الإخوان واليمن… ونكران الجميل

الإخوان واليمن… ونكران الجميل

المغرب الرياضي  -

الإخوان واليمن… ونكران الجميل

بقلم : خيرالله خيرالله

هناك خدمات كبيرة إلى درجة لا يمكن الردّ عليها إلّا بنكران الجميل. هذا مثل فرنسي قديم زاد عليه الإخوان المسلمون عبارة “توجيه الإساءات”. لا يكتفي الإخوان المسلمون بنكران الجميل. صاروا يتجاوزون ذلك إلى الدخول في توجيه الإساءات.

هذا ما ينطبق تماما على ردود الفعل التي صدرت عن “التجمع اليمني للإصلاح” بعد حملات الإغاثة والمساعدات والاستثمار في مشاريع التنمية التي قدّمتها دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اليمن وإلى الجنوب تحديدا وإلى جزيرة سقطرى على وجه الخصوص.

يريد الإخوان المسلمون، بفرعهم اليمني، الذي عاد بكل أنواع الكوارث على اليمن، تصفية حساباته مع الإمارات من منطلق أنّها كشفتهم باكرا على حقيقتهم. كشفت بشكل خاص شبقهم إلى السلطة واستعدادهم لكلّ شيء من أجل السلطة، بما في ذلك تدمير اليمن حجرا حجرا.

من يشنّ حملات على دولة الإمارات بسبب ما قدمته إلى اليمن إنّما يريد تجاهل الحقيقة والواقع. هناك أرقام تتكلّم بنفسها من دون حاجة إلى شهادة من أحد عن حجم المساعدات الإماراتية إلى سقطرى وكلّ المناطق اليمنية.

ففي الوقت الذي كانت فيه نيران الحرب تشتعل في كلّ الاتجاهات، كانت المساعدات الإماراتية تجوب كلّ المحافظات والمدن والقرى في سياق مشروع إنساني يستهدف إنقاذ اليمنيين.

هناك مساعدات إماراتية وصلت إلى عدن وأبين ولحج والمخا وكل منطقة عانت من آثار الحرب الدائرة في هذا البلد منذ العام 2011 بسبب رغبة الإخوان المسلمين في وراثة علي عبدالله صالح. اعتقد هؤلاء أنّ كلّ شيء بات معدّا لذلك وأنّ الساحة خلت لهم في ضوء الثورة التي أشعلها شباب يمني متحمّس كان يمتلك كلّ النيّات الطيّبة، أراد التخلص من النظام القائم في سياق “الربيع العربي”.

لم يفطن الإخوان المسلمون إلى أنّهم سيكونون أداة يستخدمها “أنصار الله” الذين تقف وراءهم إيران من أجل الوصول إلى وضع اليد على صنعاء والانطلاق منها في السعي إلى التمدد في اتجاه عدن وكل المحافظات الأخرى، مع تركيز خاص على ميناء المخا.

هذا الميناء الذي يسمح بالتحكّم بالملاحة في باب المندب ذي الأهمّية الإستراتيجية لكل التجارة العالمية نظرا إلى أنّه المدخل إلى البحر الأحمر وإلى قناة السويس.

هناك حملة يشنّها الإخوان في اليمن على الإمارات بحجة أنّها تريد تسهيل عملية إقامة قاعدة عسكرية أميركية في سقطرى. قبل كلّ شيء، هل تحتاج دولة مثل الولايات المتحدة إلى إذن من الإمارات لإقامة مثل هذه القاعدة في سقطرى أو غير سقطرى، هذا إذا كانت أميركا مهتمّة فعلا بمثل هذه القاعدة؟ يكفي طرح هذا السؤال للتأكّد من أن كلّ الأمر إشاعات بإشاعات وحملات إعلامية لا هدف منها سوى التغطية على فشل الإخوان على كلّ صعيد، عسكريا وسياسيا.

هناك فارق كبير بين الوهم والحقيقة. كلّ ما في الأمر أن الإخوان المسلمين يخشون من التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن. خوفهم من ألاّ يكون لهم مكان في هذه التسوية، لذلك نراهم يعملون مع “أنصار الله”، أي الحوثيين على استمرار الحرب.

هناك تركيز من الجانبين على الدور الإماراتي نظرا إلى أن ما قامت به تلك الدولة منذ بدء “عاصفة الحزم” يصبّ في خدمة مشروع واضح كلّ الوضوح يستهدف إنقاذ اليمن واليمنيين.

ليس سرّا الدور الإماراتي في استعادة عدن ووضعها في أحضان الشرعية، كذلك الأمر بالنسبة إلى المكلا عاصمة حضرموت. ليس سرّا أيضا الدور الإماراتي في مأرب وفي معركة المخا. هناك دور إماراتي في استعادة ميناء الحديدة. سيتبلور هذا الدور عاجلا أم آجلا.

من يتابع ما تقوم به الإمارات منذ ما قبل انطلاق “عاصفة الحزم” يكتشف أن هناك خطة مدروسة لإنقاذ اليمن وانتزاعه من براثن الحوثيين. يكتشف أيضا أنّ الإخوان المسلمين ممثلين بـ”الإصلاح” يعملون كلّ ما في وسعهم من أجل قطع الطريق على أيّ حل سياسي.

إذا كانت هناك رغبة لدى الجنوبيين في الانفصال فإنّ هذه الرغبة عائدة إلى ما ارتكبه الإخوان في المحافظات الجنوبية منذ العام 1994 عندما شاركوا في الحرب التي وقعت بين علي عبدالله صالح والحزب الاشتراكي الذي أراد الانتهاء من الوحدة.

كان اسم تلك الحرب “حرب الانفصال”، وانتهت بانتصار علي عبدالله صالح. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ الإخوان تصرّفوا في عدن وفي المحافظات الجنوبية تصرّف الغزاة. استولوا حتّى على منزل علي سالم البيض في عدن. هل هناك من يريد أن يتذكّر ذلك وأن الرغبة في الانفصال لدى أهل الجنوب زادت بعد الانتصار على الانفصاليين!

ما الذي يريده الإخوان المسلمون في اليمن؟ الواضح أنّهم لا يريدون للحرب أن تنتهي. لذلك يخوضون حربا على كلّ من يسعى إلى إنهاء الحرب وتطويق “أنصار الله” وحصرهم في منطقة واحدة في انتظار أن يأتي وقت التسوية السياسية التي ستشمل الجميع، بما في ذلك “أنصار الله” والقوة الحزبية (المؤتمر الشعبي العام) التي يمثلها علي عبدالله صالح.. شرط أن يأخذ كل طرف حجمه الحقيقي وشرط انحسار النفوذ الإيراني الذي يرمز إلى أطماع تستهدف كلّ دولة من دول الخليج، على رأسها المملكة العربية السعودية.

ما هو ملفت حاليا أنّه حيث يوجد “التجمع اليمني للإصلاح” هناك جمود عسكري. من لديه شكّ في ذلك يمكن إحالته إلى جبهة نهم والمناطق القريبة من صنعاء.. أو إلى مدينة تعز والمناطق المحيطة بها.

ليس بالتهجّم على الإمارات يمكن للإخوان المسلمين الهرب من الأزمة التي أدخلوا اليمن فيها. لعبوا دورا أساسيا، بل الدور الأساسي في خطف ثورة الشباب في العام 2011 وتحويلها إلى ثورة الفرقة الأولى/مدرّع بقيادة علي محسن صالح على الألوية التي كانت موالية لعلي عبدالله صالح ونجله أحمد.

بكلام أوضح، نقلوا المعركة في اليمن إلى داخل أسوار صنعاء، فكانت تلك الضربة الحقيقية للوحدة اليمنية، كما كانت الفرصة التي استغلّها “أنصار الله” من أجل التمدد إلى خارج صعدة وعمران وطرد آل الأحمر منها والوصول إلى صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول-سبتمبر 2014 تمهيدا لبلوغ عدن.

ليس بنكران الجميل يمكن الردّ على ما قدّمته الإمارات لليمن. لم تكن مساعدة الإمارات منّة في يوم من الأيّام. لو كانت للإمارات أطماع في اليمن لما كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، سارع إلى مساعدة اليمن في ثمانينات القرن الماضي وصولا إلى إعادة بناء سدّ مأرب من ماله الخاص. وقد افتتح السدّ فعلا في أواخر العام 1986.

فعلت الإمارات كلّ ذلك من أجل اليمن واليمنيين. إذا كانت لها مصلحة فهذه المصلحة هي في استقرار اليمن، لا لشيء سوى لأنّه يخدم استقرار المنطقة كلّها بعيدا عن الحسابات الصغيرة والسمجة للإخوان المسلمين.

هؤلاء، بغض النظر عن الاسم الذي يحملونه في هذا البلد أو ذاك، لم يمتلكوا في يوم من الأيّام بعضا من شجاعة الإقدام على عملية نقد للذات تبدأ بالتساؤل لماذا تلك الرغبة في إلحاق كلّ هذا الخراب باليمن ولماذا كلّ هذا الحقد على من يريد الخير لليمن؟

المصدر : صحيفة العرب

GMT 07:49 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من بضاعة إيرانية جديدة؟

GMT 07:46 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب استنزاف في الجزائر

GMT 10:41 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

GMT 08:45 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان واليمن… ونكران الجميل الإخوان واليمن… ونكران الجميل



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني

GMT 11:59 2016 الجمعة ,12 شباط / فبراير

السالمية يستضيف اليرموك في الدوري الكويتي

GMT 15:24 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

لاعبة التنس الروسية إيلينا فيسنينا تنتظر مولودها الأول

GMT 05:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

صفقة تبادلية مرتقبة بين الفيصلي وشباب الأردن

GMT 16:10 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

الجيش يعرض 40 ألف دولار لفسخ عقد يونس حمال

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

بلاتر يواصل خوض "حرب الشرف" أمام إنفانتينو

GMT 17:16 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

"البايرن" يتوج بطلًا للشتاء بثنائية على "إنغلوشتات"

GMT 09:19 2024 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إشادة بأداء اللاعب إبراهيم دياز مع المنتخب المغربي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib