يوم بيوم

يوم بيوم

المغرب الرياضي  -

يوم بيوم

بقلم : نور الدين مفتاح

لم يوفق السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في خرجته عبر القناتين المغربيتين الرسميتين دوزيم والأولى، وأغلب الذين جلسوا لمتابعة هذا "الحدث" السياسي الإعلامي تحوّلوا إلى فضاء القنوات الواسع، وتركوه مع بعض المساكين مثل العبد لله حتى يستطيع أن يكتب عن شيء ربّما يكون مسك الختام في حوار بارد كان يبعث على التثاؤب.

السيد رئيس الحكومة لبق، ورجل طيب، ولكن الناس لا يريدون الطيبوبة في مثل المنصب الذي يشغله، إن المواطنين الذين صوتوا على العدالة والتنمية، وبوأوه المرتبة الأولى، فعلوا ذلك ليسمعوا خطابا آخر يترجم فعلا مختلفا عما روج له السيد العثماني، فهو لم يمسك حتى العصا من الوسط، بل انحاز في تبريراته إلى طرح حكومي كلاسيكي ينتصر للمقاربة الأمنية، حيث لم يقل ولا كلمة تنديد بالتجاوزات التي حصلت في الحسيمة (وهذا فعله الرميد حينما كان وزيراً للعدل بخصوص تعنيف المتظاهرين سلميا قبل أن ينقلب اليوم)، ولا تحمل مسؤوليته السياسية بخصوص معتقلي حراك الريف، حيث قابل مطلب إطلاق سراحهم بالهروب إلى الأمام والادعاء بأن النيابة العامة لم تعد تابعة للجهاز التنفيذي، وأنه لا يمكن أن يتدخل في القضاء، وهذه فرية بلقاء لأن التدخل والاعتقال يتم في الشارع من طرف أعوان وزارة الداخلية، ولأن الاعتقالات تمت وكيفت التهم والنيابة العامة ماتزال تابعة لوزارة العدل، وأكثر من هذا، تناقض السيد رئيس الحكومة مع نفسه حينما قال إنه مع أي مبادرة جمعوية أو مدنية لتهدئة الأوضاع، وهو يعرف أن كل المبادرات التي تمت باختلاف توجهاتها طالبت أولا بإطلاق سراح المعتقلين لأنهم لم يرتكبوا ما لا يغتفر ولا قتلوا ولا خربوا، وإنما شهد العالم أن حراكهم كان سلميا، اللهم إلا بعض التجاوزات التي تعتبر في عداد الاستثناء الذي لا حكم له.

إن السيد العثماني بدا غير مقنع، وبدا أنه لا يملأ كرسيه، وأعطى فرصة للمواطنين كي يقارنوا بينه وبين سلفه، وإذا كان الرجل هو الأسلوب، ولا أحد طلب من الطبيب سعد الدين العثماني أن يتشبه بابن كيران، فإن الذي جعل السي العثماني ضعيفا جدا هو الخطوط عالية الضغط التي تحس أنها كانت تحيط به لتجعله كالخائف من صعقه بسبب كلمة أو موقف، وهذا كشف ما كان مستورا على الأقل حول طعم ولون هذه الحكومة التي خرجت من واحدة من أعجب الخلطات، وجاءت وهي تعاني حقا من خطيئة الولادة مما لم يصدم الرأي العام عموما والذين صوتوا في الانتخابات بشكل خاص، ولكنها زلزلت البناء التنظيمي لحزب العدالة والتنمية الذي كان مرصوصا بالإسمنت المسلح، وكان آخر الأحزاب الفالتة من الشقوق والسقوف الآيلة للسقوط، ولكنه في النهاية دخل إلى النادي الأثير لدى المخزن، وربما يكون قد وقع على نهاية السياسة في البلاد.

والغريب أن تغييرات راديكالية وقعت في رمشة عين على قياديين كبار في العدالة والتنمية، ومنهم مصطفى الرميد الذي كان ينعت بالصقر وكان بن كيران يبدو بجانبه حمامة يمينية مهادنة عرجاء، ورفع في الستة أشهر من البلوكاج الحكومي السقف عاليا عندما سئل عن إمكانية تعويضه لابن كيران في رئاسة الحكومة إذا قرر الملك إعفاءه، فقال كلمته المزلزلة "لن أكون ابن عرفة العدالة والتنمية"، مع ما تحمله العبارة من صعود للجبل وكأن سلطة التعيين هي الحماية!

ومن قمة الجبل نزل الرميد إلى السفح وهو وزير الدولة في حقوق الإنسان، ولم ينبس ببنت شفة في ما جرى من تجاوزات في حراك الريف، وعندما سئل عقب الاجتماع الصاخب للعدالة والتنمية عن سبب صمته دفع بعذر أقبح من الزلّة وقال: "أي وزير خصو يشتاغل وخصوا يتكلم، شغلو الأساسي أنه يشتاغل في الميدان ومع الجهات اللي عندها علاقة بأي موضوع، وخصو يتكلم في الوقت الملائم، وأنا سأتحدث في الوقت الملائم الذي أراه أنا ماشي اللي كايشوفو واحد الأخ إعلامي مع احترامي الكامل. سأتحدث قريبا".

المسألة السيد الرميد ليست مسألة تقدير للمناسبة ولا أن الإعلامي لا يملي أجندته على السياسي، ولكن المسألة أن الحديث في وقت الأزمات واجب ومسؤولية ووزر يتحمله حامل الحقيبة، إنه حساب يجب أن يقدم فوريّاً للرأي العام الذي تقدمتم أمامه السيد الرميد طالبين أصواته لحمايته أو على الأقل لتخفيف المصائب عنه ولو باللسان. إن كلام وزير (دولة) لحقوق الإنسان هو مهمته الأولى، فهو لا يجلب استثمارات ولا يحدث مناصب شغل ولا يبني مدارس أو مستشفيات، ولكنه حارس كرامة المواطنين داخل الحكومة، وعليه أن يكون ناطقا دائما حين يدلهم الأمر على الغاضبين أو المكلومين أو المحتجين أو المظلومين. أما إذا كانت مهمة الرميد كما تمت صياغتها في مفاوضات الخزيرات الحكومية هي أن يكون سنداً سياسيا للعثماني داخل الحكومة في ما يسمى بـ "اثنين في واحد" لرئاسة الجهاز التنفيذي، وكانت حقيبة حقوق الإنسان مجرد ديكور ما دامت هناك أكثر من جهة مهتمة في الدولة بهذا الملف، فعليه أن يصارح المغاربة بدل هذا التملص العجيب.

عموما، أن يضعف حزب الاستقلال أو يضعف الاتحاد الاشتراكي أو التقدم والاشتراكية أو غيره فهذه خسارة للمغاربة وللوطن، وهذه الخسارة مسجلة اليوم في لوحة المواطنين، وقريبا ستنضاف إليها خسارة حزب العدالة والتنمية، الذي مهما اختلفنا مع إيديولوجيته أو استعماله للدين في السياسة فقد كان حزبا منظما مدنيا، تأقلم مع الممارسة السياسية وبنى صورة أغرت ما تبقى من مصوتين في الانتخابات في المغرب ومن لا تربطهم به رابطة، والمشترك بين هذه الأحزاب جميعها هو أن نخبها لم تصمد أمام الإغراءات والأنانيات والتقديرات السياسية الخاوية والتلفيقات، وأنها حين اقتربت من مركز الجذب في السلطة انساقت وتركت العباد يواجهون مصيرهم كما في الحسيمة، حيث الناس عفويا يختارون زعماءهم وشعاراتهم ويواجهون بصدورهم العارية مصائرهم، والوزراء مطأطئون رؤوسهم كالتلاميذ الكسالى، وبالتالي إذا ظهر رئيسهم كما ظهر في القناتين التلفزيتين الرسميتين فما ظلم!
Facebook147TwitterGoogle+

GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم بيوم يوم بيوم



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 20:44 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

فوائد التوت للشفاء من الجروح

GMT 09:42 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جدول أهم مباريات الليلة

GMT 17:48 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

فيرمينو يتفوق على جريزمان في سباق الكرة الذهبية

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 21:21 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العائلة الودادية تحتفي بفريقها بعد التتويج باللقب

GMT 15:44 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

لجنة البرمجة تغضب جماهير الوداد بسبب مواعيد المباريات
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib