جريمة يرتكبها إعلاميون وسياسيون وكتاب ونواب حيث ركبوا موجة الهجوم على ثلاثة خونة ومن دون قصد يحولونهم إلى نجوم، وهذا أقصى ما يطمح له مضر وسامر وعبد معلا، نجح المصدر الرسمي في اختصار توصيفهم بالنكرات، وهم ليسوا أكثر من ذلك.
توسعت حلقات الكتابة في اليومين الماضيين حول مؤتمر ما يسمى بـ”المركز الدولي اليهودي الإسلامي للحوار”، تحت عنوان “مؤتمر الخيار الأردني- الأردن هي فلسطين”، وينعقد في مركز “تراث مناحيم بيغن” بالقدس المحتلة، حيث أعلن المنظمون أن ثلاثة أردنيين يشاركون بأعمال المؤتمر، هم النكرات: “مضر زهران، سامر أبو لبدة وعبد معلا بني حسن”.
هذا المؤتمر كشف أكثر ما كشف عن عمق الأزمة التي تعيشها حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة التي دعمت ووافقت على عقد المؤتمر، ولم تجد شخصا له قيمة سياسية أو ثقافية أو اعتبارية يشارك به، وبلعت طعم النكرات الثلاث.
منذ سنوات والنكرة مضر يعوي من لندن، وتستضيفه فضائيات التخريب، ويبيع نفسه لإسرائيل صباح مساء، ولا أحد يشتري هذه البضاعة الخائنة بثمن، أما بعد المؤتمر البائس فقد أصبح اسمه للأسف يتصدر حلقات النقاش والأحاديث السياسية، وهذه لعبة الإعلام التي لا يتقنها بعضهم، فحتى الهجوم على خائن يجعل منه نجما وهذا ما كان يطمح له مضر.
في العام الماضي نجح مجلس النواب في فرض إيقاع سياسي مميز وضرب اسرائيل المتغطرسة على وجها القبيح، عندما صوّت المجلس بالأغلبية المطلقة على طرد السفير الإسرائيلي من عمان واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب ردا على مناقشات الكنيست الإسرائيلي برفع الوصاية الأردنية عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
الخطوة كانت سياسية بامتياز حتى لو كانت إعلامية، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح يمكن البناء عليها في مراجعة اتفاقية وادي عربة باتجاه إلغائها، لأن قضية الوصاية على المقدسات، برغم أهميتها ورمزيتها، موجودة في نص المعاهدة، ومن وقاحة السياسة الإسرائيلية أنها تعبث في نصوص المعاهدة وتختار ما تريد من دون احترام الطرف الآخر.
إن قرار طرد السفير الإسرائيلي سيمنح الحالة الشعبية جوا من الراحة الإيجابية، وينسجم مع الوجدان الشعبي الذي ينادي باستمرار بطرد السفير، وتنظيف عمان من السفارة والسفير.
وإذا تشجعت الحكومة وشربت حليب السباع وأوقفت اي تعاون مع الجانب الإسرائيلي في تسهيل استيراد المنتوجات الزراعية الإسرائيلية، حيث يشعر الإنسان بإحباط شديد عندما يرى المنتوجات الإسرائيلية تتصدر أرفف المحال في العاصمة عمان، وبكل وقاحة مكتوب عليها “من إسرائيل”، فإن صفعة أخرى على وجه نتنياهو يستحقها بعد المؤتمر، وبعد حركاته الصبيانه مع مجرم السفارة في عمان.
نعرف صعوبة فاتورة التراجع عن العلاقة مع الكيان الصهيوني، لكن في السياسة كل شيء ممكن، ففي يوم من الأيام، وضع الملك الراحل مصير معاهدة وادي عربة في كفة، وسلامة قائد حماس في كفة أخرى.
ستبقى معاهدة وادي عربة مرفوضة شعبيا مهما حاول مهندسوها تزيين إيجابياتها وإنها تساعد في تخفيف الحصار عن الشعب الفلسطيني, فلا هي تخفف الحصار، ولن تجلب لنا منافع السلام الموهومة, ولن يصلنا منها إلا مياه قذرة من بحيرة طبريا.
لا يحتاج مؤتمر تل أبيب ولا النكرات الثلاث مقالات وتحليلات وقراءات، فهو لا يتجاوز فعلا سخيفا لا وزن ولا قيمة له، فلا تجعلوا منه قضية تحتاج حملات وطنية لوأدها.
فلسطين هي فلسطين، والأردن هو الأردن، شاء من شاء وأبى من أبى، نقطة… أول السطر.
الدايم الله…..