الخيال يمهِّد للإسلاميين حكم أوروبا

الخيال يمهِّد للإسلاميين حكم أوروبا

المغرب الرياضي  -

الخيال يمهِّد للإسلاميين حكم أوروبا

عبد الحميد الجماهري

ما كانت العقيدة تتنبأ به، صار واقعاً روائياً، وتمريناً للأدب على صناعة مستقبلٍ للبشرية الغربية، محكوم بالإسلام. هو ذا التاريخ، وقد امتثل، في استشرافات كثيرة، لما بدأت به أحلام المؤمنين، أو لما بشّر به الذين جدّدوا للعقيدة حلمها الكوني، كما سيد قطب في كتابه "المستقبل لهذا الدين". 
في روايته الذائعة "خضوع"، الصادرة في فرنسا، في السنة التي ودّعناها، يتوقع ميشيل هويلبيك فوز حزب مسلم في انتخابات فرنسا الرئاسية، ويحث الزمن على تطويع الشعب الفرنسي، والإسراع بحصول ذلك سنة 2022. فلا تفصلنا، إذن، سوى ست سنوات عن الجمهورية الإسلامية الفرنسية. 
وكان التجاوب الكبير للقرّاء، من الفرنسيين وغير الفرنسيين، الدليل الذي يكشف حاجتهم إلى خيالٍ يُفزعهم، عبر الخيال السياسي لرجلٍ لا يخفي كراهيته الإسلام. وحسب أطوار الرواية التي امتحت كثيراً من الأجواء الانتخابية في فرنسا وقت كتابتها، يجد حزب الأخوة المسلمة، بقيادة محمد بن عباس، نفسه في الدور الثاني بدعم من الأحزاب التقليدية في مواجهة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، وهو لمز بأن اليسار، بكل أطيافه، واليمين الجمهوري والوسط، يمهدون الطريق للإسلام ليحكم فرنسا، بل إن شخصيات الرواية، فرانسوا هولاند، إيمانويل فالس، فرانسوابايرو الذي سيصبح وزيراً أول لمحمد بن عباس، حاضرة بواقعيتها، لتمهد الطريق للخنوع القادم. والسوربون، الجامعة التي صنعت مجد المعرفة الفرنسية والعقل الغربي، سيتم خصخصتها، وتعدد الزيجات سيصبح مشروعاً، كما لا يحصل حتى في بعض الدول الإسلامية. 
وغير بعيد عن هويلبيك، نشر الفرنسي من أصل جزائري، حكياً روائياً، بالعوالم نفسها. بوعلام صنصال يختلف في التاريخ، ويضيف إلى الخيال هامشاً زمنياً عن الرواية الأولى، ويعلن أن سنة 2084 (عنوان الرواية) أنها السنة التي ستصبح فيها فرنسا دولة إسلامية. 
ففي الهندسة الخيالية التي اعتمدها الجزائري الأصل، تكون فرنسا محطة نحو العالم، ولا بد من تحطيم النموذج الأكبر للحضارة الغربية، من خلال ثقافة الأنوار، لكي يستولي الإسلاميون على الكوكب، فالإسلاميون هم التجسيد المادي والثقافي لزعزعة الذهنية الثقافية للبلاد. وبهم، تبشّرنا رواية 2084 بعالمٍ يحكمه نظام ديني صرف، مبني على نسيانٍ طوعي للساكنة يقوم، بعد حرب دينية طويلة، ينجم عنها غسيل جماعي للدماغ. 
وفي الجمهورية المقبلة التي تولد من أنقاض العالم الحالي، تتم طقسنة كاملة للحياة، حيث توجد طقوس كثيرة لمنع التفكير، كآلة تشتغل، وتحتل الفضاء الذهني والعقلي كله. 
بالنسبة لبوعلام صنصال، سيوجد هذا النظام بعد 60 سنة، وفي تقدير الحبكة التي يجيدها خياله، الإسلاميون موجودون، وقد حققوا نجاحات مرّات، وطوّروا مهاراتٍ في غزوهم العالم. في المقابل، لا يوجد شيء لمواجهتهم، فالنظام الرأسمالي ينتقل من أزمة إلى أزمة أكبر، والديمقراطية أصبحت متعبة، بل لم تعد تنتج أي فكرة، وأصبحت مضجرة. 
في هذا التنافس على تمهيد الخيال للإسلام السياسي ليحكم أوروبا، والغرب عموماً، يقول الفرنسي هويلبيك عن رواية صنصال إنها أفظع من كتابه. والذين يتابعون القناة الألمانية الفرنسية (آرتي) يتذكّرون البرنامج السياسي الذي أعدّته عن الإسلام الذي سيغزو أوروبا وإسرائيل، بفضل التلاقح والإنجاب، عبر قراءة الخرائط، والبرنامج الجيوسياسي الذي يقدمه جان جريستوفر فيكتور، والذي تنبأ، قبل الروايتين، في العام 2011، بأن الامتزاج بين المسلمين والآخرين سيجعلهم الأكثرية في البلدان المعنية. وهو ما انتبه إليه، بسخرية، البلجيكي من أصل مغربي، إسماعيل السعيدي، في مسرحيته "جهاد"، فالشرطي الذي تحوّل إلى الكتابة المسرحية يتحدث عن البلجيكيين ومشكلات المسلمين، ويعلن أن المسلمين هنا هم مسلمون- يهود - مسيحيون، مدخلاً آخر للاستيلاء على أوروبا. 
من الخيال الأدبي إلى التحليل الجيو- سياسي والسخرية المسرحية، يتحرّك العقل الغربي، وهو مسكونٌ بالاجتياح القادم من الشرق، والذي وضع بيضه في البيت الأوروبي، عبر الأوروبيين أنفسهم، وعبر من هاجروا إلى حبشة الزمن الجديد.

GMT 06:54 2016 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

توبة أم مقلب جديد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيال يمهِّد للإسلاميين حكم أوروبا الخيال يمهِّد للإسلاميين حكم أوروبا



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 09:27 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

7 آلاف تذكرة لجماهير أدوانا ستارز ضد الرجاء

GMT 19:01 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق "المغرب الفاسي" ينهي مبارياته الودية بانتصارين

GMT 00:24 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

أولمبيك خريبكة يواجه الكوكب المراكشي وديًا السبت

GMT 03:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جمهور الرجاء البيضاوي يرفض عودة محمد بودريقة

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 22:22 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير "يونايتد" تحيي ذكرى وفاة لاعبها جورج بست

GMT 23:41 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يعقد جمعيته العمومية في 10 دقائق فقط

GMT 19:35 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شاهيناز تكشف تفاصيل ألبومها الجديد في "الليلة عندك" على 9090

GMT 22:11 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

ترامب يلتقي مرشحا مسلما لخلافة ماي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib