بقلم - أسامة الرنتيسي
منذ القرار التأريخي بإنشاء نقابة للمعلمين التي استبشرنا بها خيرا، لم نسمع عن إنجازات تذكر لمجالس النقابة المنتخبة، إلا أننا نسمع دائما تهديدات بإضرابات وقودها للأسف أبناؤنا الطلاب، لمصالح شكلية للمعلمين، وبعثات حج وعمرة.!
آخر إبداعات النقابة، التي على رأسها منذ التأسيس بعثي، لكن قرار مجلسها إخواني، الدعوة لإضراب مفتوح صباح الخميس احتجاجا على قرار إداري تنظيمي لوزارة التربية بوضع البصمة في مدارسنا لتنظيم دوام المعلمين.
من يرفض من المعلمين نظام البصمة في المدارس هو بالمطلق ضد النظام والتنظيم، وهو يؤشر على انه لا يرغب الالتزام بساعات العمل، ولا يلتزم أصلا، ويعتقد ان وظيفته في المدرسة إكمال حصصه التعليمية ومغادرة المدرسة، وكأن التعليم فقط هو إعطاء الحصة، وكفى المؤمنين شر القتال.
مهما غلف مجلس نقابة المعلمين قراره بالدعوة للاعتصام بأنه ضد نظام الخدمة المدنية والتقارير السنوية، فلن يصدقهم أحد، لأن عنوان الإضراب احتجاج على نظام البصمة، وهذا ليس في مصالحهم.
دائما يضع مجلس نقابة المعلمين في مواجهاته مع الحكومة ووزارة التربية، طلابنا وقودا لتوجهات أعضائه، الذين يضعون أولياء الأمور ضدهم فورا، فلا أحد يقبل ان يتم التهديد بالإضراب على حساب يوم طلابنا الدراسي، ولا أحد يخاف الله يفرح عندما يجد طلابنا متسربين صباح الخميس من مدارسهم لأن المعلمين مضربين احتجاجا على قرار إداري يتعلق بتنظيم دوامهم.
أكثر من خمسين عاما ونحن نطالب ونشارك المعلمين في نضالهم من أجل إنشاء نقابة مهنية، وإصدار قانون للنقابة بأركانه الأربعة (إلزامية العضوية، الاستقلال المالي والإداري، ولاية القضاء في فض الخصومات، وحق المطالبة برفع العلاوات والأجور)، لكن أسلوب التصعيد والإضراب وتعطيل العملية التربوية وحرمان الطلبة من حقهم في يوم دراسي لا يرضي أحدا.
في الدول المتحضرة، التي وصلت فيها الحياة النقابية إلى أعلى درجات التطور، ابتكروا وسائل عديدة لإعلان الإضراب، خاصة في القطاعات التي لا تحتمل إضراب العاملين فيها، كالأطباء والممرضين مثلاً، وكذلك المعلمين الذين يرسمون مستقبل الأجيال المقبلة.
اليابانيون مثلاً ابتكروا وسائل متحضرة لإضرابات أكثر تحضراً، ففي بعض القطاعات الحساسة يلتزم العاملون كلهم في ذلك القطاع بدعوة الجهات التي تمثلهم للإضراب، من خلال وضع ربطة على اليد بلون معين تحدده النقابة، تؤشر من خلالها إلى أن هذا الموظف أو العامل ملتزم بالإضراب، لكنه في الوقت ذاته يؤدي عمله بتفان وإخلاص حتى لا يحسب عليه أنه عطل العمل، وأوقف عجلة الإنتاج.
قطاع المعلمين الذي يعد من أكبر القطاعات العمالية في الأردن (150 ألف معلم عامل ومتقاعد)، عليهم مغادرة لغة التهديد واستغلال طلابنا في مطالبهم النقابية، ولتدعُ إلى اعتصامات مفتوحة بعد انتهاء اليوم الدراسي أمام مجلس الأمة أو مجلس الوزراء، ولتعمل أي شكل من أشكال النضال السلمي لتحقيق أهدافها، ولتحشد كل وسائل المساندة من مختلف القطاعات السياسية والشعبية، على ألا يكون هذا على حساب الطلبة وأعصاب أهاليهم.
الدايم الله…….