عبد الإله كريستين بنكيران 21

عبد الإله كريستين بنكيران (2/1)

المغرب الرياضي  -

عبد الإله كريستين بنكيران 21

رشيد نيني

إنه لمن قبيل الضحك على الذقون ادعاء الأحزاب السياسية المغربية امتلاك برنامج يمكن تطبيقه في حالة الحصول على أصوات المواطنين في الانتخابات والوصول إلى رئاسة الحكومة، والسبب بسيط للغاية، فليس هناك حزب واحد قادر على تطبيق برنامجه لأن البرنامج الوحيد الذي يطبقون عندما يصلون إلى قمرة القيادة، هو برنامج صندوق النقد الدولي.
وحتى لو مزق رئيس الحكومة فمه وهو يغطي صورة الواقع المغربي بكل الألوان الفجة التي في الطبيعة، فإنه لن يستطيع أن يحجب الحقيقة المرة، وهي أن البلد يوجد اقتصاديا في عنق الزجاجة.
فبسبب تطبيق تعليمات كريستين لاغارد تعرض التعليم العمومي والصحة العمومية لأكبر الانتكاسات، والنتيجة هي أنه أصبحت لدينا كل يوم حالة يغتصب فيها ثلاثة أطفال، خمسة وخمسون بالمائة من هؤلاء الأطفال المغتصبين يتعرضون لذلك على يد أقربائهم.
وكل يوم أصبحت ترتكب لدينا جريمة قتل في البلد، فيما ثلاثون ألف طفل يولدون خارج الزواج، وسبعة من كل عشرة أطفال يغادرون المدرسة، وخمسة أطفال من أصل مائة دون الخمس سنوات يموتون بسبب الأمراض، فيما ألف وستمائة رضيع يتوفون سنويا قبل إتمام الشهر الأول بسبب غياب التطبيب.
عندما حدث التسونامي في اليابان غامر الكبار بدخول المناطق المنكوبة من أجل إنقاذ الأطفال أولا، لأنهم في الثقافة الآسيوية يعتبرون الأطفال الثروة الحقيقية.
عندنا نحن يموتون مثل القطط بسبب البرد وغياب الحقن، إلى درجة أنه في سنة واحدة قتلت أمراض الفقر، وعلى رأسها الإسهال والالتهاب الرئوي، البرد والمينانجيت، 20 ألف طفل.
والحل المتبقي أمام الدولة من أجل التصدي لنتائج هذا التدمير الذاتي للتعليم والصحة، هو بناء سبعة عشر سجنا جديدا.
ما الذي يبرر، في بلاد يتكدس 54 تلميذا في كل فصل من فصول مدارسها، بناء سبعة عشر سجنا عوض سبعة عشر مدرسة؟
السبب هو خضوع الحكومة لتعليمات موظفي صندوق النقد الدولي الذين يراقبون الموازنة العامة مثلما تراقب الأم الحليب فوق النار.
ومن هذه التعليمات التوجه نحو تخلي الدولة عن تحمل مصاريف التعليم والصحة.
هناك مثل إنجليزي يقول «WHEN YOU OPEN A SCHOOL YOU «CLOSE A PRISON، أي «عندما تفتح مدرسةً فإنك ستغلق سجناً».
غير أن ما نراه أمامنا هو عكس ذلك تماما، فها هم يغلقون المدارس الحكومية ويشيدون السجون.
بنكيران قال إن الوقت قد حان لكي ترفع الدولة يدها عن مجموعة من القطاعات الخدماتية مثل الصحة والتعليم، أما في تركيا، التي نقل عنها حزب بنكيران رمز «لامبة» ونسي نقل كل الأشياء الأخرى، فقد قال أردوغان إن التعليم والصحة من أبسط الحقوق المشروعة التي يجب علينا توفيرها للشعب التركي.
ولكم أن تتأملوا قرار المجلس الجماعي لمدينة سلا، تحويل بناية مخصصة لمكتبة عمومية بحي المحيط بطريق القنيطرة، إلى بناية ستحتضن دائرة أمنية. والقرار جاء من مستشار جماعي مقرب من العمدة جامع معتصم، القيادي بحزب العدالة والتنمية، بناء على الشكايات المتعددة لسكان المحيط بارتفاع معدلات الجريمة بالمنطقة، ناسين أن من بين أسباب انتشار الجريمة انعدام مؤسسات التربية والتعليم والتثقيف في الأحياء الشعبية.
وبسبب ركوع بنكيران أمام كريستين لاغارد وتطبيقه حرفيا لتعليماتها، أصبح ينال شهادات حسن السيرة والسلوك من طرف المؤسسات الائتمانية التابعة للمؤسسات المانحة للقروض، التي تعودت أن تبيع «القرض» وتضحك على من اشتراه.
وحتى قبل أن ينال مشروع قانون ميزانية السنة القادمة تصديقا من البرلمان، تلقت الحكومة قبل ثلاثة أسابيع من الآن تنويها من صندوق النقد الدولي عما أسماه «النتائج الجيدة للاقتصاد الوطني وتلاؤم سياسات الإصلاحات الهيكلية المتخذة لتقوية هوامش المناورة الماكر​واقتصادية الضرورية لضمان نمو قوي، مستدام وشمولي».
طبعا رئاسة الحكومة اعتبرت هذا التنويه الصادر من مؤسسة دولية بمثابة «وسام» لها، لأن هذه الحكومة منذ مجيئها وهي حريصة على أن تكون تلميذة مطيعة للصندوق، وبالتالي فما تتلقاه من تقويمات حقيقية في شوارع العاصمة من احتجاجات يومية من طرف مختلف مكونات الشعب، لا أهمية له، فهو مجرد تشويش لا غير، لأن ما تقوله كريستين لاغارد عند بنكيران أهم مليون مرة مما تقوله الأسر المكتوية بالزيادات المتتالية للأسعار، وأهم مما يقوله آلاف الطلبة الأساتذة الذين وجدوا أنفسهم في دوامة من المباريات دون أمل بالتوظيف، وأهم من آلاف الطلبة الأطباء الذين سيتم نفيهم للفيافي والجبال لمجرد أن الحكومة لا تستطيع أن تتحمل مسؤولية توظيف الأطباء هناك، وتعويضهم التعويضات المحفزة، وفي الأخير، رأي لاغارد أهم من آراء ملايين مستعملي السيارات الذين تأكدوا من أن المبررات التي أوردتها الحكومة لإصلاح صندوق المقاصة مجرد كذب في كذب، والدليل عندهم هو أن انهيار أسعار النفط إلى ما دون الأربعين دولارا، لم ينعكس على فواتيرهم اليومية للبنزين، وبالتالي يمكن القول إن كريستين لاغارد هي الرئيسة الفعلية للحكومة الحالية، أما الشعب فله أن يتحمل وحده فواتير الخدمات التي يفترض على الدولة أن توفرها بشكل عمومي.
كل هذا فقط من أجل أن تتقيد الحكومة بالشروط التي حصلت بها منذ مجيئها سنة 2012 على قرض الخط الائتماني، والبالغ 6 مليارات دولار، ومن هذه الشروط الحفاظ على عجز الميزانية في ما دون 7 في المائة.
فإذا كان الكثير من أعضاء الحكومة اعتبروا الحصول على هذا القرض من صندوق النقد الدولي بمثابة «ضربة معلم»، كما وصفها بوليف في حوار له مع إحدى الجرائد، ثمانية أشهر فقط بعد تعيين هذه الحكومة، والحال أنها «ضربة للعين»، فإنهم لم يخفوا أيضا تأثيراته السلبية المباشرة على المواطنين، لكنهم يلحون على فائدته على المستوى البعيد.
لنترك هذه البروباغندا الفارغة التي تصور لنا الحكومة وكأنها «هازة الهم» للمستقبل البعيد، إذ الحقيقة هي أن هذا القرض يعتبر كسيف على رقبة الحكومة والمواطنين، لأن محاولة الحكومة الحفاظ على معدل العجز في ما دون 7 في المائة، جعلها تنهج سياسة اجتماعية لا شعبية ولا وطنية، وعلى رأسها رفع اليد عن كل الخدمات الاجتماعية، التعليم والصحة أساسا، ثم تقليص التشغيل في الوظيفة العمومية واعتماد التشغيل بالعقدة، ثم تقليص ميزانية الاستثمار، ورفع الدعم العمومي عن مواد الاستهلاك الأساسية وإعادة انتشار الموظفين، بغض النظر عن ظروفهم الاجتماعية.
والمثير للسخرية هو أن رئيس الحكومة يريد أن يقنع الشعب بأنه هو من قرر تطبيق هذه الإجراءات القاسية لإنقاذ المغرب من السكتة القلبية، «عبد الإله اليوسفي هادا»، والحال أن كريستين لاغارد هي التي فرضت تطبيق هذه الإجراءات على المغاربة، أي أن أخاك بنكيران في كل هذه الحكاية مكره لا بطل.
وحتى عندما قال مرارا إنه يؤمن بأن على الدولة أن ترفع يدها عن التعليم والصحة لصالح القطاع الخاص، لم يكن حتى أشد المتشائمين سوداوية يعتقدون بأن الأمر لا يتعلق برأي شخصي بل بسياسة رسمية تم اتخاذها.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد الإله كريستين بنكيران 21 عبد الإله كريستين بنكيران 21



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

إصابة لاعبة جمباز صينية خلال إحدى البطولات

GMT 14:32 2015 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "البايرن" فرانك ريبيري يؤكد عودته للملاعب قبل 2016

GMT 22:54 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الفتح يطير إلى تونس لمواجهة الصفاقسي

GMT 00:30 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

جون توشاك يؤكد أن هدف "القنيطري" صعب من مهمة "الوداد"

GMT 16:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رجال "طائرة الأهلي" يخوضون التدريبات على فترتين

GMT 01:23 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي السعيد يكشف أسباب خلافه مع إدارة "الإسماعيلي"

GMT 20:06 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

إدارة الوداد تصدم لاعبها رشيد حسني
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib