اقتصاد العالم قمة الأزمة وقاع التشاؤم

اقتصاد العالم: قمة الأزمة وقاع التشاؤم

المغرب الرياضي  -

اقتصاد العالم قمة الأزمة وقاع التشاؤم

بقلم : عماد الدين أديب

نظرة واحدة على اعتذارات مؤتمر «دافوس» لهذا العام، يمكن أن توضح للإنسان أن كثيراً من زعامات العالم مأزوم داخلياً إلى حد أنه غير قادر على ترك بلاده لبضعة أيام للمشاركة فى هذا المنتدى الأشهر عالمياً فى مجالى المال والأعمال والاقتصاد.

منتدى «دافوس» الاقتصادى أسسه كلاوس شواب عام 1971 فى مدينة دافوس السويسرية، وهى منتجع جليدى تبلغ مساحته 284 كيلومتراً مربعاً لقرية صغيرة تضم 11 ألفاً من السكان على ارتفاع 1559 متراً.

يتسابق زعماء العالم، وكبار رجال الأعمال سنوياً وفى شهر يناير من كل عام، على المشاركة بفاعلية فى هذا التجمع بهدف تسويق أفكارهم وبلادهم وشركاتهم.

هذا العام كان هناك أكثر من متحدث رئيسى منهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والرئيس الصينى «بينج»، ورئيسة وزراء بريطانيا «تريزا ماى»، ورئيس وزراء لبنان المكلف سعد الحريرى، جميعهم اعتذروا.

«ترامب» لا يمكن له أن يغادر واشنطن بطائرة رئاسية ونفقات حكومية، وهناك تجميد للإنفاق الحكومى منذ 32 يوماً بسبب الخلاف حول بنود الموازنة العامة الجديدة للبلاد.

وحسب النظام، والقوانين، والتشريعات الأمريكية إذا اختلف الرئيس (السلطة التنفيذية) مع البرلمان (السلطة التشريعية) ولم يتوافقا على إقرار صيغة نهائية للميزانية العامة، يتم التوقف تماماً عن صرف أية نفقات أو أجور أو رواتب لأى مستخدم فى الحكومة الفيدرالية.

وبهذا المعنى، فإن هناك أكثر من 800 ألف موظف فيدرالى لم يتقاضوا رواتبهم أو أى مميزات مادية أو مكافآت منذ 32 يوماً، وأيضاً تم تجميد أى بنود صرف لأى مجال من مجالات الإنفاق للحكومة الفيدرالية.

هذا الأمر أدى إلى تذمر شديد داخل قطاعات كبيرة فى المجتمع التى ترفض أن تدفع فاتورة خلاف الرئيس مع الكونجرس حول حجم تمويل بناء سور أمنى على الحدود الأمريكية المكسيكية، ذلك أيضاً أدى إلى اضطرار ضباط حراسة حدود أو مراقبين جويين للعمل خارج الدوام فى أعمال مؤقتة بالساعة.

كانت كلمة «ترامب» الموعودة مقرراً لها الأسبوع الأخير من المؤتمر فى «دافوس»، وكان الجميع ينتظرها بشغف بعد عام من العقوبات التجارية والاقتصادية الأمريكية على بلدان عديدة من الصين لليابان، ومن المكسيك إلى كندا، ومن كوريا الشمالية إلى إيران، ومن مقاطعة مالية للأونروا واليونيسكو ومؤتمر البيئة فى باريس.

أما السيدة «تريزا ماى» فهى تعيش فى قاع أزمة البريكست بعدما وصلت إلى طريق مسدود فى التعامل مع هذا الملف، فهى لم تستطع أن تقنع دول الاتحاد الأوروبى، ولا معظم أعضاء حزبها الحاكم، ولا المعارضة فى البرلمان، ولا الرأى العام بإمكانية وجود اتفاق مقبول -كحد أدنى- من جميع الأطراف ينظم عملية الخروج من الاتفاق مع الاتحاد الأوروبى بأفضل شروط وبأقل الأضرار.

الشىء الإيجابى الوحيد للسيدة «ماى» هو أنها نجت بصعوبة من عملية تصويت بعدم الثقة ضد حكومتها، واستطاعت الاستمرار هى وحكومتها على قيد الحياة سياسياً حتى إشعار آخر.

لذلك اعتذرت السيدة «ماى» عن ترك «10 داوننج ستريت» حيث مقر إقامتها الرسمية ومعارك البرلمان والمطالبة باستفتاء جديد أو استقالة الحكومة بعدما غادرها أكثر من 12 وزيراً قدم استقالته احتجاجاً على مشروع «البريكست».

الرئيس الصينى «بينج» الذى اعتبروه -عالمياً- أحد مهندسى المعجزة الاقتصادية الصينية، اعتذر هو الآخر عن عدم حضور «دافوس».

يصعب على الرجل الذى تم تعديل الدستور من أجل «خاطر عيونه وإنجازاته» بحيث يصبح رئيساً مدى الحياة وليس رئيساً لمدتين، أن يغادر بكين بعد التقارير المالية المخيبة للآمال حول الأداء الاقتصادى للعام الأخير.

كانت الصين قد حققت معدلاً عظيماً فى التنمية، بحيث استطاعت أن تصل إلى معدل نمو بلغ ما بين 10 و12٪ سنوياً لمدة عشر سنوات متصلة، وهو ما اتفق الجميع على أنه «عمل جبار وإعجاز مالى واقتصادى».

هذا العام جاءت النتائج مخيبة للآمال بعد التباطؤ الاقتصادى الصينى الذى أدى إلى هبوط معدل التنمية السنوى إلى أقل رقم وصل إليه منذ 30 عاماً على الأقل.

هذه الأزمة تعود جزئياً إلى التباطؤ فى الاقتصاد العالمى وانخفاض معدلات الطلب على البضائع والإجراءات العقابية والحمائية التى قام بها الرئيس «ترامب» ضد الصين.

أما رئيس الوزراء المكلف سعد الحريرى، فقد كان حلمه أن تكون هناك حكومة مؤلفة وقوية وأن يذهب بفريق متميز من الخبراء ورجال الأعمال لاستخدام منصة مؤتمر «دافوس» الشهير للتسويق والترويج للاستثمار المباشر والشراكة مع كل قطاعات المال والأعمال فى لبنان.

كان الرئيس الحريرى يسعى إلى أن تكون دافوس محطة إيجابية لتنشيط خطة عمل اتفاق «سيدر».

كل ذلك كان يعتمد على أن يذهب، وهو رئيس لحكومة حية، فاعلة، ذات توافق وشرعية.

من هنا وجد الرئيس الحريرى أن يؤجل -حتى الآن- السفر أو يلغيه تماماً إلى دافوس وتضيع على لبنان فرصة ترويج وتسويق مهمة.

باختصار، نحن أمام عالم مضطرب سياسياً، مأزوم تجارياً، مجهول المستقبل مالياً، قلق نفسياً إلى حد أن أكبر زعامات العالم وجد نفسه مضطراً أن يلزم بيته أو مكتبه فى بلاده لأن الظروف صعبة ولا تسمح بترك الأوضاع وهى فى قمة الأزمة وقاع التشاؤم.

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اقتصاد العالم قمة الأزمة وقاع التشاؤم اقتصاد العالم قمة الأزمة وقاع التشاؤم



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 00:24 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

منتخب المغرب لكرة اليد يخوض أول تدريب في الغابون

GMT 13:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أول اغسطس" يعترف بمفاوضات الأهلي مع اللاعب دا كوستا"

GMT 23:24 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

مستقبل لويس إنريكي يشهد تطورات مفاجئة مع "برشلونة"

GMT 00:07 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيراري يسعى إلى تشكيل بطولة بديلة للانسحاب من "فورمولا 1"

GMT 15:30 2022 الإثنين ,31 كانون الثاني / يناير

"الكاف" تنفي وقوع اعتداء علي فوزي لقجع

GMT 05:57 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

المعارضة تجرب أسلحة جديدة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib