من أجل فهم قوة ضربة محمد السادس مع جنوب إفريقيا

من أجل فهم قوة ضربة محمد السادس مع جنوب إفريقيا

المغرب الرياضي  -

من أجل فهم قوة ضربة محمد السادس مع جنوب إفريقيا

بقلم - نور الدين مفتاح

هذه الافتتاحية نشرت في الأيام الورقية في شهر مارس الماضي ونعيد نشرها لتزامنها مع حدث لقاء الملك محمد السادس مع الرئيس الجنوب الإفريقي جاكوب زوما،على هامش قمة أوروبا- إفريقيا بأبيدجان  

إذا كانت سياسة محمد السادس الإفريقية قد انقلبت رأسا على عقب، فإن حال العلاقات المغربية الجنوب إفريقية يبقى نشازاً في هذه السياسة. لقد عدنا إلى الاتحاد الإفريقي وتجلس به جمهورية صحراوية لا نعترف بها، لأنها موضوعيا لا تملك مقومات الدولة، وزار العاهل المغربي دولا كانت أو مازالت على اختلاف مع وجهة نظرنا في ما يتعلق بطريقة تسوية نزاع الأقاليم الجنوبية للمملكة، فما الذي يجعل من جنوب إفريقيا خطّاً أحمر لحد الآن؟ 

ليست لنا من المعطيات إلا كون الرباط بعد 12 سنة أوفدت في يناير الماضي سفيراً جديدا للمملكة ببريطوريا، السيد عبد القادر الأنصاري، إلا أن الرئيس الجنوب إفريقي رفض استقباله، بدعوى أن المغرب لم يستشر بلاده قبل اعتماد هذا السفير. 

وفي نفس الشهر، تم استقبال رئيس الجمهورية الصحراوية المعلنة من طرف واحد ابراهيم غالي استقبالا رسميا، ليعيد نفس الأطروحة حول تصفية الاستعمار في الصحراء وما شابه. ويذكر أن لا سفير جنوب إفريقي لحد الآن في الرباط وليس هناك إلا قائم بالأعمال. 

والغريب في هذا الوضع أن الجزائر، التي لنا معها خصومة مباشرة  وتأوي وتسلح البوليساريو، لم تنقطع معها العلاقات الديبلوماسية أو تجمد، وهناك سفير مغربي في الجزائر العاصمة وسفير جزائري في العاصمة الرباط و(العداوة ثابتة والصواب يكون)، كما يقول المثل المغربي الأثير. 

فما الذي يقع مع خلفاء الشامخ نيلسون مانديلا؟ يصعب جدا تحديد ذلك، اللهم إلا بعض الشكاوى من داخل الحكومة الجنوب إفريقية والحزب الحاكم المؤتمر الوطني من أن هناك هجوماً مغربيا ممنهجا على بلادهم يتم تصريفه عبر الإعلام المغربي أو في بعض المواقف الرسمية، ولكن هذا يبقى قشة أمام ما يجري به نهر العلاقات الثنائية من خلافات حتى لتكاد تبدو مستعصية على التجاوز. 

إن المغرب سجل وقوفه القوي مع نضال أصدقاء نيلسون مانديلا من أجل الانعتاق من نظام الفصل العنصري، وقبل تفكيك الأبارتايد وانتخاب رمز تحرر البلاد رئيسا لجنوب إفريقيا، زار نيلسون مانديلا بلادنا أكثر من مرة، وظلت العلاقات من مستوى طيب على الرغم من أن الذي كان يجمع الجزائر مع حزب المؤتمر الوطني كان أقوى مما كان يجمعنا معهم، وعموما ظلت جنوب إفريقيا على الحياد الشكلي على الأقل في نزاع الصحراء لمدة 10سنوات بعد وصول مانديلا للحكم. 

وفي هذا الإطار، يمكن لرسالة الرئيس الجنوب إفريقي السابق طامو مبيكي للملك محمد السادس، المؤرخة في فاتح  غشت 2004، أن تستجلي جزءا من عقلية الحكام في البلد الإفريقي الأكبر على مستوى القارة، فقد اعتبر أنه بمجرد التحاق جنوب إفريقيا بمنظمة الوحدة الإفريقية سنة 1994 أعلن مانديلا عن نيّته الاعتراف بـ "الجمهورية الصحراوية"! وأنه لم ينفذ ذلك نزولا عند رغبة الراحل الحسن الثاني والأمين العام للأمم المتحدة حينها بطرس بطرس غالي والعديد من القادة العالميين، ويضيف طامو مبيكي في ذات الرسالة أن نفس التدخل تم لديه حين أصبح رئيسا، وكانت الحجة حسبه هي أن هناك مفاوضات جارية تحت إشراف مجلس الأمن، وأن اعتراف جنوب إفريقيا بـ "الجمهورية الصحراوية" سيقوض فرص نجاح هذه المفاوضات. 

وينتقل طامو مبيكي إلى بيت القصيد، وهو تنفيذه قرار الاعتراف بالجمهورية الصحراوية، بدعوى أن المغرب في أبريل 2004 قرر أن لا نقاش في المفاوضات حول حل النزاع إلا على أساس مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، وأن المشكل المطروح في نظره أصلا هو حول السيادة. وانتهت صفحة متقلبة دامت عشر سنوات، لتبدأ صفحة أخرى أصبحت فيها جنوب إفريقيا عماد المساندة للبوليساريو في الاتحاد الإفريقي، مع اختلاف جوهري بينها وبين الجزائر، وهو أن بريطوريا لا تجعل من هذه القضية أولوية أولويات ديبلوماسيتها في العالم، وهذا ما يقوم به نظام عبد العزيز بوتفليقة سامحه الله. 

معرفة الفرق بين الجزائر وجنوب إفريقيا بالنسبة لقضية الصحراء أمر مهم جدا في تدبير هذه الصفحات الجديدة المغربية التي تكتب في القارة السمراء، فإذا كان النظام في الجزائر يحمل ما يمكن أن نسميه بالضغائن التاريخية تجاه المغرب كجار، فهذا غير موجود بالنسبة لجنوب إفريقيا التي تبعد عنا بآلاف الكيلومترات، وإذا كانت الجزائر نظاما تتحكم فيه العسكرتارية، فإن جنوب إفريقيا بلد ديموقراطي بكل ما في الكلمة من معنى، وتجرى فيه انتخابات حرّة ونزيهة، وإذا كان المؤتمر الوطني يتمتع بشرعية نضالية قوية ويحكم منذ 1994 بعد إسقاطه للأبارتايد، فإن الانتخابات الأخيرة شهدت تراجعا طفيفا لهذا الحزب وتقدما لحزب التحالف الديموقراطي، وكل هذا يجعل في مقولة محور الجزائر جنوب إفريقيا نوعا من الخلط، لأن الجارة تمنعها الديموقراطية من تجاوز أحقاد الماضي، فيما جنوب إفريقيا تتيح ديموقراطيتها في أي لحظة إمكانية تغيير موقف سياسي بموقف آخر، خصوصا إذا استجد ما يدفع لذلك، وهل هناك من مستجدات أكثر مما حرّكة الملك في مياه الاتحاد الإفريقي الصعبة؟! 

لم يبق في السياسة المغربية حسب ما هو واضح تمييز بين الخصوم والأصدقاء على أساس مواقفهم من البوليساريو، فهناك قطيعة فعلية في هذا الإطار، وإذا ظهر المعنى لا فائدة من الكلام، وبالتالي فإذا كان سبيلنا اليوم وعرش محمد السادس في طائرته هو مراكمة الأصدقاء في القارّة السمراء، فأعتقد أن أولوية الأولويات اليوم هي طي صفحة الخلاف مع جنوب إفريقيا واحترام موقفها السياسي، ومحاولة الانفتاح على المجتمع المدني والسياسي هناك، على الأقل لنشرح لهم أن مبدأ تقرير المصير أصلا يتعارض مع إقامة جمهورية قبل معرفة نتائج هذا التقرير، وإذا كان عماد ديبلوماسيتنا الجديدة هو التنمية، فجنوب إفريقيا بلد قوي، وهي أول اقتصاد إفريقي، ونحن لن نذهب لنساعدها أو لتساعدنا، بل لنفعل شراكة كم ستكون منتجة تنمويا ومسهلة سياسيا لأي حل يتمناه كل أصدقائنا لهذا النزاع المفتعل، الذي طال وطالت معه المعاناة والجهد والفرقة. 

فمتى ننتظر زيارة ملكية رسمية لبريطوريا؟ قريبا إن شاء الله اذا احتكمنا للمنطق ونعمه من حكم.

GMT 12:45 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

المغرب المحاصر

GMT 08:59 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

المغرب والخليج بين ثورتين

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

لغة تدريس العلوم والشعب المغبون

GMT 09:01 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

لغة تدريس العلوم والشعب المغبون

GMT 06:38 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

لعنة الله على الظالمين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أجل فهم قوة ضربة محمد السادس مع جنوب إفريقيا من أجل فهم قوة ضربة محمد السادس مع جنوب إفريقيا



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 09:27 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

7 آلاف تذكرة لجماهير أدوانا ستارز ضد الرجاء

GMT 19:01 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق "المغرب الفاسي" ينهي مبارياته الودية بانتصارين

GMT 00:24 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

أولمبيك خريبكة يواجه الكوكب المراكشي وديًا السبت

GMT 03:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جمهور الرجاء البيضاوي يرفض عودة محمد بودريقة

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 22:22 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير "يونايتد" تحيي ذكرى وفاة لاعبها جورج بست

GMT 23:41 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يعقد جمعيته العمومية في 10 دقائق فقط

GMT 19:35 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شاهيناز تكشف تفاصيل ألبومها الجديد في "الليلة عندك" على 9090

GMT 22:11 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

ترامب يلتقي مرشحا مسلما لخلافة ماي

GMT 14:38 2017 الثلاثاء ,25 تموز / يوليو

ظهير الزمالك يعود إلى القاهرة لأداء الامتحانات

GMT 14:39 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

"الوطية" الساحلية مدينة مغربية سياحية تبحث عن المستثمرين

GMT 08:29 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

بيراميدز يتأهب لمواجهة فاصلة أمام الأهلي

GMT 19:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أمل أولمبيك خريبكة يتعادل مع الرشاد البرنوصي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib