بقلم - أسامة الرنتيسي
نكأ النائب الطفيلي المحامي غازي الهواملة الجرح عندما كشف تحت قبة البرلمان عن أن قاعدته الانتخابية في الطفيلة التي يقدر عددها بنحو 10 آلاف مواطن يرغبون الهجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية.
الهواملة قال: إن قواعد انتخابية في محافظة الطفيلة طلبوا منه أن يساعدهم مجلس النواب في الهجرة الى الولايات المتحدة الأمريكية للخلاص من الأوضاع الاقتصادية التي يعيشونها، وقد طلبوا منه نقل رغبتهم إلى مجلس النواب.
الضغوط الحياتية على الأردنيين وعلى الشباب تحديدا، وانعدام فرص العمل، وفقدان الأمل بتحسن الأوضاع الاقتصادية وضعت حلم الهجرة في عقول معظم الشباب بابا للخلاص من البطالة والحاجة والظلم التي يعيشونها في الأردن.
تحول للأسف الشديد، شعار أفضل طريق للمستقبل أمام الشباب ألا وهو طريق المطار إلى حقيقة يرددها معظم الشباب الذين لا يجدون سندا لهم في تأمين فرصة عمل مناسبة، ولا يجدون منافذ يتعلقون بحبالها سوى منافذ الهجرة والغربة على قساوتها للشباب وأسرهم.
ولا يتعلق الأمر فقط بالشباب، فمنذ مدة وأنا أسمع أفكارا من أصدقاء ونخب مهنية وعلمية بأنهم يدرسون بجدية تامة نقل حياتهم وحياة أسرهم للعيش في تركيا، بعد أن أجروا دراسات ميدانية واقعية اكتشفوا من خلالها أن كلف العيش في تركيا أرخص بكثير من العيش في الأردن، حيث يستطيع الشخص تأمين مصدر رزق، ومسكن جيد، وحياة أفضل، بنصف ما يحتاجه في الأردن.
حتى أن أصدقاء متقاعدين. – على حسبة التقاعد المبكر في الضمان الاجتماعي ويحصلون على رواتب تقاعدية جيدة- يفكرون بالهجرة إلى تركيا، وقد حسبوها جيدا أن رواتبهم تكفل لهم عيشا رغيدا في تركيا لا يوازن بمستوى المعيشة في الأردن.
أكتب هذا الكلام من وجع، فقد عشت الغربة في الكويت ولم أعش الهجرة الى الولايات المتحدة، لكن ابني عمر يعيشها الآن ليس طوعا بل بحثا عن الأمل والمستقبل الغائب في بلادنا.
فكرة الهجرة لم تراودني يوما، حتى عندما سنحت لم أفكر فيها، ففي ذات يوم في منتصف التسعينيات، نبهنا الكاتب الكبير فهد الفانك (شافاه الله) عبر مقالة في الرأي – أنا وفهد الريماوي – أن بإمكاننا الذهاب إلى السفارة الأميركية في عمان وطلب اللجوء السياسي او الإنساني بعد أن ورد إسمانا ضمن تقرير وزارة الخارجية الأميركية بأننا من الصحفيين المضطهدين في بلدانهم، حيث قامت في تلك الفترة دائرة المطبوعات والنشر بتحريك عدة قضايا في المحاكم ضدنا بصفتنا رئيسي تحرير صحيفتي المجد والأهالي.
فجيعتنا أننا نحب عمان وجبالها، حتى لو أنها لا تبادلنا حبا بحب، ويعصرنا الشوق لوسط البلد قاع المدينة، ولقاءات الصعاليك في “الكت كات”، و”زوربا”، لكنني شخصيا أعشق الفحيص أكثر..