الحلواني

الحلواني!

المغرب الرياضي  -

الحلواني

بقلم : رشيد مشقاقة

لمّا توفي الأديب “برنارد شو”، أُطفئت الأنوار في نيويورك لخمس دقائق، وأغلقت المدارس في الهند ليوم كامل، وكذلك في دول أخرى !

وعلى مدى أسابيع عدة تصّدرت الشاشات الفضائية المصرية عبارة: “وداعا أيها الفنان الكبير”.

تعالى معي إلى هذا البلد العجيب الغريب، نحن نحيا في حالة إغماء، فلا تقدير ولا اهتمام بالقيم الأدبية والفكرية ولا يحزنون!

أخجلُ من نفسي عندما أرى ركاب القطار السريع في بلد غربي منهمكين في قراءة كتاب أو مجلة أو جريدة، بينما يستفيد ركاب حافلاتنا من عبء الازدحام لممارسة طقوس احتياجاتهم الخاصة سرقة وشذوذا، وما شابه ذلك !

في تلك البلاد يدور بين الأب وابنه السائحين الحوار التالي:

ـ هذه النصب التذكارية لمن!

ـ هؤلاء يا ولدي لكبار الفلاسفة والمفكرين والأدباء، تحتفي بهم بلدانهم، فهم لازالوا أحياء في نَظَرِهَا.

ـ إذا قرأتُ جيدا، هل ينصب لي مثلهم تمثالا!

ـ أجل يا ولدي!

عرّج معي على ساحاتنا العمومية الفارغة إلاّ من أشغال الحفر التي لا تنتهي أبدا!

ـ إلى الجدران المحيطة بها وقد كتب عليها بالبند العريض: “ممنوع إلقاء القاذورات.. والتَّبَـ.. هنا” !

ـ إلى الأسماء الغريبة للشوارع والأزقة وقد ترك المسمون أسماء العلماء والمفكرين ماضيا وحاضرا، وكتبوا أسماء غريبة، “زنقة الحرشة”،  “زنقة السجن”، “زنقة الأصنام” و”شارع لاَحُونَا”.. !

ـ إلى المتاحف الفنية التي لم تمتلئ عن آخرها إلا يوم التدشين، عندما حضرت الشخصيات العامة والقنوات التلفزيونية في وصلة إشهارية خادعة مثل الكاميرا الخفية، ثم صارت مزارا استثنائيا كمقابر الميتين !

ـ إلى الخزانة العلمية بالمسجد الكبير وقد أقفل بابها، فلّما سألت الحارس عن حالها، قال: لم يعد يزورها أحد فالتحق أمينها بالإدارة المركزية، فأسفت للأيام الخوالي: ها هنا تعلمنا، وأنشأنا علاقات إنسانية عَزَّ نظيرها !

ـ إلى المكتبة التي أضاف صاحبها إلى المبيعات من الكتب الصفراء بفعل القدم مواد استهلاكية لضمان قوت يومه وأجر العمال!

ـ إلى المقاهي وقد اصطف بها علماء الكلمات المتقاطعة، وقد حازوا الجرائد على سبيل الإعارة أو أخذوا صورا فوتوغرافية للشبكات المسهمة!

ـ إلى المطاعم والحانات، وقد احتل كراسيها فنانونا ينتظرون تحايا وإكراميات المسؤولين مدنيا!

ـ إلى المقبرة التي احتشد بها يوم الدفن المتعاطفون مع أفراد عائلة الفنان الكبير، في انتظار انتهاء قنوات التصوير من عملها لتبدأ مراسيم الغياب السرمدي للمشيعين ولأخبار الفقيد على حد سواء!

نحن بيننا وبين الثقافة سور سامق وخصام أبدي على أنَّنَا نرتدي ثيابها من باب التباهي حينا من الوقت، وقد غضب وزير الثقافة المصري عندما لم يجد فنانيه بالصفوف الأمامية للقاعة التي احتل كراسيها الأهل والأحباب والأصدقاء، فاضطرا المنظمون إلى إرغامهم على مغادرتها تحت طائلة وقف العرض!

ـ وقد أصاب الفنان القدير الطيب الصديق عندما امتنع الرئيس صدام حسين عن السماح للفنانين العراقيين بالمشاركة في تظاهرة فنية قائلا: “إن العقول العراقية لا تغادر أرضها”، فردّ عليه:

ـ  لو كانت لهم فعلا عقول يفكرون بها، مَا احترفوا الفن!

هناك خلل. عندما سأل الإعلاميون الإنجليز التلاميذ عمن كتب مسرحية “الملك لير”، واكتشفوا أن قلة قليلة منهم تجهل الأديب شكسبير، فتدخلت الدولة وأعادت صياغة مناهج التعليم، لتدارك المهزلة!

أما عندما توفي الشاعر المغربي الكبير محمد الحلوي، وانتقل ميكرفون الشارع يسأل عنه: لم يعرفه المستجوبون على الإطلاق، إذ منهم من قال: “إنه رياضي”، أمّا الذي أجاب الجواب “المفيد” فقال:

ـ “أجل، محمد الحلواني.. أعرفه.. بائع الحلويات بالسوق الكبير، أشهر من نار على علم، الكل يتبضع منه!”

أصبح الشاعر “حَلَوَانِياً”، ولا من يدق جرس الإنذار، الظلام كثيف ونحن نقول مع المتنبي:

وَهَبْنِي قُلْتُ: هَذَا الصُبْحُ لَيْـلٌ     

                                               أَيَعْمَى العَالِمُونَ عَنِ الضّيَــــاءِ

المصدر : جريدة اليوم 24

GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 04:55 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

لاَلَّة بِيضَة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحلواني الحلواني



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 09:27 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

7 آلاف تذكرة لجماهير أدوانا ستارز ضد الرجاء

GMT 19:01 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق "المغرب الفاسي" ينهي مبارياته الودية بانتصارين

GMT 00:24 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

أولمبيك خريبكة يواجه الكوكب المراكشي وديًا السبت

GMT 03:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جمهور الرجاء البيضاوي يرفض عودة محمد بودريقة

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 22:22 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير "يونايتد" تحيي ذكرى وفاة لاعبها جورج بست

GMT 23:41 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يعقد جمعيته العمومية في 10 دقائق فقط

GMT 19:35 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شاهيناز تكشف تفاصيل ألبومها الجديد في "الليلة عندك" على 9090

GMT 22:11 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

ترامب يلتقي مرشحا مسلما لخلافة ماي

GMT 14:38 2017 الثلاثاء ,25 تموز / يوليو

ظهير الزمالك يعود إلى القاهرة لأداء الامتحانات

GMT 14:39 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

"الوطية" الساحلية مدينة مغربية سياحية تبحث عن المستثمرين

GMT 08:29 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

بيراميدز يتأهب لمواجهة فاصلة أمام الأهلي

GMT 19:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أمل أولمبيك خريبكة يتعادل مع الرشاد البرنوصي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib