يوم أسود تعيشه القدس عاصمة الكون، يشبه سواد وجوهنا بعد أن انتشر السواد والخواء والخراب والدمار كل ما حولنا، وجاء دور القدس لترفع فيها الولايات المتحدة الأمريكية علمها نوعا من الاعتراف بأنها عاصمة لإسرائيل.
لا اعتراف ترامب ودولته والدول الزبانية حوله، ولا الفرح الإسرائيلي المرعوب، يغير سنتيمترا واحدا في القدس، فهي العاصمة الأبدية لفلسطين، شاء من شاء وأبى من أبى.
العالم جميعه، دوله وشعوبه؛ منذ السادس من ديسمبر، يوم أعلن ترمب قراره، لم تقدم دولة محترمة على تأييد القرار، بينما هناك غضب عالمي من رعونة القرار وهوجه ومخاطره على السلم العالمي.
هناك من يراهن على أن عربا سيحضرون الاحتفال، لكن لا يوجد عربي رسمي واحد يتجرأ على أن يكون في هذا اليوم الأسود شاهدا على افتتاح السفارة، مهما كان حجم التخاذل الرسمي العربي والتهاون والانبطاح تجاه أمريكا، وربيبتها إسرائيل.
لن تتألم الولايات المتحدة وإسرائيل كثيرا من التحرك العربي والإسلامي اللفظي والغاضب، بل تتألمان عندما تتعرض مصالحهما الكثيرة للخطر، في الدول العربية والإسلامية، وتهديد شرفاء الأمة والعالم الحر بقطع العلاقات، ووقف التعاملات التجارية والتعاقدية معهما، وطرد سفرائهما من عواصمهم…
قبل سنوات نجحت خطط سخيفة في إثارة العالم الإسلامي، مع أن كل عربي ومسلم يعرف أنْ لا قيمة لهذه الأعمال، بدءا من الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول، إلى الفيلم السخيف الذي لا يرقى إلى حَدِّ استحقاق المشاهدة، لأن الشخص العظيم لا تَمسّه مثل هذه الأعمال، التي وقود أصحابها الفتنة، وعقول صانعيها التخريب.
في العالم العربي والإسلامي هناك ما يستحق الثورة أكثر من أعمال سخيفة كرسم او فيلم تافه، هناك القدس، فهل نَسيتُم القدس يا عرب ويا مسلمين.
في المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية الشهيرة بالرعاية الأمريكية في واي ريفير في 23 أكتوبر 1998 ، عندما وجّه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون حديثه بالنصيحة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بأن عليك أن توافق فورا على العرض الإسرائيلي بالانسحاب من 91 % من أراضي الضفة الغربية، لأنك لن تحصل على أفضل من ذلك مستقبلا، ردّ عرفات بلهجته المصرية المكسّرة، “إلا القدس يا سيادة الرئيس، ما اقدرش، دي وراها مليار مسلم، وهي في عهدة كل الحكام العرب والمسلمين .”
القدس التي تُنفّذُ حكومات إسرائيل ومنظمات المستوطنين منذ سنوات خطة لتطويق المدينة القديمة بتسع حدائق عامة وممرات للمشاة وغيرها من المواقع، بهدف إجراء تغيير جذري في الوضع القائم في المدينة، لتعزيز القدس عاصمة لإسرائيل.
الخطة كانت سرّية جدا، والآن اصبحت في العلن والدافع من ورائها، كما قالت منظمة إسرائيلية مستقلة، مستوحى من أيديولوجية اليمين المتطرف، لفرض هيمنة إسرائيل على المنطقة الواقعة حول المدينة القديمة.
والخطة واضحة تماما، وتريد أن تُخرج القدس من أي مشروع لحل سياسي في المستقبل، كما تُخرج إسرائيل الآن قضية حق العودة من أي مشروعات سياسية.
إن ما يُجرى في القدس المحتلة حاليا، مجرد حلقة من مخطط يتم تنفيذه تباعا منذ الاحتلال الإسرائيلي في يونيو (حزيران) عام 1967 .
وما تتعرض له القدس خطير جدا، ولن تحميها الاجتماعات، وإصدار البيانات، وإقامة المهرجانات، وتأليف اللجان.
القدس، التي كانت ذات يوم عروس عروبتنا، مثلما أبدع الشاعر الكبير مظفّر النَّواب..
القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم ، وتنافختم شرفا
وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض ؟؟
فما أشرفكم…… ! .
الدايم الله……