طهران وموسكو في امتحان التنف

طهران وموسكو في امتحان التنف

المغرب الرياضي  -

طهران وموسكو في امتحان التنف

بقلم : مصطفى فحص

على الرغم من التحذيرات الأميركية الجدية بتدخل عسكري أشد مما جرى يوم الجمعة الماضي، عندما قامت طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي بضرب قافلة عسكرية يعتقد أنها تضم ميليشيات إيرانية، وأخرى موالية للأسد حاولت الاقتراب من المثلث الحدودي الأردني - السوري - العراقي في منطقة التنف جنوب سوريا، وعلى الرغم أيضًا مما يشاع عن ضبابية في الموقف الروسي الأقرب إلى الحياد الحذر في هذه الأزمة، حيث تحاول موسكو تفادي أي توتر عسكري مع الدول الغربية لقناعتها بأن واشنطن ولندن لن تسمحا لأي طرف بتغيير قواعد الاشتباك على جانبي الحدود، تصر طهران على المضي قدماً في تنفيذ مخططها الجيو - سياسي من خلال فرض واقع أمر ميداني جديد بين العراق وسوريا، يؤمن لها التواصل البري بين طهران وبغداد وسوريا وبيروت لما بات يعرف بطريق الحرير الإيرانية، التي تؤمن لها الوصول إلى مياه المتوسط. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، فإن القيادة الإيرانية ليست بوارد التراجع عن معركة السيطرة على منطقة التنف السورية ضمن مخطط يهدف إلى بسط نفوذها على جانبي الحدود بين سوريا والعراق، وقد حققت الجزء الأول من هذه الخطة بعد أن تمكنت ميليشيات الحشد الشعبي من الوصول إلى هذا المعبر الحدودي من جهة العراق، حيث صرح أحد قادتها بأنهم على استعداد للاستمرار في مطاردة من وصفوهم بإرهابيي «داعش» على الجانب السوري من الحدود بالتنسيق مع قوات الأسد، فبعد سيطرة هذه الميليشيات على مناطق غرب الموصل، وصولاً إلى البعاج تصبح الجهة العراقية من الحدود مع سوريا كاملة تحت النفوذ الإيراني، وبذلك تضع طهران مثلث التنف بين فكي كماشتها.

عملياً لا يمكن لطهران التراجع عن واقعة التنف، فهي قضية حياة أو موت، لذلك فهي مضطرة إلى خوض واحدة من أكثر المعارك تأثيراً على مستقبلها الجيو - استراتيجي في منطقة شرق المتوسط، التي تتخذ طابعاً مصيرياً كونها ستحدد حصتها من الكعكة السورية التي باتت في مقاساتها الحالية ضيقة عليها بعد التدخل الروسي، لكنها تراهن على إمكانية التفاهم مع موسكو من أجل تأمين التواصل الدائم بين بغداد ودمشق، فهي التي أتقنت الاستفادة من تناقضات حلفائها وأعدائها، وتعول على الاستثمار في عدم الثقة الروسية بالغرب وبواشنطن تحديداً، فموسكو المربكة من حجم الاندفاعة الأميركية نحو المنطقة تتعرض لاختبار دولي وإقليمي في سوريا يطالبها بالتخلي عن إيران وتحجيم نفوذها، من أجل كسب ثقة المجتمع الدولي وضمان حصة لها في الحل السوري، مما يجعل طهران تطمئن مرحلياً إلى أن هذا الحل يصعب على موسكو تنفيذه سياسياً وميدانياً، كما أن نتائجه السياسية والاستراتيجية بنظر صقور القيادة الروسية يؤدي إلى الاستفراد الغربي بروسيا في سوريا ويحولها من قوة لها النفوذ الأقوى إلى حاجب أميركي على سوريا، كما تلعب طهران على مخاوف الكرملين من أن مصير سوريا الروسية لن يكون أفضل من مصير سوريا الإيرانية، خصوصاً بعد أن أيقنت موسكو أن الغرب الذي رفض التعامل مع نظام الأسد الإيراني حسم أمره في رفض هذا النظام حتى لو كان برعايتها. لذلك تراهن طهران على أن تستمر موسكو في تأمين غطاء جوي لها في المعارك التي تخوضها في سوريا ولو بشكل محدود في معارك جنوب سوريا، وليس من الضروري أن يشمل الغطاء حالياً معركة التنف في حال وقوعها، حيث مبررات الكرملين حاضرة باعتبار أن الطيران الأميركي أمن غطاءً جوياً للميليشيات الشيعية العراقية في المعركة ضد «داعش» في الموصل، وفي المقابل يحق لموسكو تأمين هذا الغطاء للميليشيات نفسها في حربها ضد «داعش» في سوريا.

ما بين قمة الرياض وامتحان التنف تزداد الضغوط على موسكو، فالإدارة الأميركية الجديدة مستمرة في فرض العقوبات عليها والتصدي لها في أوروبا، وأما اجتماع الرئيس بوتين بنظيره الفرنسي الجديد ماكرون فلم يحرز أي تقدم على كل الملفات العالقة بين البلدين، وفي مقدمتها سوريا وأوكرانيا، فيما ستتحول زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو إلى الفرصة الإقليمية الأخيرة التي تقدم إلى موسكو من أجل التعاون في سوريا على قاعدة الابتعاد عن إيران والالتزام بمقررات «جنيف1» الذي حاز دعم قمة الرياض، وهو المخرج الذي ستضمن من خلاله بعض المكاسب السياسية في المنطقة، إضافة إلى حوافز اقتصادية عبر مشاريع استثمارية مشتركة موسكو في أمس الحاجة إليها، بعدما عادت أسعار النفط إلى التراجع، وإلا عادت من سوريا بخفي حنين

GMT 08:36 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

العراق وشروط الحياد الصعب

GMT 06:17 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

ليلة القبض على الحرس الثوري

GMT 09:27 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

«كايسيد» القوى الناعمة في مواجهة خطاب الكراهية

GMT 08:40 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

إيران ما بعد تقرير مولر

GMT 09:02 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

النجف ـ طهران... ورسائل المرجعية الواضحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران وموسكو في امتحان التنف طهران وموسكو في امتحان التنف



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 20:44 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

فوائد التوت للشفاء من الجروح

GMT 09:42 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جدول أهم مباريات الليلة

GMT 17:48 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

فيرمينو يتفوق على جريزمان في سباق الكرة الذهبية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib