أغنيتنا المغربية  إلى أين أغنيتنا المغربية  إلى أين

أغنيتنا المغربية .. إلى أين!؟ أغنيتنا المغربية .. إلى أين!؟

المغرب الرياضي  -

أغنيتنا المغربية  إلى أين أغنيتنا المغربية  إلى أين

عبده حقي

الفنون جميعها هي الشكل الرمزي واللامادي لروح الشعوب والأمم منذ الحضارات القديمة الفرعونية واليونانية والإغريقية و الرومانية وأخيرا الحضارة الإسلامية التي
تميزت بتمجيد وتقديس فن المعمار الروحاني فقط فيما حرمت من جهة أخرى وبشكل قاطع بالآيات والسنة والفتوى باقي الفنون الأخرى وخاصة الاحتفاء بجمالية الجسد ونحوته ومراقصته والشدو بأصواته الرخيمة. قال الرسول الكريم ص: «صوتان ملعونان، صوت مزمار عند نعمة، وصوت ويل عند مصيبة» (إسناده حسن، السلسلة الصحيحة 427).
وإذا كانت الفنون قد تطورت تماشيا مع تقدم الإنسانية الفكري والعلمي والإبداعي ومحاكاتها للواقع وتمثلها لخصوصياته واستشرافها لآفاقه فإن الموسيقى والطرب ظلتا مهيمنتين بشكل ناتئ على ذائقة الإنسان لارتباطهما أساسا بطبيعة فيزيولوجيته صوتا وترنيما وتطبيلا في الأعراس والأعياد والحقول وورشات الحرف والمهن التقليدية ..إلخ.
الأغنية المغربية بدورها عرفت تطورا مائزا منذ أوائل الخمسينات من القرن الماضي خصوصا في الفضاءات الأرستوقراطية كمقصورات الترفيه ومنتزهات الرياضات وقصور الأعيان وغيرها، وواكبها الإعلام الحديث ( الراديووالتلفاز) وواكبته أيضا مما ساعدها على الانتشار في كل ربوع البلاد فبرز ما سمي ب"الأغنية العصرية" التي استمدت حداثتها من انصهار التراث الغنائي المحلي مع دخول آلات العزف والإيقاع الغربية إبان الاستعمار ثم انتقال أداء الأغنية من زمرة الفرق التراثية والفولكلورية المعدودة العازفين إلى الأوركيسترا العصرية التابعة لدارالإذاعة الوطنية برئاسة الموسيقار أحمد البيضاوي والفرقة السيمفونية الملكية التابعة للقصر الملكي برئاسة المايسترو عبد السلام خشان.
ولم يكن للأغنية المغربية أن تحقق فرادتها وتميزها لولا انفتاحها وتفاعلها مع صنوتها في المشرق العربي وخصوصا في مصر ولبنان حيث عرفت عشرية الستينات سفريات عديد من الفنانين المغاربة من وإلى بيروت والقاهرة على الخصوص أسهمت كثيرا في تلاقح تجارب ملحنين ومطربين مغاربة ومصريين أمثال محمد عبدالوهاب وأم كلثوم ومحمد الموجي وعبد الحليم حافظ وعبد السلام عامر وعبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط وغيرهم من رواد الطرب العربي ما بعد الاستقلال.
غير أن مسار الأغنية المغربية سوف يعرف مع مطلع السبعينات منعطفا بارزا بتوجيهات ورعاية من أعلى السلطات في البلاد وذلك بانشغال روادها وانهماكهم في البحث عن نحت هويتها وخصوصيتها والعودة بها من طابعها الشرقي إلى الحفر في ذخيرة التراث الشعبي المغربي وثراء فسيفسائه وروافده الإثنية مما أدى إلى ظهور موجة من الأغاني الجديدة حققت انفكاكها السلس عن تماهيها مع الأغنية المصرية وكان رائد هذا التيار بلا منازع الملحن الإلمعي الراحل عبد القادر الراشدي إلى جانب فتح الله لمغاري وعبد القادر وهبي وحسن القدميري وعبد الرحيم السقاط هؤلاء الذين اقتعدت تجاربهم السبعينية أساسا على الاحتفاء بالمقامات الصوتية في العيوط الأمازيغية والإيقاعات التراثية كالعلاوي الشرقي والطقطوقة الجبلية والعيطة الدكالية والكدرة الصحراوية والكناوي الإفريقي ..إلخ.
إن هذه العودة النوستالجية المريرة اليوم إلى ماضي الأغنية المغربية الجميل يجعلنا نضع أيادينا على ذائقتنا وذوقنا حزنا وكمدا ويجعلنا نشعر بالحسرة على المسخ الذي وصلت إليه بعد أن فقدت كل ملامح هويتها كلمات وإيقاعا وتلحينا وأداء بسبب سوء استثمار الجيل الجديد للتكنولوجيات الموسيقية الحديثة التي غررت بكل من هب ودب ليمتطي موضة الراب والتيكنو والشعبي وأوهمت خدعة النجومية كل متطفل على محراب الطرب الأصيل ، فكان ما نشاهده ونسمعه اليوم من اندحار غنائي الذي نصاب عند سماعه بارتفاع الضغط الدموي أو بما يشبه "التشرميل الغنائي".
إن الأغنية المغربية في حاجة اليوم إلى منظومة إنتاج احترافية .. رصينة وجدية تواكب الثورة التكنولوجية المتسارعة ودينامية التسويق والماركوتينغ الفني والإعلامي وفي نفس الوقت تراعي على مستوى وعائها النوعي والإبداعي موروثنا الموسيقي وقواسمنا السوسيوثقافية والتراثية السامية والنقية . فالتردي الذي ضرب جمالية الآداب العربية في الشعر والقصة القصيرة وغيرهما من فنون التعبير الأدبي بعد انتشار الإنترنت والتكنولوجيات الرقمية الحديثة هو نفسه الذي أصاب في الكبد الأغنية المغربية بعدما تم اقتلاعها قسرا من جذور منظومتها الإنتاجية الكلاسيكية العبقرية والتطويح بها إلى مختبر الفبركة السريعة بحثا عن شهرة مزيفة ومائتة في المهد.
غير أن هذا الواقع السوداوي لا يعدم من ظهور انفلاتات نادرة جدا ليس على المستوى المغربي والعربي فحسب بل على المستوى العالمي ولعل آخرها الأغنية الجميلة وعصارة الزمن المغربي الراهن التي أنتجها المطرب المغربي "ريدوان Redone" وعنوانها "BOOM ..BOOM" والتي أثارت ضجة فنية غير مسبوقة وحققت زهاء خمسين مليون مشاهدة على يوتوب وطافت على بساط الريح في الشبكة العنكبوتية كل القارات حتى أنها حققت مالم تحققه وزارة السياحة في عشر سنوات كما صرح بذلك أحد المطربين المغاربة وكما أثنى على إنتاجها من جانب آخرعديد من الصحفيين والفنانين المصريين والغربيين.
إننا في حاجة إلى جيل كادح فنيا مثل "ريدوان" الذي أنتج خلال مسيرته الفنية العديد من الأغاني تعاون فيها مع نخبة من ألمع المغنيين العالمين أمثال: مايكل جاكسون، ليونيل ريتشي، الشاب خالد، شاكيرا، ليدي غاغا، جنيفر لوبيز، إنريكيه إغليسياس ..إلخ.
فإلى متى ستظل شهرة المغرب العالمية رهينة بمشاهير مغاربة الخارج في الفن كما في الرياضة وغيرها من مجالات الإبداع والتألق العالمي ...

GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أغنيتنا المغربية  إلى أين أغنيتنا المغربية  إلى أين أغنيتنا المغربية  إلى أين أغنيتنا المغربية  إلى أين



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 11:17 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يؤكد عدم تخليه عن حمدي في محنته خلال حفل الرواد

GMT 22:56 2017 الإثنين ,28 آب / أغسطس

البزغودي لاعب الجيش يخضع لفحوصات طبية

GMT 15:33 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أولاس يشيد بفريقه قبل مواجهة شاختار دونيتسك الأوكراني

GMT 10:19 2022 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

وليد الركراكي يرُد على منتقديه بسبب عبد الرزاق حمدالله

GMT 05:44 2022 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد النني يُهدي الشيخ مشاري راشد العفاسي قميص أرسنال

GMT 22:45 2022 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبات غولف «أرامكو» في مواجهة الإعلام بجدة

GMT 08:27 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحدى مانشستر سيتي اليوم في الدوري الإنكليزي

GMT 21:10 2022 الأحد ,22 أيار / مايو

كريم بنزيمة يثير الجدل بعد قرار مبابي

GMT 11:34 2022 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

مفاوضات في تجديد عقد ساديو ماني مع ليفربول

GMT 19:32 2022 الإثنين ,07 شباط / فبراير

مغربيان في التشكلية المثالية لكأس أمم إفريقيا

GMT 13:33 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

"المنتخب المغربي" يخضع إلى فحوصات كوفيد-19
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib