ما يجمع بين المغرب والأردن

ما يجمع بين المغرب والأردن

المغرب الرياضي  -

ما يجمع بين المغرب والأردن

بقلم : خيرالله خيرالله

أن يزور الملك عبدالله الثاني الملك محمّد السادس قبل أيام قليلة من انعقاد القمّة العربية في الأردن، هذا دليل على وجود جدّية في مرحلة الإعداد للقمّة العربية التي يعتقد كثيرون أنّها لا تقدّم ولا تؤخّر.

كان مجيء العاهل الأردني إلى الرباط بمثابة إشارة إلى الرغبة في جعل القمّة تقدّم شيئا، ولو في حدود المعقول، لما بقي من قضايا عربيّة في ظلّ التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة كلّها وليس مؤسسة القمّة العربية فقط.

كان لا بدّ من إعطاء القمّة العربية معنى. لا يعطيها معنى سوى زعيم بحجم محمّد السادس عرف كيف ينقل المغرب إلى مرحلة جديدة وربطه بما يدور في العالم، خصوصا في محيطه الأفريقي. ليس محمّد السادس سوى ملك يهتمّ أوّل ما يهتمّ بالمغرب وتنميته ومتطلبات الشعب المغربي وفي كيفية التعاطي مع الواقع بدل إطلاق شعارات فارغة.

ما يربط بين المغرب والأردن هو ذلك الذكاء الذي يجمع بين ملكين استطاعا تجاوز ما يسمّى “الربيع العربي” بطريقة حضارية. استفاد المغرب والأردن من “الربيع العربي” بدل أن يكونا من ضحاياه كما حصل في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن. ليس صحيحا أن تونس في وضع أفضل مما كانت عليه قبل “الربيع العربي”. ليس صحيحا أن في الإمكان إنقاذ ليبيا وسوريا واليمن.

أمكن إنقاذ مصر بعد انتزاعها من براثن الإخوان المسلمين في اللحظة الأخيرة بفضل جهود عربية صادقة. بذلت هذه الجهود دول خليجية كانت تدرك تماما أنّ هناك حاجة عربية إلى مصر وإلى توازن على الصعيد الإقليمي لا تؤمّنه سوى مصر، خصوصا بعد خسارة العراق الذي تحوّل بفضل جورج بوش الابن ثمّ باراك أوباما، إلى مستعمرة إيرانية.

صحيح أنّ هناك فارقا كبيرا بين المغرب والأردن، لكنّ الصحيح أيضا أنّ هناك روابط كثيرة بين المملكتين. في مقدّم هذه الروابط العلاقة الشخصية بين محمّد السادس وعبدالله الثاني. يمتلك الاثنان مزايا عدّة ليست متوافرة سوى لدى عدد قليل من الزعماء العرب من طينة الشيخ محمّد بن زايد وليّ العهد في أبوظبي الذي يمتلك بدوره رؤية واضحة لما يفترض أن تكون عليه الدول الحديثة ذات المؤسسات الراسخة والثابتة التي تشكّل جزءا لا يتجزّأ من التكامل بين مؤسسة الحكم والشعب، ممثّلا بالمواطن العادي.

لعلّ أبرز ما يجمع بين العاهلين المغربي والأردني هو أنّهما متصالحان مع شعبيهما. ليس سرّا أن محمّد السادس يستطيع النزول إلى الشارع والتحدث إلى المواطن العادي الذي لا يصدّق أحيانا أن ملك البلاد إلى جانبه يسأله عن أحواله.

لولا هذه الثقة المتبادلة بين الملك والشعب، لما كان محمّد السادس قادرا على اصطحاب عبدالله الثاني في سيارة مكشوفة في شوارع الرباط. مضى زمن لم يشاهد فيه العرب مثل هذا المشهد المعبّر عن العلاقة المباشرة بين الحاكم والشعب.

لكنّ هذا المشهد أكثر من عاديّ في المغرب حيث يصرّ الملك على النزول إلى الشارع وعلى أن يلتمّ الناس حوله، أكان ذلك في الرباط أو في الدار البيضاء أو مراكش أو فاس أو طنجه أو تطوان…

في كلّ الأحوال، هناك في المغرب ما يؤكّد يوميا شرعية المؤسسة الملكية التي تحظى بدعم شعبي كان أفضل تعبير عنه تجاوز “الربيع العربي”، بل استغلاله من أجل قيام إصلاحات حقيقية. تثبت الإصلاحات في المغرب والأردن أنّ البلدين يمتلكان مزايا خاصة بكلّ منهما تجعل منهما استثناء عربيا.

قبل كلّ شيء لا يمتلك المغرب ثروات طبيعية كثيرة. ثروته هي الإنسان المغربي. لذلك استطاع تطوير نفسه نحو الأفضل وتكريس دوره على الصعيد الأفريقي وعلى صعيد تحوّله بوابة لأوروبا إلى أفريقيا.

الأردن أيضا، لا يمتلك ثروات طبيعية. مثله مثل المغرب، استطاع الرهان على الإنسان. على الرغم من الأزمة الاقتصادية العميقة في الأردن، لا يوجد من يستطيع تجاهل دوره على الصعيد الإقليمي، إن في سوريا، أو في العراق، أو فلسطينيا، أو في مجال الحرب على الإرهاب.

هناك مجالات عدّة يعتبر فيها المغرب والأردن شركاء. قبل كلّ شيء، هناك العلاقة المميزة للمملكتين بدول مجلس التعاون الخليجي. إنّهما عضوان بطريقة أو بأخرى في مجلس التعاون، على الرغم من أنّهما ليستا دولتين خليجيتين.

لكنّ الأهمّ من ذلك كلّه أن المغرب والأردن شريكان في الحرب على الإرهاب، كما أنّهما يلعبان دورا أساسيا في كبح أيّ تطرّف إسلامي من جهة والدعوة إلى الاعتدال والتسامح والاعتراف بالآخر من جهة أخرى.

معروف أن عبدالله الثاني يعتبر الحرب على الإرهاب والتطرّف هي حرب يجب أن يخوضها المسلمون قبل غيرهم. ومعروف أن محمّد السادس لم يترك ثغرة إلّا وحاول سدّها في مجال القضاء على التطرّف الديني. لم يوفّر المغرب أيّ وسيلة لنشر الاعتدال في أفريقيا. لذلك هناك مؤسسات ومعاهد دينية وجامعات أنشئت في المغرب لتخريج علماء مسلمين ينشرون الإسلام الصحيح بعيدا عن كلّ أنواع المغالاة والإرهاب والتطرّف.

استطاع المغرب والأردن، كلّ على طريقته استيعاب الإخوان المسلمين الذين حاولوا قدر المستطاع استغلال “الربيع العربي” لإشباع نهمهم إلى السلطة ولا شيء آخر غير السلطة. لا مانع لدى المغرب في أن يكون رئيس الوزراء إسلاميا في حال كان في استطاعته التعاطي مع اللعبة الديمقراطية التي فرضها الدستور الجديد. لا مانع في استبدال إسلاميّ بإسلاميّ آخر من أجل التأكيد أن هناك مؤسسة ملكية تحترم الدستور بأدق التفاصيل.

لا مانع في الأردن أن يشارك الإخوان في الانتخابات النيابية التي كشفت في واقع الحال حجمهم السياسي في المملكة. لا يوجد في نهاية المطاف من يعرف الإخوان على حقيقتهم أكثر من عبدالله الثاني الذي عرف كيفيّة التّعاطي معهم وعرف خصوصا كيفيّة تدجينهم.

يلعب المغرب دوره كواحة استقرار في المغرب العربي. ويلعب الأردن الدور نفسه في المشرق العربي. هناك ملكان تجمع بينهما حماية المقدّسات الإسلامية والمسيحية في القدس ويلعبان الدور المطلوب منهما في إنجاح القمّة العربية بعيدا عن الأوهام والتوقعات التي لا علاقة لها بما يمكن تحقيقه. هذا لا يمنع أنّ كلا منهما يعرف الواقع ويدرك تعقيداته.

بالنسبة إلى محمّد السادس، لا يزال المغرب همّه الأوّل والأخير. إنّه يؤمن بالمغرب أوّلا وبأن يكون المواطن المغربي مكتفيا وراضيا وسعيدا قدر الإمكان. أما عبدالله الثاني، فكان بين أول الذين رفعوا شعار “الأردن أوّلا” بعيد صعوده إلى العرش في العام 1999.

في نهاية المطاف، لا يصحّ إلّا الصحيح. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كانت تلك العلاقة الخاصة بين المغرب والأردن، وهي علاقة بين بلدين لكلّ منهما ميزاته المختلفة عن الآخر. لا يمنع التمايز بين المملكتين اللتين تفصل بينهما الجغرافيا وجود القاسم المشترك الذي اسمه القاسم الحضاري الذي تختزله رغبة محمد السادس وعبدالله الثاني في ربط بلديهما بالمستقبل وبكل ما له علاقة بتنمية الإنسان.

يبقى الإنسان الثروة الحقيقية في كلّ من المغرب والأردن، حيث حرب لا هوادة فيها على التطرّف بكلّ أشكاله في ظروف في غاية التعقيد. لم يعرف كيفية التعاطي مع هذه الظروف المعقّدة سوى رجلين استثنائيين اختبرا في سنوات قليلة ما لم يستطع غيرهما اختباره في عقود طويلة بدليل ما تشهده هذه الأيّام دول شمال أفريقيا ودول المشرق العربي من كوارث… باستثناء المغرب والأردن!

المصدر : صحيفة العرب

GMT 07:49 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من بضاعة إيرانية جديدة؟

GMT 07:46 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب استنزاف في الجزائر

GMT 10:41 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

GMT 08:45 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما يجمع بين المغرب والأردن ما يجمع بين المغرب والأردن



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني

GMT 11:59 2016 الجمعة ,12 شباط / فبراير

السالمية يستضيف اليرموك في الدوري الكويتي

GMT 15:24 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

لاعبة التنس الروسية إيلينا فيسنينا تنتظر مولودها الأول

GMT 05:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

صفقة تبادلية مرتقبة بين الفيصلي وشباب الأردن

GMT 16:10 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

الجيش يعرض 40 ألف دولار لفسخ عقد يونس حمال

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

بلاتر يواصل خوض "حرب الشرف" أمام إنفانتينو

GMT 17:16 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

"البايرن" يتوج بطلًا للشتاء بثنائية على "إنغلوشتات"

GMT 09:19 2024 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إشادة بأداء اللاعب إبراهيم دياز مع المنتخب المغربي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib