إيران النظام بين انتكاستين

إيران... النظام بين انتكاستين

المغرب الرياضي  -

إيران النظام بين انتكاستين

بقلم : مصطفى فحص

لن يخرج التيار المحافظ من انتكاسته السياسية والاجتماعية بسهولة، فقد تعرض لضربة قاسية من الممكن أن تتحول مستقبلا إلى قاضية، إذا أصرّ على التمسك بخطاب تجاوزته أغلبية الشارع الإيراني.

فقد كشفت الانتخابات الإيرانية الرئاسية والمحلية عن حالة العقم التي يعاني منها في تجديد خطابه، إضافة إلى الفشل في إنتاج شخصيات يمكن أن يعول عليها في الحفاظ على مواقعه داخل تركيبة السلطة. ويعود هذا الفشل إلى عاملين أساسيين: الأول اعتماده الكامل على شخصيات دينية راديكالية لا يختلف منطقها العقائدي دينيا واجتماعيا عن منطق «طالبان» الأفغانية، ومن الواضح أنها تعاني من انفصام في علاقتها مع التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع الإيراني. والثاني ازدياد نفوذ العسكر الذين باتوا الآن يستحوذون على أغلب السلطات ويتحكمون في مقدرات إيران، ويسخّرونها لصالح مشروعات سيطرة داخلية ونفوذ خارجي، الأمر الذي فاقم الأعباء المعيشية التي يعاني منها المواطن الإيراني.

فالعسكر الذي لم يعد قادرا على الدفاع عن عقائده وحماية امتيازاته إلا من خلال التهديد الذي يلوح به دائما عبر الباسدران والباسيج، تسبب في إعادة إحياء ذاكرة القمع الذي تعرض له أبناء الثورة الأوائل الذين واجهوا نظام الشاه وأجهزته، وكان الوقت لصالحهم فتمكنوا من إسقاطه.

ففي انتكاسة النظام لم يعد عامل الوقت لمصلحته، ورغم توفر الإمكانات التي قد تساعده على تخطي هزيمته، فإن الزمن الإيراني الجديد لن يسعفه حتى في التقاط أنفاسه، فأزماته ومآزقه التي تراكمت منذ سنوات نتيجة لسوء إدارته للملفات الداخلية والخارجية، أعقد من قدرته على تخطي تداعياتها التي وصلت إلى مستوى يستدعي الانتباه إلى مستقبله وحجمه في السلطة وتماسكه، حيث كشفت الانتخابات عن تباينات خطيرة في وجهات النظر داخل المعسكر المحافظ. فقد نأى قائد الحرس الثوري الجنرال جعفري بنفسه عن الانتخابات، أما رئيس مجلس الشورى علي لارجاني فقد نقل عنه تأييده لروحاني، فيما الحدث الأبرز ما نقلته وسائل إعلام إيرانية عشية الانتخابات من إقالة الشيخ علي أكبر ناطق نوري، مدير الرقابة والتفتيش التابع لمكتب المرشد، وذلك بعد إعلانه دعمه للرئيس روحاني.

الانتفاضة الانتخابية في الشارع الإيراني ليست بالضرورة عن قناعة كاملة بخيار روحاني، ولكنها الفرصة التي استغلها الناخب لكي يسدد ضربة موجعة للنظام، باعتبار أن التصويت ضد مرشحه فرصة لمعاقبته على سياساته، فالنظام الذي اعتبر انتخاب روحاني يؤخر خروج الإمام المهدي، اكتشف أن 60 في المائة (وهو الرقم الفعلي للنتائج) من الشعب الإيراني ممن صوتوا لروحاني غير مؤمنين بخياراته العقائدية. ورغم استخدام التيار المحافظ للغيبيات والمقدسات في دعم مرشحه القادم من إدارة مقام الإمام الرضا في مشهد، فإنه هزم أمام مرشح وعد الإيرانيين بالانفتاح على الغرب. فالواضح أن الإيرانيين يرغبون في التسوق من دبي، وفي الذهاب لتأدية مناسك الحج فقط، وليس في استغلال المناسك لأغراض سياسية. كما أن رغبة السفر إلى لبنان كسياح أكبر من الوصول إليه كمقاتلين، الأمر الذي يكشف عن أن النظام قد استهلك شعاراته كافة، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا جديا على صعوبات سيواجهها النظام في استحقاقات مقبلة أكثر تأثيرا على مستقبله من الانتخابات الرئاسية. كما أن الانتكاسة الانتخابية لم تكن رئاسية فقط، حيث خسر المحافظون مجالس البلديات في طهران وأصفهان وتبريز وشيراز ومشهد، وأغلبية المدن الإيرانية الكبرى، وهي نتائج لها تأثيرها على الانتخابات المقبلة لمجلس الشورى.

خارجياً، يتخوف النظام من أن يستغل حسن روحاني الانتكاسة الكبرى لمشروعات الحرس الثوري التوسعية لصالحه، بحيث تتحول لعبة النظام في الاستقواء بالخارج على الداخل، إلى استقواء روحاني بالداخل على مشروعات الخارج التي وصلت إلى الطريق المسدود، ورغم لغة التحدي التي استخدمها روحاني ردا على مقررات قمة الرياض التي حذرت إيران من عواقب استمرارها في زعزعة استقرار جيرانها، ودعمها لفصائل إرهابية، فإن روحاني الذي يعرف حدود قوة نظامه سيحاول استثمار فرصة تهديده، لكي يجبر أركانه على تقبل مواقفه الخارجية، باعتبارها الحل الأنسب من أجل تجنيب إيران سياسة العزل التي لوحت بها القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض، التي اشترطت على طهران تغيير سلوكها حتى تتجنب إجراءات عقابية ضدها. فروحاني الذي منع سابقا من التدخل في سياسات النظام الخارجية، سيستفيد حتما من انتكاستين تعرض لهما نظام الملالي: الأولى داخلية بعد هزيمته الانتخابية، والثانية خارجية حيث يزداد احتمال خسارته لنفوذه وتقليم أظافره عبر ضرب أدواته الخارجية، وهي اللحظة التي ستحول روحاني إلى مهندس التحولات الداخلية، وعودة إيران إلى حدودها الطبيعية

GMT 08:36 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

العراق وشروط الحياد الصعب

GMT 06:17 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

ليلة القبض على الحرس الثوري

GMT 09:27 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

«كايسيد» القوى الناعمة في مواجهة خطاب الكراهية

GMT 08:40 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

إيران ما بعد تقرير مولر

GMT 09:02 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

النجف ـ طهران... ورسائل المرجعية الواضحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران النظام بين انتكاستين إيران النظام بين انتكاستين



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 20:44 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

فوائد التوت للشفاء من الجروح

GMT 09:42 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جدول أهم مباريات الليلة

GMT 17:48 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

فيرمينو يتفوق على جريزمان في سباق الكرة الذهبية

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 21:21 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العائلة الودادية تحتفي بفريقها بعد التتويج باللقب

GMT 15:44 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

لجنة البرمجة تغضب جماهير الوداد بسبب مواعيد المباريات
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib