لا بد من يالطا وإن طال السفر

لا بد من يالطا وإن طال السفر

المغرب الرياضي  -

لا بد من يالطا وإن طال السفر

بقلم - اسامة الرنتيسى

 كانت لي مداخلة في مؤتمر عُقد في 23 أبريل 2018 في جمهورية القرم بمدينة يالطا بحضور سيرغي اكسيونوف، رئيس الجمهورية، عن التواصل الحضاري بين العالم الإسلامي وروسيا تاريخياً والتي تتشعب في عدة مجالات منها التبادل والتعاون الإنساني والمعرفي والاقتصادي والسياسي. يبدو أن العلاقة الحضارية التاريخية المميزة بين الشعوب هي صمام الامان ضد التطرف الديني والانسياق وراء سيناريوهات صدام الحضارات وإثارة نعرة الكراهية والعنصرية ما يحول دون نصب حواجز وهمية تعيق التقارب بين الشعوب.

ففي دول مثل روسيا مثلا يبلغ عدد سكانها قرابة 130 مليونا هناك 20 مليون مسلم يعيشون في كنف الحكومة الروسية  يمارسون معتقداتهم ويحترمون العبادات الأخرى بالطريقة التي تحترم هي الاخرى القوميات المسلمة في الاتحاد الروسي. لذلك، فالبناء على القواسم يلغي فكرة التطرف والراديكالية التي لا توصل الا الى الهاوية.

إذا ما عدنا الى الوراء قليلا نرى أنه لو لم يكن هناك تبادل حضاري ومعرفي انساني لما توصل العالم الى ما توصل اليه من ابتكارات واختراعات افادت البشرية جمعاء. لذلك لا بد من التعايش الحضاري مع الاخذ بالاعتبار أن الاختلاف في وجهات النظر لا يعني العداء والكراهية لأن التربة التي نشأ منها الانسان متنوعة. فعلينا تفهم سنن الوجود وأن الجنة بـ”دون الناس لا تداس” فلا بد من التعايش والتعاون بين الشعوب لخدمة الإنسانية وتعزيز الأمن الفكري والسلم الاجتماعي وهزيمة الفكر المتطرف بنشر مفهوم المساواة بين الاعراق والديانات والمذاهب.

والسؤال المهم هنا هو لماذا يظهر الارهاب في دول الشرق الاوسط؟ إن الجواب يكمن في أن قادة التطرف سيتغلون دعم الدول سياسيا وماليا لهم لإحداث تغيير مجتمعي وفكري عبر ترويج افكار ونظريات لصراع البشرية دينيا ومذهبيا وفكريا وثقافيا مدججين بماكينة اعلامية ضخمة عالمية تروج لهم، تقودها وكالات استخبارات دولية لها مصالح من تأجيج التطرف بأنواعه ليس بين الشعوب فقط بل بين الاعراق انفسها وفي ذلك كارثة انسانية.

ولا يمكن تجاوز تلك المعضلات الا من خلال معالجة الخلل في وظيفة الوعي والتفكير لانهما السبب في المآسي الإنسانية العديدة. فأين قيم التسامح التي تنادي بها الديانات جميعها والتي تدعو الى التواصل والتراحم والتعاضد لخدمة البشرية.

لقد ولدنا على طينة الاختلاف والتنوع والتعددية وفي ذلك سُنة الهية ورحمة ربانية. لذلك لا بد لنا من أن نوظف الفكر البناء وننمي الوعي والادراك الفردي والمجتمعي من أجل الوصول الى الغاية وهي السلام الذاتي والسلام مع الآخر والا سنبقى في دوامة الصراع الابدي حيث لا حل يلوح في الافق.

إن نتائج الحرب العالمية الاولى والثانية وما أسفر عنه الارهاب في عدة دول تدعونا الى التأمل والتفكير في هذه الكوارث المفزعة التي شهدها العالم وخصوصا الشرق الاوسط من حروب بدءا من العراق الى سوريا واليمن وليبيا وغيرها. فلا بد من  تفعليل نظرية التلاقي والتواصل والتعاون والتحالف ما بين الحضارات لأن المستفيد من هذا الصراع هو التطرف والارهاب في غياب الوعي والبصيرة. لا بد من التعايش السلمي بين البشر ولا بد من تعزيز الاحترام والتفاهم بينهم عبر نشر ثقافة التعايش السلمي لما فيه خدمة للعالم ولشعوبه لأن ذلك يبعد عن البشرية البغضاء والكراهية والتمييز لانها متنتة.

نسمع مصطلحات مثل الحرب على الارهاب منذ زمن طويل ولم يتم التخلص من هذه الآفة الى اليوم. والسبب الحقيقي هو عدم مخاطبة ومعاجلة الفكر المتطرف. فنحن زرعنا التطرف عبر مناهجنا وعبر اعلامنا وهم زرعوه بنفس المقدار ما أوصل البشرية الى طريق يؤدي حتما الى الهاوية. فالتصدي لظاهرة العنصرية والكراهية للآخر يجب أن تنبع من خلال برنامج شامل يركز على العوامل والقواسم المشتركة بين الشعوب وأن الاصل الانساني واحد بعيدا عن التفرقة وحساسية الاسلاموفوبيا.

فكلما ابتعدنا عن التفرقة فيما بيننا، تمكنا من محاربة التطرف، وقضينا على بذور الارهاب الداخلي فينا ممهدين الطريق للسلم والحوار بدل الحديد والقتل والنار والدمار. لذلك علينا التنبيه إلى أن القضاء على التطرف والارهاب يكون على أسس علمية بحتة من خلال تعميق الحوار البناء والتواصل الحضاري بين الشعوب لتعزيز قيم العدل والمساواة بين البشر.

 

GMT 00:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الأوروبي ... أوهام ديغولية

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

GMT 04:40 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اليمن بين الإنسانية والسياسة

GMT 11:28 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن الإقليمى و«مصالح أهل المنطقة»

GMT 09:07 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محاولة لفهم «ترامب»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا بد من يالطا وإن طال السفر لا بد من يالطا وإن طال السفر



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 19:00 2017 الخميس ,18 أيار / مايو

الوداد يسثني أعراب في صورة لأبطال المغرب

GMT 23:05 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

لقجع يلمح إلى إهتمام المغرب بتنظيم "كان" 2019

GMT 03:03 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

"سارة الدوسري" تصيب برونزية بطولة أمير الكويت الدولية

GMT 15:23 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

عراقيل متنوعة تسيطر عليك خلال الشهر

GMT 15:14 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

شبان وفتيان المغرب التطواني يفوزان على شباب خنيفرة

GMT 14:06 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

غريندل يوضّح أهمية فوز المنتخب الألماني على هولندا

GMT 21:35 2017 الثلاثاء ,18 تموز / يوليو

زكرياء الهاشيمي يغيب عن أول تدريب له مع الوداد
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib