الضربة القاضية

الضربة القاضية!

المغرب الرياضي  -

الضربة القاضية

بقلم : رشيد مشقاقة

تملكتني نوبة من الضحك من مُعَلِّق رِيَاضِي وهو يقترح على ملاكمنا المنهار الفوز بالضربة القاضية في آخر جولة له، فأيقنت أنه تلميذ نجيب من المدرسة المتخصصة في رجم الغيب والاستسقاء والورقات الثلاث وقراءة الفنجان. وقد انبهر صديقي الأجنبي بالإقبال المتزايد للقنوات على بَطَلٍ في التحرش الجنسي معتقدا أنه حاز ميدالية مَّا، بينما أصاب الرجل سمعتنا ـ بالضربة القاضية ـ في مقتل!
لنا قدرة فائقة عجيبة في تحويل الفشل إلى انتصار بالضربة القاضية، فقد حطمت كلمات رديئة بلحن نشاز وصوت لا يكاد يسمع رقما قياسيا فاق ثلاثين مليون معجب، لم يتحقق لكبار الفن. وهي إحصائية تعفي جهة الاختصاص من احتساب درجة فساد الذوق العام وقلة الحياء في بلادنا!
أذكر أننا شاركنا زمنا إلى جانب قضاة وقاضيات في انتخابات أعضاء المجلس للقضاء، فحطم أحدهم الرقم القياسي في الأصوات التي حازها بينما لم نحصل نحن على شيء، وكان ذلك إشارة صريحة منعتنا تماما من إعادة الكرة. وقد أساء هذا البطل في وقت لاحق إلى القضاة والقضاء وغادر المهنة مؤدبًا!
مفهوم الضربة القاضية في قاموسنا صناعة محلية، عليك أن تجرد الآخر من جميع قدراته بشتى الطرق كي لا يتحرك نحوك قيد أنملة. تتحين الفرصة المواتية للانقضاض عليه بأسلوب الغاية تبرر الوسيلة، وقد ترجم هذا المعنى الملاكم شارلي شابلان عندما أخفى داخل القفاز قطعة حديدية، ووجه لكمة قاتلة لخصمه وانتصر. ولعل هذا ما كان ينوي المعلق الرياضي اقتراحه على ملاكمنا الفاشل!
سلاح الدمار الشامل بالضربة القاضية خارج الأعراف والقوانين غير ممنوع في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
في السياحة نفوز بالضربة القاضية بحفنة من القِرَدَةِ وقارئات الفأل والأفاعي!
في المعمار ندك بالضربة القاضية تراث البلد وحدائقه، وجمالية المدن، ويكدس البناؤون من موظفين عموميين وأصحاب مهن حرة مردود أعشاش العنكبوت! وانتصرنا بالضربة القاضية على الثقافة والفن الرفيع، وفاز بالأوسكار العراة والشواذ وانتشرت كالفطريات الكلمات البذيئة، واللحن السَّمِجِ، ونعيق الغربان!
وفاز المتهافتون ممن يجيدون أكل لحم الكتف، ورجال المرحلة بالضربة القاضية على زملائهم، فتوارى هؤلاء ومنهم من عوقب بدون ذنب جناه!
لم يبالغ المعلق الرياضي الذي اقترح على ملاكمنا الفاشل الفوز بالضربة القاضية على خصم باسل، فهو يعكس أجواء الانتصارات الوهمية في قطاع الرياضة وباقي القطاعات بشكل عام، ولم يخرج من ثوبه، بل ترجم الواقع الذي يعيشه، فأوراق الخريف التي تساقطت تباعا في معظم الاستحقاقات تعكس سياسة الضربة القاضية التي نعلق عليها آمالنا. أما منتهى الحمق فأن يَحْتَجَّ معلق رياضي آخر على متسابقين ومتسابقات احتلوا الصفوف الأخيرة في الجري على خروجهم من المنافسة قبل انتهاء السباق: ويَحُثهم على الجري في ما لا فائدة منه، في الوقت الذي كان الجرس قد أعْلن فوز المستحقين!
الضربة القاضية، أو إسكات المتنافس وشل قدراته خارج إطار المنافسة الشريفة، واستشراف النجاح من الوهم والتغرير بالمشاهد واستبلاده يَصْنَعُ من الخسارة انتصارا. انظر إلى بطلات دول فقيرة يصعدن إلى منصة التتويج ودموع الفرح على أعينهن. لا تَقُلْ لي إنه الحظ. بل هو مجهود كبير تقِفُ وراءه مدارس متخصصة ومناهج منضبطة، هم لا يطلبون من تلاميذهم الفوز بالضربة القاضية في غَفْلَةٍ من الزمن ومِنْ وراء ظهر الحكم بل بالصدق والجدية!
أمّا نحن فلا نرضى سوى بالضربة القاضية لنصنع الأفراح من فشلنا، وَلَنْ نَرْضى بِسواها بدِيل!

GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 04:55 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

لاَلَّة بِيضَة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضربة القاضية الضربة القاضية



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 11:17 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يؤكد عدم تخليه عن حمدي في محنته خلال حفل الرواد

GMT 22:56 2017 الإثنين ,28 آب / أغسطس

البزغودي لاعب الجيش يخضع لفحوصات طبية

GMT 15:33 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أولاس يشيد بفريقه قبل مواجهة شاختار دونيتسك الأوكراني

GMT 10:19 2022 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

وليد الركراكي يرُد على منتقديه بسبب عبد الرزاق حمدالله

GMT 05:44 2022 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد النني يُهدي الشيخ مشاري راشد العفاسي قميص أرسنال

GMT 22:45 2022 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبات غولف «أرامكو» في مواجهة الإعلام بجدة

GMT 08:27 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحدى مانشستر سيتي اليوم في الدوري الإنكليزي

GMT 21:10 2022 الأحد ,22 أيار / مايو

كريم بنزيمة يثير الجدل بعد قرار مبابي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib