الرسالة واضحة… الهدف لبنان

الرسالة واضحة… الهدف لبنان

المغرب الرياضي  -

الرسالة واضحة… الهدف لبنان

بقلم : خيرالله خيرالله

ليس أوضح من الرسالة الموجهة عبر التفجير الذي استهدف المركز الرئيسي لـ“بنك لبنان والمهجر”. لبنان هو المستهدف. ماذا يبقى من لبنان في حال توجيه ضربة قاضية إلى النظام المصرفي فيه؟

إن دلّ الاعتداء على أحد أكبر مصرفين لبنانيين، وهو مصرف عربي- لبناني، على شيء، فهو يدل على كمية الحقد على لبنان واللبنانيين وعلى بيروت بالذات، بصفة كونها مدينة استثنائية على المتوسط كانت في الماضي القريب إحدى المنارات العربية التي تحلو الحياة فيها.

لا يمكن عزل التفجير، المعروف جيدا من يقف خلفه، عن كلّ المحاولات الهادفة إلى القضاء على لبنان وذلك منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وسلسلة الاغتيالات والتفجيرات التي تلته. لا يمكن عزل التفجير أيضا عن حرب صيف العام 2006 التي استهدفت تدمير البنية التحتية للبلد بالاستعانة بإسرائيل. ما لم تدمّره إسرائيل والجانب الذي افتعل الحرب معها في 2006، استكمل تدميره الاعتصام في وسط بيروت وصولا إلى غزوة العاصمة والجبل في السابع والثامن والتاسع من أيّارـ مايو 2008.

كان الرئيس سعد الحريري مباشرا في خطابه في مجمّع “البيال” وسط بيروت مساء السبت الماضي. تحمل زعيم “تيار المستقبل”، قبل كلّ شيء، مسؤولية كل المحاولات التي استهدفت لملمة الوضع اللبناني، حتى عندما كانت كرامته الشخصية على المحك. وشمل ذلك “كأس السم” التي تناولها عندما زار بشّار الأسد في دمشق وبات ليلته عنده وهو يعرف جيّدا أنّه شريك في جريمة اغتيال رفيق الحريري. كان كلام سعد الحريري والحشد الذي شهده “البيال” تأكيدا لضرورة تفادي الغرق في التفاهات من جهة، وعدم إضاعة اتجاه البوصلة بالبحث عن انتصارات وهمية من جهة أخرى.

ما لم يقله سعد الحريري هو أنّ لا شيء يحدث بالصدفة في لبنان، وأنّ الحملة التي تتعرّض لها المصارف حاليا جزء لا يتجزّأ من الحملة التي تستهدف البلد من أجل تحويله إلى مستعمرة إيرانية بكلّ ما لكلمة مستعمرة من معنى. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كانت واجهته في أثناء زيارته لطهران في العام 2010، عندما كان رئيسا لمجلس الوزراء، ثلاثة مطالب. دفع غاليا ثمن رفضه تلبية هذه المطالب الإيرانية الغريبة التي جاء بعده من يلبّي أولها، وهو إعفاء المواطنين الإيرانيين من تأشيرة الدخول إلى لبنان… أسوة بالمواطنين الأتراك!

أمّا المطلبان الآخران فكانا توقيع معاهدة دفاع مشترك، أي معاهدة عسكرية، بين لبنان وإيران، من دون أخذ في الاعتبار لعلاقات لبنان الدولية وانتمائه العربي، والسماح لإيران بدخول النظام المصرفي اللبناني. كان الهدف من المطلب الأخير وهو الأهمّ بين المطالب الثلاثة، تجاوز إيران للعقوبات المفروضة عليها من المجتمع الدولي، حتّى لو ألحق ذلك ضررا بلبنان.

ما زال قسم من هذه العقوبات المفروضة على إيران ساريا إلى الآن على الرغم من التوصل إلى اتفاق في شأن ملفّها النووي. هل يعتبر “حزب الله” الذي زادت العقوبات الدولية والعربية عليه بعد اكتشاف الدور الذي يلعبه على غير صعيد خارج الحدود اللبنانية، أنّ ظلما لحق به؟ هل يعتقد أنّ تخفيف العقوبات على إيران كان يجب أن يشمله أيضا بصفة كونه لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، وليس فقط ميليشيا مذهبية لبنانية تابعة كلّيا لإيران؟

ليس لبنان من يتحكم بالقرار الأميركي أو بالقرارات العربية التي جعلت من “حزب الله” حزبا “إرهابيا”. كلّ ما يستطيع لبنان عمله، وهذا واجب عليه، هو حماية نفسه، وحماية نظامه المصرفي في ضوء ممارسات “حزب الله”. ليست مهمة الدولة اللبنانية، ولا الحكومة اللبنانية، ولا “مصرف لبنان” أي المصرف المركزي، التضحية بالبلد إرضاء لـ“حزب الله” ولما تريده إيران.

استثمرت إيران منذ سنوات طويلة في “حزب الله”. استطاعت تغيير طبيعة المجتمع الشيعي في لبنان، علما أنّ هناك فئات شيعية واسعة ما زالت تقاوم رافضة ممارسات إيران وإملاءات “حزب الله”. أظهرت هذه الفئات الشيعية الرافضة لـ“ولاية الفقيه” مدى وعيها بخطورة ما ينفّذه “حزب الله” في البلد. فعلت ذلك عبر الانتخابات البلدية الأخيرة، خصوصا في بعلبك. تقف هذه الفئات في طليعة من يتصدّى لعملية التدمير الممنهجة للبنان. ترى هذه الفئات، بكل بساطة، أن مصلحتها تكمن في حماية لبنان ومؤسسات الدولة، وليس في التحوّل إلى أداة إيرانية تستخدم في عملية تفاوض مع “الشيطان الأكبر” أو “الشيطان الأصغر” يذهب ضحيتها اللبنانيون ولبنان.

لعلّ أهمّ ما كشفه الانفجار الذي استهدف “بنك لبنان والمهجر” أن لبنان آخر همّ لدى “حزب الله”؛ لبنان بالنسبة إلى الحزب ورقة إيرانية لا أكثر. ما دام نشر البؤس واليأس ينفع في إخضاع اللبنانيين، لا مانع لدى الحزب في ذلك. كل المطلوب هو استرضاء إيران ولو كلّف ذلك مقتل المئات من اللبنانيين في الحرب التي يشنها النظام العلوي على شعبه… وتهجير عشرات الآلاف من الشبان إلى حيث يوجد بلد يقبل بهم.

يُفترض في “حزب الله” إدراك بعض البديهيات. في مقدّمة هذه البديهيات أن “بنك لبنان والمهجر” هو نجاح لبناني وسوري وعربي في آن. هناك لبنانيون مساهمون فيه، وهناك عائلة سورية تلعب دورا كبيرا في إدارة المصرف وتوسيعه، وهناك مجموعات عربية تمتلك حصصا في المصرف. هذه المجموعات ليست معادية لإيران بالضرورة. الأهمّ من ذلك كلّه أنّه لا يوجد مصرف يحترم نفسه ويحترم زبائنه يخرق القوانين الدولية أو تلك التي تفرضها الولايات المتحدة. هل لدى أيّ مصرف عالمي أو لبناني أو عربي رغبة في إلحاق ضرر بالغ بنفسه من أجل أن يكون “حزب الله” راضيا عليه؟

كشف تفجير بيروت عمق الأزمة التي يعاني منها “حزب الله” ومن خلفه إيران التي تسعى إلى تدبّر أمورها بغض النظر عمّا يحل بالحزب. هذا هو بيت القصيد في نهاية المطاف. وهذا ما يطرح العودة إلى السؤال البسيط الذي يطرح نفسه منذ سنوات طويلة. هل لدى “حزب الله” هامش للمناورة، حتّى لو كان مجرّد هامش صغير، يسمح له بالقيام بعملية نقد ذاتي انطلاقا من أنّ لبنان لا يستطيع تعريض نظامه المصرفي للخطر، إلّا إذا كان يريد أن يلغي نفسه؟

يمكن لـ“حزب الله” إيذاء النظام المصرفي اللبناني، أي إيذاء لبنان، علما أن النظام المصرفي هو من الأشياء القليلة الباقية من لبنان. هذا ليس غريبا عليه وعلى ممارساته. يمكنه استهداف كلّ المصارف العاملة في لبنان. ما لا يستطيعه هو الانتصار على النظام المالي العالمي. هل لديه القدرة على استيعاب هذه المعادلة البسيطة… أم أن عملية تدمير لبنان، التي تشمل منع مجلس النوّاب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هدف بحد ذاته للحزب ولإيران؟

 

GMT 07:49 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من بضاعة إيرانية جديدة؟

GMT 07:46 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب استنزاف في الجزائر

GMT 10:41 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

GMT 08:45 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرسالة واضحة… الهدف لبنان الرسالة واضحة… الهدف لبنان



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 16:02 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

ثرثرة منتصف الليل

GMT 03:17 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عزيز العامري يقاطع الندوة الصحافية عقب الخسارة أمام "الوداد"

GMT 23:41 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة يبدأ في البحث عن مدير فني جديد بديلا لإنريكي

GMT 01:09 2015 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

بنعطية احتياطيًا ضمن التشكيلة النموذجية لإفريقيا في 2015

GMT 09:58 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

غيستاف يفوز بالدورة التاسعة للحاق الدولي للصحراء

GMT 18:02 2022 الإثنين ,31 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يتوصل إلى اتفاق للتعاقد مع مبابي

GMT 11:19 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

مباراة لاتسيو ضد روما أول ديربي في "الكالتيشيو"بدون جماهير
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib