بريق أمل في لبنان… ولكن

بريق أمل في لبنان… ولكن

المغرب الرياضي  -

بريق أمل في لبنان… ولكن

بقلم خيرالله خيرالله

أبعد من الانتخابات البلدية التي أعطت بريق أمل للبنانيين بأن دولتهم، أي الجمهورية اللبنانية، لم تَمُتْ بعد، وأن هناك بقية مؤسسات لا تزال تعمل، يبدو أكثر من ضروري التركيز على الخطر الحقيقي الذي يواجه البلد. يتمثّل هذا الخطر في السلاح غير الشرعي لدى ميليشيا مذهبية اسمها “حزب الله” ليست في واقـع الحال سوى لواء فـي “الحرس الثوري” الإيـراني. يستخدم هذا السلاح في عملية تتجـاوز الانتخابات البلدية هدفها إقامة نظـام جديد في البلد على أنقاض اتفاق الطائف الذي في أساسه مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

أن تجري الانتخابات البلدية في هذه الظروف بالذات دليل على وجود إرادة لدى الرئيس سعد الحريري في إعادة الحياة إلى الحياة السياسية في البلد. إنّه فعل مقاومة لمحاولة القضاء على لبنان. استطاع الوزير نهاد المشنوق ترجمة هذه الإرادة وفعل المقاومة هذا إلى واقع، وذلك بعدما نجحت وزارة الداخلية في إجراء الانتخابات البلدية بالطريقة التي جرت بها في ثلاث محافظات حتّى الآن.

أثبت المواطن اللبناني، على الرغم من كلّ الظروف الصعبة التي يمرّ فيها وعلى الرغم من الانعكاسات السلبية الناجمة عن تدفق اللاجئين السوريين، أنه يتوق إلى ذلك اليوم الذي يعيش فيه في وطن طبيعي تعمل فيه مؤسسات الدولة بشكل منتظم.

من هذا المنطلق، يبدو تحدي ما بعد الانتخابات البلدية إجراء الانتخابات الرئاسية وليست انتخابات نيابية لا هدف منها سوى قطع الطريق على الإتيان برئيس جديد للجمهورية.

بعد أيّام قليلة، تكون مرّت سنتان على الفراغ الرئاسي. غادر الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا في الخامس والعشرين من أيّار – مايو 2014، في اليوم الذي انتهت فيه ولايته. دفع غاليا ثمن مواقف اتخذها في السنوات الأخيرة من عهده، خصوصا إصراره على “إعلان بعبدا” الذي وافق عليه “حزب الله”، ثم تراجع عن هذه الموافقة. تراجع الحزب بعدما اكتشف أن ما ورد في هذه الإعلان يشكّل أفضل حماية للبنان واللبنانيين ولمستقبل أولادهم.

كشف تراجع “حزب الله” عن موافقته على “إعلان بعبدا” أنّ حماية لبنان واللبنانيين آخـر ما يهمّه. ارتكب أكـبر خطيئة في تاريخ لبنان الحديث عندما أرسل عناصر لقتال الشعب السوري في سوريا. لم يكن هذا الفعل جريمة في حقّ سوريا والسوريين فحسب، بل كان أيضا جريمة في حقّ لبنان، وذلك بإزالته الحدود بين بلديْن مستقلّيْن، متجاوزا الدولة اللبنانية وسيادتها.

لم يكن تصرّف الحزب في سوريا مستغربا على الرغم من فظاعة ما فعله. من يرفض تسليم المتهمين باغتيال رفيق الحريري، على رأسهم “القديس” مصطفى بدرالدين، إلى المحكمة الدولية يبدو مستعدا لعمل كل شيء، بما في ذلك ضرب الحائط بالحدود المعترف بها دوليا للجمهورية اللبنانية، التي كانت في الماضي جمهورية سعيدة.

كشفت الانتخابات البلدية أنّ لبنان مازال يقاوم، وأن اللبنانيين لم يضيعوا البوصلة. من أهمّ ما شهدته هذه الانتخابات ذهاب وزير الداخلية إلى عرسال في يوم الاقتراع لتأكيد أن عرسال جزء عزيز من لبنان، وأنّ أهلها لبنانيون أصيلون يدافعون عن لبنان ويقفون مع طموحات الشعب السوري، هذا الشعب المظلوم الذي يوجد من يريد تصويره بأنّه “عصابات تكفيرية”. أكثر من ذلك، أكّد نهاد المشنوق، في كل مناسبة، أن الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية.

من حسن الحظ أنّ هناك من يعرف ماذا يحاك للبنان. لذلك، يبدو مفيدا البناء على الانتخابات البلدية، على أن تكون الخطوة المقبلة انتخاب رئيس للجمهورية يُجري المشاورات اللازمة التي تفضي إلى تشكيل حكومة جديدة تجري انتخابات نيابية.

هناك بكل بساطة محاولة لإفراغ الانتخابات البلدية من أي مضمون، وكي تكون هذه الانتخابات مجرد عملية تنفيس مؤقتة للاحتقان الشعبي، بدل أن تكون منطلقا لمرحلة جديدة في البلد.

لعل أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف منع مجلس النوّاب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية بحجة أن المطلوب التخلّص من اتفاق الطائف. هذا ما يسعى إليه “حزب الله” بكل بساطة. لم يعترض الحزب على الانتخابات البلدية، ولن يعترض على الانتخابات النيابة. اعتراضه على الانتخابات الرئاسية أولا وأخيرا. إنّه يحاول ذر الرماد في عيون المسيحيين عن طريق تصوير أن اتفاق الطائف أخذ من صلاحيات رئيس الجمهورية، وأن أي اتفاق جديد مكان الطائف يجب أن يعيد إلى رئيس الجمهورية بعض الصلاحيات التي فقدها لمصلحة “مجلس الوزراء مجتمعا”.

يفترض في اللبنانيين تفادي السقوط في هذا الفخّ، الذي هو فخّ إيراني، ذلك أن الهدف منه تكريس مفعول الثلث المعطّل على كل المستويات بدءا بوجود نائب لرئيس الجمهورية يمتلك صلاحيات محدّدة وواضحة.

لا يمكن إلا الترحيب بالانتخابات البلدية، خصوصا أنّها كشفت وجود حراك مدني شيعي في وجه ثقافة الموت التي يسعى “حزب الله” إلى تعميمها لبنانيا. المهمّ الآن الاستثمار في هذه الانتخابات وتفادي إضاعة المكاسب التي تحقّقت على الصعيد الوطني.

هناك بلد يستحقّ الحياة اسمه لبنان. لو لم يكن هذا البلد يستحق فعلا الحياة، لما كان في الإمكان إجراء انتخابات بلدية فيه في السنة 2016، ولما كان ذلك ممكنا في وقت يسعى فيه “حزب الله”، ومن خلفه إيران، إلى استعداء الشعب السوري عليه.

في كل يوم، يكشف اللبنانيون أنّهم شعب مقاوم بالفعل، وأن شعار “المقاومة” الذي يرفعه “حزب الله” لا ينطلي عليهم. المقاومة الحقيقية هي تلك التي تعيد ربط لبنان بثقافة الحياة. المقاومة الحقيقية هي التي تعيد العرب إلى لبنان. المقاومة الحقيقية هي التي تحمي المصارف اللبنانية التي لا تزال من الأعمدة التي يقوم عليها لبنان، وذلك في وقت يبذل “حزب الله” كل ما يستطيع لتعريض هذه المصارف لمخاطر حقيقية.

مرّت قبل أيّام الذكرى المئوية على اتفاق سايكس ـ بيكو. تمرّ هذه الذكرى فيما هناك إعادة رسم لحدود دول المنطقة. ماذا سيبقى من العراق، ماذا سيبقى من سوريا؟ لا أجوبة واضحة على مثل هذا النوع من الأسئلة. الأكيد أنّ لبنان معرّض لأخطار، لكنّ ما تبيّن أن صيغته التي يقول عنها بشار الأسد إنها “هشة” أقوى بكثير من صيغة العراق وسوريا. وهذا ما أثبتته الأحداث بشكل قاطع من دون أن يعني ذلك تجاهل المخاطر المحدقة بالبلد.

تبقى أي انتخابات في مصلحة الصيغة اللبنانية، ويبقى النجاح في حماية هذه الصيغة متوقّفا على انتخاب رئيس للجمهورية. هل يعي المسيحيون، قبل المسلمين أن مصلحتهم في ذلك، أم يضيّعون مرّة أخرى فرصة البناء على الانتخابات البلدية والاستثمار فيها بدل أن يكونوا ضحية لعبة كبيرة لا يستطيعون التحكّم بها بأيّ شكل من الأشكال؟

GMT 07:49 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من بضاعة إيرانية جديدة؟

GMT 07:46 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب استنزاف في الجزائر

GMT 10:41 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

GMT 08:45 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أميركا تغيّرت… إيران لم تتغيّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريق أمل في لبنان… ولكن بريق أمل في لبنان… ولكن



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib