سرياليات مغربية

سرياليات مغربية!

المغرب الرياضي  -

سرياليات مغربية

عبد الله الدامون

المغرب أجمل بلد في العالم، ليس فقط بسبب الطبيعة التي دمرت نصفـَها القمامة ُوالأكياسُ البلاستيكية، وليس فقط بسبب الوديان والأنهار التي إما جفت أو طمرتها الأوحال واختلطت بـ»الوادي الحار»، بل هو أجمل بلد في العالم بسبب أشياء كثيرة تصعب على الحصر.
لو أننا قمنا، في كل يوم أو في كل أسبوع، بتعداد كثير من الأشياء التي تحدث في المغرب لوصلنا إلى اقتناع راسخ بأن بلادنا ليست فقط أجمل بلد في العالم، بل هي أكثر بلدان العالم سوريالية.. السوريالية تماما كما كان يرسمها الفنان الإسباني الشهير سلفادور دالي، حين يرسم وجها إنسانيا فيضع الأنف فوق الشعر والأذن تحت الذقن والأسنان داخل الأنف واللحية خلف الرأس والعين فوق الحاجب ويجعل الجبهة منفصلة في مكان مستقل… كان دالي يرسم لوحاته بهذه الطريقة فتعتبر لوحاته أجمل اللوحات في العالم، رغم سورياليتها، لذلك من الطبيعي أن يكون المغرب أجمل بلد في العلم رغم سورياليته.
لن نعود عقودا أو سنوات إلى الوراء لكي نأتي بدلائل على السوريالية المغربية، بل يكفي أن نجلس كل يوم ونعدد ما جرى في البلاد من الصباح إلى المساء، فنجد أن سالفادور دالي كان محظوظا لأنه لم يزر المغرب يوما، وإلا لكان أصيب بسكتة دماغية وهو يرى سياسيينا يتفوقون عليه بكثير في مجال السوريالية.
ها نحن رأينا كيف نزل الأمن بكامل عتاده وعدته لكي يضرب بضع عشرات من المغاربة وقفوا قبالة البرلمان بالرباط لكي يتظاهروا بشكل سلمي على مقتل عشرات الحجاج المغاربة في مكة. من الممكن للمغاربة أن يحتجوا على مقتل الفلسطينيين والعراقيين والسوريين، لكن لا يمكنهم الاحتجاج على مقتل مغاربة! ومن حق المغاربة أن يتظاهروا دعما لمغربية الصحراء وللأرض المغربية، لكن لا يمكنهم التظاهر لمساندة ودعم الإنسان المغربي! هذه سوريالية لو علم بها دالي لنهض من قبره مفزوعا.

وفي حالة سوريالية أخرى، أعلنت السلطات قبل يومين عن لائحة تضم قرابة الثلاثين مرشحا لمجلس المستشارين التحقيق معهم بتهمة استعمال المال من أجل الوصول إلى الغرفة الثانية، التي لا يعرف أي مغربي لماذا هي موجودة أصلا.. هل تمارس السلطات «السماوي» على المغاربة وتحاول إقناعهم بأن هذه اللائحة حصرية للمتهمين باستعمال المال في الانتخابات البرلمانية؟ هل تعتقد السلطات أن المغاربة أطفال رضع لا يفهمون واقعهم؟ وهل تظن السلطات أن هذا الشعب قد أتى للتو من كوكب زحل وسكن المغرب وأنه لايزال في طور اكتشاف ما يجري في هذه البلاد؟.. المغاربة كلهم يعرفون أنه لو تم وضع لوائح لمستعملي المال في الانتخابات لبقي هذا البرلمان يشبه الآثار الفينيقية القديمة، ولما بقي فيه سوى بضعة أشخاص.. وكثير من العناكب في السقف.

لن نتحدث عما جرى السنة الماضية أو الشهر الفارط أو الأسبوع المنقضي، بل نتحدث فقط عما جرى خلال الأيام الثلاثة الماضية لنكتشف أن هذه البلاد غرقت تماما في سوريالية لن تخرج منها قريبا؛ فقبل يومين فقط اشتعلت النار في المقر الرئيسي لأكبر مقاولة عقارية في البلاد، واسمها «الضحى». هل يعقل أن مقاولة تجني أموال قارون في كل دقيقة وثانية لم تستطع أن توفر مكانا محصنا ضد الحريق في مقرها الرئيسي، مع أن وثائقها تعتبر حساسة إلى درجة كبيرة؟ وهل يعقل أن هذه المقاولة الرهيبة عجزت عن شراء تجهيزات مكافحة للنيران ببضعة ملايين لحماية وثائقها مع أنها تغرف المال يمنة ويسرة وكأنها أدركت نهر العسل في الجنة قبل القيامة؟

وقبل يومين، تم القبض على خمسة عناصر من القوات المساعدة بتهمة تكوين عصابة إجرامية متخصصة في سرقة الأسلاك النحاسية في الأوراش التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط. لكن، كيف يعقل أن وزارة الداخلية قررت وضع رواتب لعمداء المدن بخمسة ملايين سنتيم شهريا، ورواتب لرؤساء الجهات بسبعة ملايين شهريا، وذلك حتى يكفوا أيديهم عن المال العام، وتركت المخازنية، برواتب وفية لبؤسها وجمودها، يعمهون ويسرقون الأسلاك النحاسية؟

سوريالية المغرب لا تقتصر على الأحياء وما يحيط بهم، بل وصلت إلى الأموات. وقبل بضعة أيام، صدر تقرير عن قسم التحقيقات في «الإيكونوميست» يقول إن الرداءة تسللت من بين الأحياء لكي ترقد جنبا إلى جنب مع الأموات في قبورهم، هكذا حقق المغرب مراتب سيئة في خدمة الأحياء والأموات معا، فالمريض المغربي يسير نحو الموت في ظروف غير مناسبة، أي أنه يموت مذلولا، سواء في المستشفى أو بين أهله. الأموات المغاربة يعتبرون سيئي الحظ جدا، لكن المشكلة أنه لا يمكنهم الهجرة أو الحصول على جنسية أخرى.
هذه مجرد حفنة من السورياليات لبضعة أيام، فماذا لو أننا عددنا حجم سورياليات المغرب لشهور أو لسنوات؟ أكيد أن البحر لن يكفينا مدادا لحصرها.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سرياليات مغربية سرياليات مغربية



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 11:17 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يؤكد عدم تخليه عن حمدي في محنته خلال حفل الرواد

GMT 22:56 2017 الإثنين ,28 آب / أغسطس

البزغودي لاعب الجيش يخضع لفحوصات طبية

GMT 15:33 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أولاس يشيد بفريقه قبل مواجهة شاختار دونيتسك الأوكراني

GMT 10:19 2022 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

وليد الركراكي يرُد على منتقديه بسبب عبد الرزاق حمدالله

GMT 05:44 2022 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد النني يُهدي الشيخ مشاري راشد العفاسي قميص أرسنال

GMT 22:45 2022 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبات غولف «أرامكو» في مواجهة الإعلام بجدة

GMT 08:27 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحدى مانشستر سيتي اليوم في الدوري الإنكليزي

GMT 21:10 2022 الأحد ,22 أيار / مايو

كريم بنزيمة يثير الجدل بعد قرار مبابي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib