ضريبة “الاختيار”

ضريبة “الاختيار”!

المغرب الرياضي  -

ضريبة “الاختيار”

بقلم : جمال بودومة

وصلني عتابان أنيقان، تعليقا على عمود الأسبوع الماضي، المخصص لمعرض الكتاب في الدار البيضاء. الأول من طرف الصديق حسن الوزاني، مدير الكتاب في وزارة الثقافة، الذي هاتفني ليسجل أنني بالغت عندما تحدثت عن كتب تدعو إلى التكفير وتمجد العنف وتحض على الكراهية بين أروقة المعرض، منوها أن الوزارة حسمت من سنوات مع  المؤلفات “المشبوهة”، مثل  “كفاحي” و”بروتوكولات حكماء صهيون”، كما أن الدول الخليجية لم تعد تنصب خياما داخل المعرض، توزع فيها الكتب بالمجان على “بوزبال”، وتساءل باستنكار: ما عدا لو كنت تريدنا أن نمنع “صحيح البخاري”؟ وذلك سيكون ضربا من “التطرف المعكوس”!

وضحت طبعا للصديق حسن ألا أحد يطالب أصلا بمنع الكتب. لكن المعرض ليس سوقا مفتوحة للبيع والشراء، بل تظاهرة فكرية تنظمها وزارة الثقافة، ويفترض أن تضع شروطا ومقاييس للمؤلفات الجديرة بالعرض، وعلى رأسها ألا تحمل بين سطورها أفكارا تمجد العنف والكراهية والعنصرية، وألا تكون نسخا مزورة وناقصة، كما هو حال عدد من الكتب التي تطبع في مصر وتركيا، وتباع في السوق السوداء بثمن بخس، لتغرق أكشاك الجرائد التي تنافس المكتبات، ويتسلل بعضها إلى أروقة المعرض، في غفلة عن الجميع!

لا أحد يطالب بمنع البخاري ومسلم، وغيرها من الكتب الدينية والتراثية، التي لا تشكل خطرا على عقول الناشئة. لكن ثمة كتبا أخرى يجدر عدم عرضها، مثل مؤلفات ابن تيمية وسيد قطب ومحمد عبدالسلام فرج وسيد إمام… وسواهم من التكفيريين الذين يلعبون بعقول الشباب ويستدرجونهم  إلى جبهات القتال في العراق وسوريا، باسم “الفريضة الغائبة”. لا أشك في الجهد الذي يبذله المشرفون للرقي بالتظاهرة السنوية، وفي مقدمتهم الشاعر حسن الوزاني، لكن الظرف دقيق جدا، وبعض المؤلفات تشبه قنابل موقوتة، لا ينبغي التساهل معها أبدا، وإلا دفعنا الثمن غاليا. الإرهاب ليس فكرة للنقاش، بل تفجيرات انتحارية، ودولة في العراق والشام، وعصابات تقتل في كل أنحاء العالم، وكتب ترسم خرائط الدم!

العتاب الثاني، وصلني من الأستاذة مليكة العاصمي، تعليقا على ما كتبته حول تراجع الحياة الثقافية في المغرب، مقارنة مع العقود الماضية، خصوصا إبان ما كان يُعرف بـ”سنوات الجمر”. الشاعرة المراكشية لم تستسغ أن أذكر بعض المجلات التي كانت تُنشّط الحياة الثقافية في تلك السنوات البعيدة، دون الإشارة إلى الصحيفة التي كانت تصدرها في السبعينات، أيام كان النشر مغامرة خطيرة، لا يقدم عليها إلا من يملك جرأة “الاختيار”، وهو الاسم الذي كانت تحمله صحيفة مليكة العاصمي، التي أطلقتها رفقة عدد من الكتاب والمبدعين المنتمين أو المقربين من حزب علال الفاسي، أيام كانت السياسة في المغرب نسرا يطير بجناحين: “القوات الشعبية” و”الاستقلال”.

ولا يسعني إلا أن أشكر العاصمي على رسالتها التي تنبه إلى تقصير الإعلام في الاعتراف بما قدمته المرأة المغربية في كل المجالات، رغم أنني تحدثت فقط، عن المجلات التي صدرت في الستينات، من طرف اللعبي والنيسابوري وخير الدين، و”الاختيار” صدر عددها الأول في يونيو 1973. لكنني أتفهم عتاب الشاعرة، التي كانت في طليعة النساء اللواتي نافسن الرجل في معترك السياسة والأدب، ومنحن شيئا من الأنوثة لعالم مليء بالخشونة والزغب، إلى جانب مبدعات ومناضلات من طينة نادرة، مثل ثريا السقاط وخناثة بنونة وفاطمة المرنيسي وليلى أبو زيد… نساء من ذهب، اخترن طريقا صعبا، أيام كان “الاختيار” يكلف غاليا. الإبداع الذي يمنح الشهرة كان يقود إلى المعتقل، والسياسة التي تحمل اليوم إلى الكراسي، كانت تفرق المناضلين على السجون والمنافي أو تمنحهم مصيرا مجهولا. أفكر، أيضا، في سعيدة المنبهي، التي كانت تكتب الشعر، وفاطنة البيه، صاحبة “حديث العتمة”، ولا أشك لحظة في أن المستقبل المغربي معركة بالتاء المربوطة، لا يمكن أن نربحها إلا اذا أعطينا للمرأة مكانتها التي تستحق.

المصدر : جريدة اليوم 24

GMT 09:55 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأمكنة أيضا تموت!

GMT 09:52 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الأمكنة أيضا تموت!

GMT 08:38 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

كلمات لن استعملها ولو تحت التعذيب!

GMT 06:51 2019 السبت ,13 إبريل / نيسان

«المعربون» في الأرض!

GMT 09:35 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

مثل «حلم ليلة صيف»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضريبة “الاختيار” ضريبة “الاختيار”



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني

GMT 11:59 2016 الجمعة ,12 شباط / فبراير

السالمية يستضيف اليرموك في الدوري الكويتي

GMT 15:24 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

لاعبة التنس الروسية إيلينا فيسنينا تنتظر مولودها الأول

GMT 05:10 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

صفقة تبادلية مرتقبة بين الفيصلي وشباب الأردن

GMT 16:10 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

الجيش يعرض 40 ألف دولار لفسخ عقد يونس حمال

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

بلاتر يواصل خوض "حرب الشرف" أمام إنفانتينو

GMT 17:16 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

"البايرن" يتوج بطلًا للشتاء بثنائية على "إنغلوشتات"

GMT 09:19 2024 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إشادة بأداء اللاعب إبراهيم دياز مع المنتخب المغربي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib