من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

المغرب الرياضي  -

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

بقلم - حسن طارق

بالرغم من نتائجها ذات المسحة الانقلابية، في العمق: لا مفاجآت في الانتخابات التشريعية الأخيرة بإيطاليا، حيث وزعت الأصوات بعناية بين نزعتين طاغيتين في السماء المكفهرة للعالم وداخل كل أوروبا: القوميون والشعبويون. في الشمال اتخذ التصويت طابعا قوميا، وفي الجنوب كان له منحى شعبوي واضح.

وفي التحليل، فإن الخلاصات هي نفسها التي كرستها الاقتراعات في كل بلدان أوروبا خلال الثلاث سنوات الأخيرة: تراجع القوة الاشتراكية الديمقراطية، انفجار الخريطة الحزبية المبنية على تناوب اليمين واليسار منذ عقود، تصاعد المد اليميني المتطرف، وارتفاع التوجهات القومية والهوياتية.

 
هكذا ذهب الناخبون الإيطاليون إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد قبل الماضي، ليجابهوا الأعداء الجدد أنفسهم: الوحدة الأوروبية، «النخب التقليدية»، «المؤسسة المركزية والعميقة للدولة».

التقاطب حول مواضيع: الدولة الاجتماعية، التقدم الاقتصادي، النظام الضريبي، ترك المجال فسيحا أمام مواضيع الهجرة، الأمن، والإسلام، لذلك، تكررت كثيرا في أسابيع الحملة الانتخابية شعارات من قبيل: «الإيطاليون أولا»، «لنقاوم الاجتياح».

حركة «النجوم الخمسة» استمرت في خلق المفاجآت، وتصدّرت النتائج، حاصلة على ما يقارب ثلث أصوات الناخبين، لكن ذلك لن يتيح لها تشكيل الحكومة وحدها، في ظلّ حصول أحزاب الائتلاف اليميني: «رابطة الشمال» ذو الماضي الانفصالي، و«فورزا إيطاليا» لبرلسكوني، و«أشقاء إيطاليا»، و«نحن مع إيطاليا»، بشكل مجتمع على نحو 37 في المائة من الأصوات. ومن جهة أخرى، حصل تحالف اليسار على 23 في المائة من الأصوات، وهو ما يعني أن «النجوم الخمسة» هي القوة المرجحة لأي تحالف حكومي ممكن.

انطلقت حكاية هذا التيار في العام 2007، عبر مدوّنةٍ للتواصل الإلكتروني، أطلقها ممثل كوميدي شهير هو بيبي جريلو، منبراً للنقاش والتقاسم والتعبئة المناهضة للطبقة السياسية، تحت شعارٍ شعبي قاس: «اذهب إلى الجحيم»، لتولد خلال سنة 2009، انطلاقاً من هذه الدينامية والتفاعل الاجتماعي مع أفكارها، حركة «خمسة نجوم»، في إحالةٍ إلى الأهداف الخمسة الأساسية التي تكثف مشروعها، وهي: المياه النقية ملك عام، تحسين النقل العمومي، رفض المشاريع المكلفة والملوثة، استغلال النفايات من خلال تدويرها، «مجانية شبكة الأنترنت».

وفي العام 2013، أصبحت هذه القوة الشابة ثاني تنظيم سياسي في البرلمان الإيطالي، بعدما حازت لوائحها ربع الأصوات المعبّر عنها في الاقتراع العام.

هذه الحركة الإيطالية، التي ترفض أن تُعرَّف حزباً سياسياً، تقدّم نفسها حركةً مناهضةً للمؤسسات وللنخب السياسية، وهي بذلك تستثمر في غضب شعبي عارم على نوعٍ من الممارسة السياسية المرتبطة بمراكمة الامتيازات، والتواطؤ مع القوى المالية، وشبهات الفساد، لتطرح نفسها بديلاً قادراً على إنتاج علاقة جديدة بين الشعب وفضاءات التمثيل السياسي والقرار العمومي.

يحيل تكريس النجاح الانتخابي لحركة «خمسة نجوم»، من جهة أخرى، إلى المساحات التي باتت تحتلها وسائط التواصل الجديدة في التأثير السياسي، وحشد الدعم، والتعبئة وراء البرامج والأفكار والقيادات، وفي بناء هوياتٍ سياسيةٍ تعتمد طرائق مختلفة في التفاعل مع المواطنين، وفي إدماجهم في العملية الانتخابية والمسار التمثيلي.

كما يحيل كذلك إلى الانتقالات المعقّدة والملتبسة بين الحقل الاحتجاجي والاجتماعي والحقل السياسي والمؤسساتي، خصوصاً عندما تختار حركةٌ، لا تخفي طبيعتها الاحتجاجية، الاشتغال ضمن الفضاء البرلماني والتمثيلي، مع استحضار كل حدود هذا التحول.

لا يبدو هذا التيار السياسي، من خلال الأفق الإيديولوجي المعلن، قريباً من مرجعيات الموجة الحزبية الأوروبية الجديدة، كما برزت، بالأساس، في إسبانيا واليونان وفرنسا، ذلك أنه يصعب وضعه في خانة «اليسار الأوروبي الجديد»، كما يصعب، في الوقت نفسه، تصنيفه في سجل إيديولوجي واضح، إذ يبقى، من حيث مرتكزاته الفكرية والمذهبية، خليطاً من التوجهات البيئية والشعبوية واليمينية، ولعله نجح في تدبير استراتيجية انتخابية جعلته يبدو قوةً سياسية «لاقطةً للجميع».

أكبر الخاسرين هو الحزب الديمقراطي الحاكم (يسار الوسط)، الذي لم تشفع له لدى الناخبين حصيلته الاقتصادية، ما جعل زعيمه، رئيس وزراء إيطاليا السابق ماتيو رينزي، يقدم استقالته من منصب رئاسة الحزب.

أمام إيطاليا، إذن، خريطة حزبية مشتتة، وهو ما يعني مرحلة طويلة، في الغالب، من المفاوضات والمساومات، لن تفرز في النهاية سوى تحالف حكومي هش، وسيصعب الاتفاق حول ما الذي ينبغي فعله بهذا التصويت الاحتجاجي الذي يعرف جيدا «أعداءه»، لكنه لا يعرف ماذا يريد خارج الشعارات الغاضبة والمخيفة.

  

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 11:17 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يؤكد عدم تخليه عن حمدي في محنته خلال حفل الرواد

GMT 22:56 2017 الإثنين ,28 آب / أغسطس

البزغودي لاعب الجيش يخضع لفحوصات طبية

GMT 15:33 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أولاس يشيد بفريقه قبل مواجهة شاختار دونيتسك الأوكراني

GMT 10:19 2022 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

وليد الركراكي يرُد على منتقديه بسبب عبد الرزاق حمدالله

GMT 05:44 2022 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد النني يُهدي الشيخ مشاري راشد العفاسي قميص أرسنال

GMT 22:45 2022 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبات غولف «أرامكو» في مواجهة الإعلام بجدة

GMT 08:27 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحدى مانشستر سيتي اليوم في الدوري الإنكليزي

GMT 21:10 2022 الأحد ,22 أيار / مايو

كريم بنزيمة يثير الجدل بعد قرار مبابي

GMT 11:34 2022 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

مفاوضات في تجديد عقد ساديو ماني مع ليفربول

GMT 19:32 2022 الإثنين ,07 شباط / فبراير

مغربيان في التشكلية المثالية لكأس أمم إفريقيا

GMT 13:33 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

"المنتخب المغربي" يخضع إلى فحوصات كوفيد-19
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib