازعا عليها”. في النهاية، كانت الضفّة الغربية والقدس الشرقية تحت السيادة الأردنية عندما وقعت الحرب في العام 1967. كان الأردن الجانب الوحيد المؤهل لاستعادة الأرض كلّ الأرض في مرحلة لاحقة على غرار ما فعلت مصر وذلك استنادا إلى القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن والذي يتعاطى مع دول وليس مع منظمات…

أمّا النظام السوري الذي خسر الجولان، فوجد في ذلك أفضل حجة لممارسة سياسته المفضلة القائمة على اللاحرب واللاسلام، وهي أيضا السياسة المفضلة لدى إسرائيل. الصدفة خير من ميعاد أحيانا. سمحت تلك الصدفة بقيام حلف غير معلن بين النظام السوري وإسرائيل ذهب ضحيته لبنان الذي لا يزال يعاني، إلى اليوم، من النتائج المترتبة على “الهزيمة”، علما أنّه امتلك ما يكفي من الحكمة والتعقّل للبقاء خارج حرب 1967.

بعد نصف قرن على “الهزيمة”، هناك دولتان عربيتان وقعتا معاهدتي سلام مع إسرائيل، هما مصر والأردن وهناك دولة عربية أرادت الهرب من الواقع ومن المعنى الحقيقي للهزيمة. تدفع سوريا غاليا ثمن ممارسات لنظام اعتبر الجولان ورقة تصلح لابتزاز العرب الآخرين بالتفاهم مع إسرائيل. كان هناك دائما اتفاق سوري ـ إسرائيلي، ما لبث أن تحول إلى اتفاق سوري ـ إسرائيلي ـ إيراني، كي يبقى جنوب لبنان جرحا نازفا.

فوّت النظام السوري كلّ الفرص من أجل استعادة الجولان وفوّت على الفلسطينيين كل المناسبات التي كان يمكن أن يحققوا فيها حلم التوصل إلى تسوية معقولة إلى حدّ ما وذلك قبل توقيع اتفاق أوسلو وبعده.

الواقع الذي لا مفرّ من الاعتراف به مؤلم، خصوصا في ظلّ تداعيات الزلزال العراقي الذي حصل في العام 2003، حين سقط العراق في يد إيران كنتيجة مباشرة للحرب الأميركية على البلد. كان سقوط العراق كارثة في حجم “النكبة” و”الهزيمة”، بل أكبر منهما.

هذا عائد إلى أن دائرة الخلل في التوازن الإقليمي زادت إلى حد كبير على كلّ صعيد وكرّست إيران لاعبا في المشرق العربي وفي العراق وسوريا ولبنان تحديدا.

في الخامس من حزيران ـ يونيو 2017، هناك مشرق عربي جديد ولد من رحم “الهزيمة”. هناك احتلال إسرائيلي دائم للجولان ولقسم من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، وذلك بفعل المستوطنات. وهناك كيان سوري يتفكّك وهناك قضية فلسطينية في مهبّ الريح. لم يعمل الوقت لمصلحة العرب. جعل الوقت أولئك الذين راهنوا عليه يقيمون خارج التاريخ وخارج الجغرافيا، كما حال النظام السوري حاليا.

GMT 07:49 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من بضاعة إيرانية جديدة؟

GMT 07:46 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب استنزاف في الجزائر

GMT 10:41 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

GMT 08:45 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصف قرن على الهزيمة… مشرق عربي ولد من رحمها نصف قرن على الهزيمة… مشرق عربي ولد من رحمها



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني

GMT 11:59 2016 الجمعة ,12 شباط / فبراير

السالمية يستضيف اليرموك في الدوري الكويتي

GMT 15:24 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

لاعبة التنس الروسية إيلينا فيسنينا تنتظر مولودها الأول

GMT 05:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

صفقة تبادلية مرتقبة بين الفيصلي وشباب الأردن

GMT 16:10 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

الجيش يعرض 40 ألف دولار لفسخ عقد يونس حمال

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

بلاتر يواصل خوض "حرب الشرف" أمام إنفانتينو

GMT 17:16 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

"البايرن" يتوج بطلًا للشتاء بثنائية على "إنغلوشتات"

GMT 09:19 2024 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إشادة بأداء اللاعب إبراهيم دياز مع المنتخب المغربي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib