الرياض وأقلمة السياسة الدولية

الرياض وأقلمة السياسة الدولية

المغرب الرياضي  -

الرياض وأقلمة السياسة الدولية

مصطفى فحص

كثيرون في طهران وموسكو وعواصم أخرى، يرون أن الرياض تقف وراء التراجع الحاد في أسعار النفط، من أجل التأثير مباشرة على اقتصادات إيران وروسيا وإضعافهما، وإجبارهما على التراجع عن بعض مواقفهما السياسية في عدة قضايا إقليمية ودولية، في هذه المرحلة الانتقالية التي تشهدها المنطقة والعالم.
فقد اعتبر السيناتور الجمهوري جون ماكين، أن «الفضل يعود إلى المملكة العربية السعودية التي سمحت لسعر برميل النفط بالهبوط، وليس لسياسات الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه روسيا»، وفقا لمزاعمه، مطالبا إدارته بتقديم الشكر للرياض. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده في موسكو في 18 من الشهر الحالي، اكتفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقول «ربما الأمر كذلك، وربما لا»، في إجابته عن سؤال ما إذا كان تراجع أسعار النفط هو نتيجة توافق بين الرياض وواشنطن، يهدف إلى معاقبة طهران والتأثير على الاقتصاد الروسي.
مما لا شك فيه أن السياسة الانكفائية التي مارسها الرئيس الأميركي باراك أوباما، منذ وصوله إلى البيت الأبيض تجاه المنطقة، وتفريطه في الكثير من الثوابت التاريخية للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، وخصوصا تجاه حلفاء واشنطن التقليديين، أدى إلى تراجع تأثير واشنطن في المنطقة، مما شجع موسكو التي استفادت من طفرة أسعار النفط على التفكير في العودة إلى المياه الدافئة، لملء الفراغ الأميركي، إضافة إلى الترويج الغربي لثلاثة ثوابت سياسية ترسم مستقبل الشرق الأوسط، تقوم على الدور التركي والنفوذ الإيراني والأمن الإسرائيلي، في تغييب واضح ومقصود لمصالح الأغلبية العربية.
هذه العوامل إضافة إلى فوضى ما بعد الربيع العربي، مترافقة مع مشاريع الإسلام السياسي السني (تركيا والإخوان)، والطموحات الإيرانية التوسعية في الدول العربية عبر أدوات مذهبية، وصولا إلى انعدام فرص التسوية في القضية الفلسطينية، دفعت الرياض إلى الانتقال من السياسة الوقائية إلى الاندفاع في السياسة الخارجية، دفاعا عن مصالحها، وحماية المصالح العربية المشتركة، والتخلي عن الضوابط التاريخية التي حكمت توازنات المنطقة بعد أن قرر لاعبون دوليون وإقليميون الانقلاب عليها، إثر استشعارهم المبالغ فيه بالغلبة، وأوهام القدرة والنفوذ في أربع عواصم عربية، وتعطيل مجلس الأمن، فكان للرياض أدواتها وأسلوبها وإمكانياتها، من أجل رسم حدود المسموح لهذه العواصم بتخطيه، وفرض أجندتها ذات البعد الخليجي العربي على الجميع.
هذه الاندفاعة السعودية ساعدت في استقرار مصر، وأثمرت إعادة اللحمة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي وإنهاء الأزمة مع الدوحة، وتوجت أخيرا بمصالحة مصرية - قطرية، بينما ملامح تفاهم مصلحي سعودي - تركي (هدفه سوريا وتمسكهما برحيل الأسد) بدأت تظهر أكثر إلى العلن، مع الحديث عن دور قطري في رأب الصدع بين القاهرة وأنقرة.
يعتبر الأستاذ المحاضر في جامعة السوربون الوزير غسان سلامة، أننا في مرحلة «عولمة الاقتصاد وأقلمة السياسة»، وهذا ما يمكن إسقاطه فعليا على تحركات الرياض الخارجية، فقد أدى قرار عملاق الطاقة، عدم خفض إنتاجه من الخام حتى لو لامس سعره 30 دولارا للبرميل الواحد، إلى تهديد مصالح عواصم عالمية وإقليمية، و«فرملة» اندفاعاتها الخارجية، والالتفات إلى أولوياتها الداخلية، وخصوصا الاقتصادية، مما سوف يضعف تأثيرها في ملفات كثيرة، تكلفتها عالية، بينما الرياض المرتاحة اقتصاديا، بدأت باحتواء غياب التأثير الدولي على إحداث المنطقة لصالح سياساتها الإقليمية، وملء الفراغ الناتج عن غياب واشنطن، والضغط من أجل تأجيل التسويات الكبرى، حتى رحيل باراك أوباما عن البيت الأبيض، والدفع لتشكيل رؤية إقليمية عربية مشتركة، تحدد مستقبل سوريا واستقرار العراق واليمن، والتعامل مع ملف إيران النووي، حيث يصح القول: أهل مكة أدرى بشعابها.

"الشرق الأوسط"

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياض وأقلمة السياسة الدولية الرياض وأقلمة السياسة الدولية



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 09:27 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

7 آلاف تذكرة لجماهير أدوانا ستارز ضد الرجاء

GMT 19:01 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق "المغرب الفاسي" ينهي مبارياته الودية بانتصارين

GMT 00:24 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

أولمبيك خريبكة يواجه الكوكب المراكشي وديًا السبت

GMT 03:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جمهور الرجاء البيضاوي يرفض عودة محمد بودريقة

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 22:22 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير "يونايتد" تحيي ذكرى وفاة لاعبها جورج بست

GMT 23:41 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يعقد جمعيته العمومية في 10 دقائق فقط

GMT 19:35 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شاهيناز تكشف تفاصيل ألبومها الجديد في "الليلة عندك" على 9090

GMT 22:11 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

ترامب يلتقي مرشحا مسلما لخلافة ماي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib