عبدالعالي حامي الدين
لابد من فهم رسالة احتجاجات الطنجاويين الحضارية ضد شركة «أمانديس» ووضعها في إطارها الصحيح..
يتعلق الأمر بتذمر شعبي كبير من أداء هذه الشركة، خاصة فيما يرتبط بغلاء الفواتير، وعدم شفافيتها بالنسبة إلى عموم المواطنين.
«أمانديس» تقدم خدماتها لساكنة طنجة بموجب عقد التدبير المفوض الذي يربط بينها وبين العديد من مدن الشمال، من بينها طنجة وتطوان والشاون.
في هذا الباب، وجب التذكير بأن هذا العقد ينتمي إلى الجيل الأول من عقود التدبير المفوض التي أبرمتها العديد من المدن مع الشركتين الفرنسيتين «فيوليا» (أمانديس وريضال في بلديات الشمال والرباط ومحيطها) و»سويز» ( ليديك في الدار البيضاء ومحيطها )، والتي تمت هندستها القانونية والتدبيرية منذ عهد وزير الداخلية القوي إدريس البصري، عندما كانت أم الوزارات تحكم قبضتها على الجماعات الترابية..
الآن، تطورت الأمور وارتفع منسوب الوعي عند الناس عموماً، وأصبحت تطلعاتهم إلى خدمات جيدة أكثر إلحاحاً، خصوصاً مع ظهور جيل جديد من المنتخبين عازم على الإنصات إلى الناخبين والتجاوب مع انتظاراتهم.
كما أن سطوة الداخلية على الجماعات الترابية لم تعد كما في السابق. وبالتالي، فلابد أن يترجم وعي المواطنين بالموازاة مع التحول الحاصل في النخبة المحلية في علاقة المدن بشركات التدبير المفوض، ومن تم لابد من ظهور جيل جديد من عقود التدبير المفوض أكثر ديمقراطية وأكثر احتراما لحقوق المرتفقين.
احتجاجات الطنجاويين ضد «أمانديس» هي نوع من التعبير العفوي للمرتفقين عن هذه الحاجة الملحة لإيجاد جيل جديد من عقود التدبير المفوض.
غير أنه وجب التنبيه، إلى الوجه الخفي لهذه الاحتجاجات، وهو ما برز من خلال محاولة ركوب «زعيم» التحكم عليها، وإذكاء شعلتها عبر العديد من المواقف الفاقدة للمصداقية كرفض أداء فاتورة كهرباء مكاتب مجلس الجهة، والتدخل في الاختصاصات الذاتية للجماعة الترابية بطنجة، عبر المطالبة بفسخ عقد التدبير المفوض مع «أمانديس»!!
أقول إنها فاقدة للمصداقية لأن رمز التحكم الظاهر كان يدير مدينة طنجة عبر أخيه الذي مازال يصر على ترؤس هيئات فقد صفة التواجد فيها، والكل يتذكر كيف أسندت عمودية مدينة طنجة، ومع ذلك لم يقم بأي شيء مما ينادي به الآن من تدابير اتجاه «أمانديس».
كيف للتحكم أن ينادي اليوم بفسخ التعاقد مع «فيوليا»، بعد أن طرده طنجاوة من التدبير؟!
إن فريق المنتخبين الجدد مؤهلون بكفاءتهم ومحصنون بثقة طنجاوة قادرين على إصلاح الأعطاب التي لحقت بمصالح المدينة بسببكم، وتحسين أداء شركاء التدبير المفوض بما فيه مصلحة المدينة وساكنتها دون ابتزاز لـ»أمانديس»، أو لأصحاب القرار الذين يتأثرون بأوضاع فيوليا وسويز في باريس..
لا مجال لنصب مكائد جديدة لمنتخبي العدالة والتنمية في علاقتهم بشركات التدبير المفوض، وهم أبناء الشعب الذين يشعرون بمعاناته عن قرب، لأنهم عازمون على تطوير علاقات التدبير المفوض بشكل أكثر ملاءمة لواقع الديمقراطية المحلية، مع الإيمان في الوقت نفسه بضرورة تعزيز الشراكة مع الفاعلين أنفسهم لـ»فيوليا» وغيرها، والعمل على استمراريتها وتطويرها، وخاصة وأن مسؤولي شركة «أمانديس» أظهروا استعدادهم التام لذلك، وهو ما سيمكن من تذليل كل الصعوبات، وتخطي المشاكل الحالية وتحسين الخدمات والرفع من جودتها وعقلنة كلفتها، بعيدا عن كل ابتزاز، ودون السقوط في مكائد عابرة للبحار.