عن الأزمة بين القاهرة والرباط

عن الأزمة بين القاهرة والرباط

المغرب الرياضي  -

عن الأزمة بين القاهرة والرباط

خيرالله خيرالله

لدى مصر مصلحة في الاستفادة من التجربة المغربية في كل الحقول. هناك نجاح مغربي في الحرب على الإرهاب، ونجاح مغربي في كل ما من شأنه ضمان الحريات ومشاركة المواطن في العمل السياسي.

الأمل كبير في تجاوز الأزمة بين القاهرة والرباط، وهي أزمة ناجمة عن تصرّف غير مسؤول لا علاقة له بالواقع صدر عن بعض الأوساط المصرية.

يفترض أن يكون هناك في القاهرة من يدرك أنه لا يمكن التصدي للإرهاب والتهاون معه أو التملق له في الوقت ذاته. بكلام أوضح مرتبط مباشرة بأسباب الأزمة التي يؤمل أن تكون عابرة، ليس طبيعيا أن يزور وفد مصري مخيمات جبهة “بوليساريو” التي أقامتها الجزائر داخل أراضيها، وذلك من أجل المتاجرة بالصحراويين ومتابعة حربها على المغرب استنادا إلى حجج واهية.

نعم، يُفترض أن يكون في القاهرة من يعرف البديهيات. من البديهيات، أن “بوليساريو” ليست سوى أداة جزائرية تستخدم في شن حرب استنزاف على المغرب. هل أساء المغرب في شيء إلى مصر كي يزور وفد مصري تندوف، ويشجّع على الإساءة إلى المغرب؟

لا بد أن يكون هناك إدراك لدى من يعنيهم الأمر في مصر لواقع يتمثّل في أن تندوف أرض جزائرية خصصت لتكون قاعدة انطلاق لحملات من كل نوع على المغرب الذي استعاد في 1975، بعد جلاء الاستعمار الأسباني عن الصحراء، قسما من أراضيه الواقعة داخل الحدود التاريخية للمملكة. ماذا ينفع مصر، في هذه الحال، من أن تتخذ عبر الوفد الذي توجّه إلى تندوف، موقفا من نزاع مفتعل أصلا؟

ليست تندوف سوى سجن كبير يقيم فيه صحراويون باتوا رهائن لدى “بوليساريو”، والنظام الجزائري العاجز عن التخلص من عقدة المغرب. هؤلاء أسرى فكر تجاوزه الزمن لا علاقة له، من قريب أو من بعيد، بتطور الوضع في الصحراء حيث يعيش المواطنون حياة طبيعية مثلهم مثل أي مواطن مغربي.

فوق ذلك كلّه، ثمة جهل لدى بعض الأوساط المصرية في مدى حساسية المغرب، كلّ المغرب من دون أي استثناء، لقضية الصحراء التي هي قضية وطنية بامتياز في المملكة. يمكن للمواطنين المغاربة أن يختلفوا على أمور كثيرة، لكن هناك إجماعا على مغربية الصحراء بصفة كونها جزءا لا يتجزّأ من التراب الوطني.

يشبه تشجيع التدخل الجزائري في موضوع الصحراء المغربية تشجيع التدخل في سيناء كي لا تعود أرضا مصرية. هل هذا مقبول بأيّ شكل في القاهرة، ولدى المواطنين المصريين بشكل عام؟

معروف أنّه سبق للرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي أن زار الجزائر. يمكن فهم أسباب هذه الزيارة في ضوء التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا التي تحوّلت إلى قاعدة للإرهاب.

لدى ليبيا حدود طويلة مع مصر، كما لديها حدود مع الجزائر. البلدان يعانيان من الإرهاب الآتي من ليبيا، علما أنّ على مصر أن تعرف جيدا أنّ الجدية الجزائرية في الحرب على الإرهاب تتوقّف عند الحدود الجزائرية.

في الجزائر، هناك تمييز بين الإرهابي الذي يجب قتله على الفور من جهة، والإرهابي “الطيّب” الذي يتحرك في دول الجوار من جهة أخرى. هناك سياسة جزائرية تقليدية تقوم على التغاضي عن كل إرهاب، ما دام هذا الإرهاب يخلق حالا من الفوضى خارج الجزائر، خصوصا إذا كان الأمر متعلّقا بدول مثل المغرب أو تونس وحتّى ليبيا. لم تستفق الجزائر على الخطر الآتي من ليبيا إلا أخيرا، وذلك بعد تسلل عناصر منها إلى داخل أراضيها.

ليس مقبولا أن لا تكون مصر على علم بخبايا السياسة الجزائرية تجاه الإرهاب. هذه السياسة التي تتغاضى عن الدور الذي تلعبه “بوليساريو”، وغير “بوليساريو”، في مجال تهريب الأسلحة في منطقة الشريط الصحراوي الممتد من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي. هذا الشريط الذي يمرّ بمالي وجنوب ليبيا هو حاليا من أخطر المناطق في أفريقيا، بل في العالم، وهذا ما نبّه إليه غير مسؤول فرنسي حديثا.

إلى الآن، ترفض الجزائر تنسيق الجهود بين دول المنطقة من أجل شن حرب ناجحة على الإرهاب. لا يزال همها الأول والأخير كيفية الإساءة إلى المغرب، بدل التنبه إلى أن السياسة التي تتبعها سترتد عليها عاجلا أم آجلا، تماما كما حصل في الماضي القريب.

في كلّ الأحوال، ليس لدى مصر أية مصلحة في الانضمام إلى الحرب الدعائية التي تستهدف المغرب انطلاقا من الجزائر. على العكس من ذلك، لدى مصر مصلحة في الاستفادة من التجربة المغربية في كلّ الحقول. هناك نجاح مغربي في الحرب على الإرهاب، وهناك نجاح مغربي في كلّ ما من شأنه ضمان الحريات ومشاركة المواطن في العمل السياسي عبر دستور جديد متطوّر وانتخابات شفافة.

بكلام واضح، يبدو مطلوبا، أكثر من أي وقت، إطلاع مصر على دقائق التجربة المغربية والسعي إلى نقلها إلى أراضيها من دون عقد. هذا لا يعني بالطبع أنه ممنوع على مصر أن تكون على علاقة طيبة مع الجزائر، لكنّ الممنوع هو السقوط في فخاخ، تبدو مصر في غنى عن السقوط فيها.

الأمل كبير في أن يكون الخطأ الكبير الذي ارتكبه الوفد المصري الذي ذهب إلى تندوف الجزائرية وحسب نفسه في مكان آخر، خطأ عابرا. كذلك، الأمل كبير في أن يكون هذا الخطأ مجرّد تعبير عن جهل لدى بعض المصريين بما يدور في منطقة شمال أفريقيا لا أكثر.

هناك حاجة مصرية إلى المغرب، خصوصا إلى تجربته في مجال تطوير مؤسسات الحكم والحياة السياسية من جهة، وتحريك عجلة التنمية من جهة أخرى. آخر ما تحتاج إليه مصر هو سياسة الإقصاء المتّبعة في الجزائر. هذه السياسة لم تؤد سوى إلى انتخاب رئيس مريض، اسمه عبد العزيز بوتفليقة، ليكون على رأس بلد مريض اسمه الجزائر.

هل تريد مصر نقل تجربة رجل المنطقة المريض إلى أراضيها؟ الخيار واضح. إنّه بين العمل من أجل شفاء مصر مما أصابها، وبين السعي إلى الإقتداء بتجربة لم تأت على الجزائر سوى بالكوارث المتتالية.

في النهاية، ما الذي يريده عبد الفتّاح السيسي؟ هل يريد تأكيد أن ما حدث في الثلاثين من يونيو 2013، حين نزل ملايين المصريين إلى الشارع لاقتلاع الإخوان المسلمين ورميهم في مزبلة التاريخ، ثورة حقيقية؟ أم يريد إثبات أن كل ما في الأمر أن العسكر انقلبوا على الإخوان بعدما حصر هؤلاء السلطة كلّها بهم؟

الأكيد أن تحوّل مصر إلى دمية جزائرية، هو الطريق الأقصر لخدمة ما يدّعيه الإخوان، ومن يدعم الإخوان في تركيا وغير تركيا، عن أن ما حصل في مصر لم يكن سوى انقلاب عسكري.

من يستعرض صمود مصر وتصدّيها للإخوان، يرى أن هناك أملا في إصلاح الخطأ الذي حصل، خصوصا أن أي تأخير في ذلك ستكون له انعكاسات على مجمل الوضع في هذا البلد العربي الذي يعوّل عليه الكثير من أجل استعادة التوازن المختلّ على الصعيد الإقليمي.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الأزمة بين القاهرة والرباط عن الأزمة بين القاهرة والرباط



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 02:47 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هزيمة ثقيلة تهز عرش نوفاك جوكوفيتش وتبعده عن ناصية حلمه

GMT 18:27 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

النسخة السادسة لرالي المسيرة الخضراء تشهد مشاركة 100 متسابق

GMT 01:30 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

جمهور ريال مدريد يُبدي رأيه حول بيع تشيريشيف

GMT 22:40 2016 الإثنين ,25 إبريل / نيسان

كوك وجاميرو يقودان إشبيلية للفوز على ريال بيتيس

GMT 22:00 2016 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

برشلونة يمر بأسوأ حقبة له منذ 2005

GMT 03:55 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نسعى لتقديم الأفضل ونتمنى من الجماهير دعمنا في البطولات

GMT 02:41 2015 الجمعة ,16 كانون الثاني / يناير

محمد علوي ينفي تأثر معنويات "الفدائي" من مباراة اليابان

GMT 13:27 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

قطر يهزم أوزبكستان في كأس آسيا للمنتخبات الأولمبية

GMT 00:05 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ماسكيرانو يقر بالتهرب من دفع ضرائب بقيمة 1.5 مليون يورو

GMT 15:10 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

فاخر يؤكد أن "التسجيل الصوتي" سبب التعادل أمام "طنجة"
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib